"تايم" الأمريكية: الرقة آمنة وحركتها التجارية منتظمة تحت حكم "الإسلاميين"


 توفر كميات من اللحوم والخضار الطازجة وعودة الحركة إلى الأسواق و المتاجر

قصر المحافظ مقراً لأمير جبهة الوحدة والتحرير


 تحت عنوان "كيف يحكم الإسلاميون محافظة الرقة"، نشرت مجلة "تايم" الأمريكية تقريراً من قلب المحافظة الخارجة عن سيطرة النظام السوري، أوضحت فيه أن الرقة كانت تسمى بداية الاحتجاجات "فندق الثورة" لكثرة ما استقبلت من حشود النازحين السوريين، والذين قاربوا مليون نازح، آوتهم الرقة وقدمت لهم الأمان في وقت كانت معظم المناطق السورية تشتعل قتالا.
 لكن الرقة سرعان ما تحولت من منطقة وادعة في نظر النظام إلى محافظة تقض مضجعه، بعدما نجح الثوار في جعلها أول مركز محافظة يسقط بأيدي الثوار، وذلك أوائل الشهر الجاري.
 
3 نقاط فقط
 
ورأت "تايم" أن النظام ربما يفقد السيطرة على كامل محافظ الرقة في غضون أيام، حيث لم يعد يمتلك سوى 3 نقاط، هي الفرقة 17 التي تبعد بضعة كيلومترات عن مدينة الرقة، ومطار الطبقة العسكري، واللواء 93 في عين عيسى، وكل هذه المواقع تتعرض لهجوم وحصار محكم من قبل الثوار.
 وفي الجو كما في الأرض، تبدو سيطرة النظام شبه متلاشية، حيث لم تعد الرقة تشهد سوى طلعات قليلة من الطيران، معظمها موجه لمحاولة إمداد الفرقة 17 المحاصرة، ومحاولة تخفيف الضغط عنها، وهكذا فقد غدا القصف الجوي والمدفعي باتجاه المدينة أمراً نادراً هذه الأيام.
 
وتصف المجلة حالة الخدمات في المدينة، فتقول إن شوارعها باتت نظيفة، وفترات انقطاع التيار الكهربائي قصيرة، أما خدمة الهاتف الجوال فتم إيقافها قبل أيام، فيما لاتزال الهواتف الأرضية تعمل.
 وفي الأسواق تتوفر كميات من اللحوم والخضار الطازجة، وإن كانت الأسعار قد تضخمت، وأغلب المتاجر في الشارع التجاري (شارع تل أبيض) مفتوحة وتبيع بضائعها المختلفة، بدءاً من من الألبسة، وانتهاء بالأحذية والسجاد.
 
وحدها الأفران تشهد في الإجمال وقوف صفوف طويلة من الناس أمامها، لأن تشغيلها يتم ليلاً فقط، تفادياً لغارات طيران الأسد، الذي لا يستطيع شن هجماته في الظلام، وقد لجأ الرقاويون إلى هذا الحل بعد عدة مجازر ارتكبتها قوات الأسد بحق مدنيين واقفين أمام الأفران، في مناطق مختلفة من البلاد.
 
دمار بسيط

 ولاتبدو مدينة الرقة بعيون "تايم" مدينة مصابة بالدمار، باستثناء أبنية قليلة، حتى إن بعض صور بشار لا تزال باقية على حالها، كما هي الحال في الصورة المعلقة على مبنى نقابة المهندسين الزراعيين، وأخرى على مبنى كلية الهندسة المدنية، في حين أن علم النظام يرفرف على مشفى النساء المؤلف من 3 طوابق.
 وطبقا لسكان من الرقة فإن معركة التحرير كانت قصيرة، بدأت في الصباح الباكر من 2 آذار/ مارس، حيث انسحب أغلب جنود الحواجز المحيطة بالمدينة أو هربوا خلال يوم واحد، فيما احتدمت المعركة حصراً على مركزي الأمن العسكري والسياسي، ودامت 3 أيام، وبمجيء يوم السابع من آذار كانت مدينة الرقة تحت سيطرة الثوار بالكامل.
 وأكدت "تايم" أن الرقة نجت حتى الآن من تدمير النظام ومن الفوضى التي كان يتم التلويح بها فيما لوسقطت سلطته في المدينة، فالمصارف والأموال محفوظة، والمراكز الحكومية بما فيها مقرات الأمن لم تخرب، كما إن الوثائق الرسمية لم تتلف، أما الكنيستان الللتان تضمهما المدينة، فمحميتان تماماً.
 
