النظام يفضل هبوط الليرة على سقوطه! ..وتعهد "المركزي" بدعم العملة المحلية يذهب أدراج الرياح


 
النظام يترك الليرة تواجه مصيرها الأسود مفضلا الاحتفاظ بالسيولة لدعم حربه
 النظام يبخل بدولاراته لدعم الليرة، ودولارات الثوار تبقيها متماسكة نوعا ما!
 
يبدو أن تعهد المصرف المركزي السوري يوم الأحد الماضي باتخاذ إجراءات لدعم  الليرة لم يعد قائماً بالفعل، وهو ما ضاعف التكهنات بأن السلطات لم تعد مستعدة لاستنزاف الاحتياطيات في دعم العملة.
و خلال الشهر الجاري وحده، فقدت الليرة نحو ربع قيمتها أمام الدولار؛ ما دفع مزيداً من السوريين الخائفين من تدهور عملتهم إلى تحويل ما لديهم إلى نقد أجنبي، معظمه بالدولار الأمريكي.

 وهبطت الليرة إلى مستوى قياسي لتصل إلى 126 ليرة مقابل الدولار يوم الأربعاء الماضي في السوق السوداء، ورغم تطمينات "المركزي السوري" فقد بقيت الليرة قريبة من هذا المستوى طيلة هذا الأسبوع.
 وفي مقابلة مع التلفزيون الرسمي يوم الأحد الماضي، أرجع حاكم المصرف المركزي السوري أديب ميالة هبوط الليرة في السوق السوداء إلى المضاربين، وتعهد باتخاذ إجراءات لدعم العملة.
 ورأى ميالة أن الهبوط يعود لعامل نفسي يتجلى في الخوف الزائد من تراجع الليرة، نافيا أن يكون هناك أي عامل اقتصادي وراء تدهور العملة الوطنية.

 لكن ميالة لم يقدم أي تفاصيل بشأن إجراءات دعم الليرة، كما إن الليرة بقيت متراجعة دون تحرك "المركزي"، ما أثار تكهنات بأن النظام ليس عنده استعداد لـ"التفريط" بما تبقى في جعبته من نقد لدعم الليرة، وأنه يفضل تركها تهبط على أن يسقط هو!
 ويتطلب دعم الليرة إنفاق مزيد من احتياطيات النقد الأجنبي، التي تعاني بالأصل هبوطا حادا، بفعل تراجع الإيرادات وتضخم النفقات المسخرة لآلة الحرب ضد الشعب.

 وقدر مسؤولون وخبراء اقتصاديون مستقلون احتياطيات النقد الأجنبي في سوريا بنحو 17 مليار دولار قبل بدء الثورة  منذ نحو عامين، وقد هبطت تلك الاحتياطيات حسب تقديراتهم إلى نحو 4 مليارات دولار في الآونة الأخيرة.

 والتقى ميالة يوم الثلاثاء الفائت بأصحاب مكاتب صرافة مرخصة ومؤسسات مالية، لكن الاجتماع لم يصدر عنه أي بيان، وهو ما زاد التكهنات بعدم وجود إجراء وشيك.
 وقال تاجر عملة في دمشق عبر الهاتف: بعد أول ظهور لميالة منذ أشهر، توقع الناس تدخلا قويا لكن هذا لم يحدث وهو ما زاد أزمة الليرة سوءا.
 وبقي سعر الليرة "مستقرا" نوعا ما أمام الدولار فترة جيدة، لكنه تراجع بشكل حاد منذ استيلاء الثوار على مدينة الرقة أوائل مارس/آذار، علاوة على سيطرتهم على معظم منطقة شمال شرق البلاد حيث يوجد كل إنتاج البلاد من النفط، ومعظم إنتاجها من الحبوب.

 وقال تجار عملة في دمشق عبر الهاتف إنه جرى تداول الليرة بسعرتراوح بين 115 و120 ليرة مقابل الدولار يوم أمس الأربعاء في السوق السوداء، بينما بلغ سعر الصرف الرسمي 97 ليرة مقابل الدولار، علما ان الكلمة الفصل لسعر السوق السوداء، أما السعر الرسمي فهو مجرد تقييم نظري لا وزن له.

 ومن المفارقات أن الدولارات التي تجد طريقها إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار، والتي تأتيهم في صورة مساعدات، ساهمت وتساهم في منع هبوط سريع بقيمة الليرة.
 وقال تجار عملة إن السوريين المتشائمين بشأن المشهد السياسي والخائفين من تنامي العنف وتراجع قيمة مدخراتهم بالعملة المحلية، قاموا في الأسابيع الماضية بشراء مزيد من الدولارات.

 وإذا استسلمت سلطات النظام لهبوط متواصل في قيمة العملة كما يعتقد المصرفيون، فسيزيد ذلك الضغط على موارد دمشق المالية المتناقصة بالفعل، وعلى قدرتها في مواجهة العقوبات الغربية.

 كما سيزيد ذلك أيضاً الصعوبات التي يعاني منها السوريون، حيث سيرتفع التضخم الذي يبلغ رسمياً حالياً نحو 40 بالمئة، وربما يكون أعلى بكثير من هذا المستوى وفق ما يقوله خبراء مستقلون.

ترك تعليق

التعليق