النظام يوجه ضربة قاصمة للاقتصاد السوري بوقف تمويل المستوردات الغذائية والدوائية

 

 


في تطور لافت يؤشّر إلى الوضع المالي لحكومة النظام، أفاد تجار سوريون لموقع محلي مقرّب من النظام، أن تمويل المستوردات للمواد الغذائية والأدوية والمستوردات التي كان يموّلها "مصرف سوريا المركزي" قد توقف منذ نحو عشرة أيام.

وأوضح التجار أنّ هذا القرار المفاجئ أدى إلى توقف البضائع التي وصلت إلى الموانئ والمناطق الجمركية وكانت بضاعة "ضد الدفع"، وأصبح المستوردون يدفعون لقاء بقائها في الجمارك دون تخليص غرامات، ما سيؤدي لرفع أسعارها أكثر بالنسبة للمستهلك.

وأكد التجار أنّ وقف تمويل المستوردات جاء رغم الإعلان المستمر من جانب "المصرف المركزي" باستمراره في تمويل المستوردات التي تعتبر من الحاجات الأساسية للمواطن: كالغذاء والدواء وحليب الأطفال وبعض السلع الأخرى كالورق والكرتون.
واعتبر بعض التجار أنّ مثل هذا القرار في حال استمر سيؤدي لتوقف كثير من التجار عن العمل، بسبب تعرضهم لعراقيل كثيرة في هذه الأزمة، حيث سيكون قرار وقف تمويل المستوردات ضربة قاصمة للاستيراد إلى سوريا.

ومعلوم أن سياسة تمويل المستوردات التي اتبعها مصرف سوريا المركزي منذ بداية الأحداث في البلاد، تقوم على منح المستوردين دولاراً بسعر صرف المركزي المحدد بنشرته المعلنة بصورة شبه يومية، ما يوفّر على التجار المستوردين قيمة الفرق بين سعر الدولار حسب المركزي، وسعره الحقيقي حسب السوق السوداء، على أن ينعكس هذا الفرق في التخفيف من ارتفاع أسعار السلع الأساسية الضرورية لحياة المواطن السوري.
وحسب آخر نشرة للمركزي، يقدّر سعر الدولار بـ 87.04 للمبيع، في حين يقدّر سعره الحقيقي في السوق السوداء أمس تقريباً عند 115 ليرة، مما يعني أن المركزي يجب أن يوفّر على المستورد حوالي 25 ليرة في كل دولار، على أن ينعكس ذلك في سعر السلع المستوردة حين بيعها للمستهلك السوري، بغية تجنيب السوريين ارتفاعات هائلة في أسعار السلع الحيوية الضرورية لهم.

ومنذ أسابيع، قفز سعر الدولار في السوق السوداء ليبتعد سريعاً عن نظيره في نشرة المركزي الرسمية، من حوالي 94 ليرة ليصل إلى 125 ليرة للدولار، ويعود للانخفاض إلى 108 ليرات، ومن ثم يعاود الارتفاع تدريجياً، وبتذبذب، ليستقر أمس عند 115 ليرة للدولار حسب عدد من المتعاملين في السوق السوداء.
وقد اعتبر الكثير من المختصين والمتعاملين في السوق السورية أن هذا الارتفاع الكبير والسريع في سعر الدولار في السوق السوداء، كارثي على أداء الاقتصاد من جانب، وعلى أسعار السلع التي حلّقت مرتفعة هي الأخرى، من جانب آخر.

وكان المركزي قد أكد على لسان حاكمه، أديب ميالة، أكثر من مرة، أن تمويل المستوردات خط أحمر لدى المركزي، لن يتجاوزه الأخير، وأنه يتمتع بالقدرة المالية على الاستمرار فيه، لأن توقف تمويل المستوردات سيشكّل ضربة قاصمة للاقتصاد السوري، والأهم من ذلك، فإنه سيحلّق بأسعار السلع الضرورية للمواطن بصورة غير مسبوقة، وغير محتملة من جانب معظم المواطنين السوريين الذين ما يزالون خاضعين لسيطرة النظام.

التطور الأخير، إذا تأكّد، فإنه يعني أن المركزي يقترب من الإفلاس، وأنه عاجز عن تنفيذ التزامه الثاني، بالاستمرار في تمويل المستوردات بسعر الصرف الرسمي، بعد أن عجز عن تنفيذ التزامه الأول بالتدخل لخفض سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى مستويات مقبولة بغية استقرار الأسعار والنشاط التجاري في البلاد.

وكان مختصون متعاملون في السوق قدّروا السعر الذي يمكن للنشاط الاقتصادي أن يتحمله في سوريا بـ 90 ليرة للدولار، وكحد أقصى بـ 100 ليرة للدولار.
أما اليوم وبعد أن انفلت الدولار من عِقاله، تأتي قضية وقف تمويل المستوردات، إن صحت، لتقوّض كل قدرات المركزي على ضبط الأسعار في السوق السورية.
وبعد تمويل المستوردات، إن تأكد ما سبق، هل ستكون رواتب وأجور الموظفين السوريين...هي النقلة التالية؟
يعتقد مراقبون أن ذلك آتٍ لا محالة...وأن المركزي على أبواب العجز المالي المطلق عن تنفيذ أيّ من التزامات.

ترك تعليق

التعليق