ويستعرض تقرير "تايم" الكتائب التي ساهمت في تحرير الرقة، وعلى رأسها جبهة النصرة و"أحرار الشام"، وغيرها من الكتائب الإسلامية.
 تولت كتيية أمن تابعة لـ"أحرار الشام" عملية ضبط الأمن في المدينة، والحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة، كما يوضح قائد الكتيبة "أبو طيف" -خريج التاريخ- الذي يكشف أنه كان لديهم خلايا نائمة في الرقة، وعندما بدأ الهجوم تحركت هذه الخلايا وساعدتهم في تنفيذ خطتهم.
 هناك على الجدران بعض العبارات التحذيرية، مذيلة بتوقيع جبهة النصرة، من قبيل "يد السارق ستقطع"، وهي عبارة مكتوبة على أكثر من جدار، بما في ذلك جدار المصرف العقاري التابع لحكومة النظام.
 
الدكتور "الأمير"
 
وقد أفاد عدد من قادة الكتائب الإسلامية، أنهم منعوا المشكوك في انتمائهم للجيش الحر من دخول الرقة، كما يوضح "أمير" جبهة الوحدة والتحرير الدكتور سامر: "لم نمنع الجيش الحر، بل منعنا أولئك المشتبه في أنهم سيحدثون مشاكل في المدينة".
 وتعرف "تايم" بالدكتور سامر، الذي يبلغ 32 عاما، الذي كان يتابع دراسته في اختصاص الجراحة، عندما بدأت الثورة، وتصف كيف تحول إلى مجاهد يرتدي زياً أسود وذي لحية طويلة سوداء، لكنه مع ذلك يدخن خلافاً لأعضاء جبهة النصرة، قائلة إن "الأمير" سامر هو الذي ظهر يجلس بين محافظ الرقة وأمين فرع حزب البعث فيها، كما يظهر المقطع الذي صور احتجاز هذين المسؤولين.
 
وتقول "تايم" إن قصر المحافظ آل إلى الدكتور سامر، الذي يتخذه مقراً لوحدته، مبينة كيف حافظ الثوار على كل معالم الفخامة والأبهة في القصر، ولم يمسوا منها شيئاً.
 ويؤكد الدكتور سامر: المحافظ سيحاسب وفق ما يستحق، وسنضع نصب أعيينا حسناته وسيئاته.. سيحاكم وفق الشريعة، ولم يفصح سامر عما إذا كان يحتفظ بالمسؤولين الكبيرين أو أنه سلمهما لجبهة النصرة، لكنه يؤكد أن لامانع لديه في مبادلتهما بأسرى لدى النظام، حقناً للدماء.
 
ويشير الناطق باسم جبهة الوحدة والتحرير أن هناك حوالي 140 أسيراً من قوات جيش وأمن النظام، تم تحرير 40 منهم، فيما ينتظر البقية مقاضاتهم أمام محاكم شرعية.
 وتمضي "تايم" في التعليق على كيفية إدارة "الإسلاميين" لشؤون الرقة، مذكرة بالرسالة التي وجهتها جبهة النصرة في 17 آذار الجاري، تدعو فيها الموظفين الحكوميين للالتحاق بأعمالهم.
 
وتختم المجلة تقريرها بجملة لقائد كتيبة أمن الرقة "أبو طيف"، يقول فيه: إذا ساد السلام بين الناس هنا، فسنكون مثالاً يشجع المناطق الأخرى، لكن إذا فشلنا فإن الناس ربما ترفض فكرة التحرير من أصلها".

ترك تعليق

التعليق