خسائر بالجملة وأسهم دون قيمتها الاسمية.. بورصة دمشق تقف على ساقٍ واحدة

تهاوت أسهم بورصة دمشق خلال العامين الفائتين إلى أن وصلت خسائر الشركات المدرجة لما يزيد عن 60 % في ظل مكابرة المعنيين واعتبار الخسائر لا تتجاوز 17 %، وترافق ذلك مع استمرار دعوات المقربين من النظام إلى الاستثمار في البورصة والابتعاد عن شراء الدولار.

أجراس البورصة التي قرعها وزير المالية السابق محمد الحسين في عام 2009، بعد أن غابت عن الاقتصاد السوري طيلة عقود، كان يعول عليها أن تحمي مدخرات المواطنين عبر قنواتٍ استثمارية، لكن لم يكتب لها النجاح حتى في العامين السابقين لانطلاق شرارة الثور، والحال أكثر سوءاً اليوم مع انخفاضٍ حاد في أسعار الأسهم وانتشار المضاربين لا المستثمرين.

ورغم ذلك دعا فارس الشهابي رئيس اتحاد غرف الصناعة المواطنين، إلى "التوجه لشراء الأسهم السورية لأن أسعارها مغرية جداً وقد وصلت إلى أدنى مستوياتها وهي ستدر حتماً بالأرباح لمن يستغل هذه الفرصة".

أسهم للمضاربة
العاملون في شركات الوساطة الخاسرون أصلاً قبل الأحداث التي تشهدها البلاد، ورغم مصلحتهم في إقبال الناس على الشراء، لما يمكنهم الحصول عليه من نسب عبر أوامر البيع والشراء، لكنهم يؤكدون لـ "اقتصاد"، أن البورصة كانت في حالٍ سيئة منذ افتتاحها والسبب هو القوانين الناظمة لعملها، ونحن كشركات وساطة كنا نطلق عليها مشروع سوق وليست سوقاً بالمعنى الحقيقي، فالقيود كانت عديدة، بحجة حماية صغار المستثمرين من المضاربات، وشروط البيع والشراء مكبلة للعمل، والآن لا أحد يعطي أوامر البيع والشراء إلا المضاربين، في ظل انخفاضٍ حاد في حركة التداول.

شركات الوساطة تشهد واقعاً غير مرضٍ لعمليات البيع والشراء، أدت إلى خسائر حقيقية، ويشير أحد الوسطاء الماليين أن أيام التداول أحياناً لا تشهد إلا إقبال نسبي على سهم واحد وغالباً ما يكون للقطاع المصرفي الذي تشكل نسبته في البورصة ما يزيد عن 70 % "12 بنكاً مدرجاً من أصل 22 شركة مدرجة في بورصة دمشق"، في حين باقي الشركات تعرض أسهمها للبيع لكن لا أحد يرغب بالمجازفة والشراء، حتى لا يحملون سهماً يشهد انخفاضاً في السعر، رغم أسعاره المغرية حالياً فكل الأسهم اليوم انخفضت دون قيمتها الدفترية، لكن مع ذلك قليلون هم من يتجهون للشراء.

للدولار الكلمة الفصل
وكما تشهد شركات الوساطة خسائر أيضاً هناك خسائر عالية للشركات المدرجة، وأشار تقرير هيئة أوراق المال أن الخسارة هي 17 %، لكن أحد الخبراء الذي فضّل عدم ذكر اسمه أوضح أن الشركات المدرجة في السوق السورية خسرت 60 % من قيمة أدراجها، ويشرح أنه ورد في تقرير هيئة أوراق المال "أن القيمة السوقية للشركات المدرجة (22 شركة) بلغت 77.2 مليار ليرة من أصل إجمالي قيمة إدراجها البالغ 95.5 مليار ليرة، في حين سجلت قيمتها الدفترية في نهاية الربع الثالث 2012 نحو 89.8 مليار ليرة"، وأظهرت قيمتها السوقية انخفاضاً واضحاً حيث بلغت وفق التقرير 74 مليار ليرة، الأمر الذي يعكس ما بات يتردد في الأوساط ويطلق عليه بالمستوى المغري لشراء الأسهم بعد انخفاض أسعارها بشكل عام دون القيم الدفترية بأكثر من 15 مليار ليرة.

لكن الخبير الاقتصادي يوضح بعض الثغرات في الأرقام، حيث يشير إلى أن القيمة السوقية لكافة أسهم الشركات المدرجة لا تعادل موجودات أحد البنوك الخاصة، كما أغفلت الهيئة أن معظم قيم الإدراج حصلت بسعر دولار 50 ليرة أي أن قيمة الشركات المدرجة كانت 1.8 مليار دولار (خاصة أن معظم الرأسمال أجنبي) أما اليوم فقيمة الشركات السوقية لا تتجاوز 0.7 مليار دولار، أي أن الشركات خسرت 60 % من قيمة إدراجها وليس 17 % فقط، أي من استثمر في سوريا دولاراً واحداً أصبحت قيمته الآن 40 سنتاً.

ويرى الخبير أن أي انخفاض جديد لسعر الليرة سيؤثر أيضاً على البورصة وأسعار الأسهم، وبالتالي ما يتم ترويجه عن أنها خيار موفق لحماية المدخرات أمر يجافي الحقيقة، فالبورصة تعمل على عجز، كالواقف على ساقٍ واحدة.

ترك تعليق

التعليق