"يسيئون للثورة والشعب العريق"..سوريات وسوريون يمتهنون "التسول" في مدن مصرية وعربية

وقف قريباً منا، كان بصحبة طفل صغير، ثيابه مقبولة، لا تظهر عليه علامات الفقر المدقع، بذقن يجتاحها البياض، في أحد أشهر المولات في الغردقة بمصر، وبلهجة متلعثمة تخلط بين السوري والمصري، طلب منا المساعدة، حالما عرف أننا سوريون، سألناه: "لم تجد عملاً؟"..."لا والله، لم أجد عملاً"...دفعنا له ما فيه النصيب....فتقدم منا صديق سوري معاتب..."لماذا دفعتم له، البارحة كان نفس الشخص يشحد في شارع الشيراتون في الغردقة؟".

 حتى في أصغر المدن المصرية، تستطيع أن ترى المتسولين والمتسولات من سوريا يجتاحون الشوارع، أخبرنا (إياد، ج)، أنه رأى امرأة عجوزاً تدعي أنها سورية، طلبت المساعدة في شركة للصرافة المصرية حينما كان يصرّف أموالاً له.
 
أما (فؤاد، ن) فقد أخبرنا باستيائه الكبير من استغلال بعض السوريين لتعاطف المصريين بطريقة تسيء للشعب السوري، وروى لنا كيف أنه كان يشتري لابتوب من أحد المحلات، فدخلت شابة سورية بثياب جيدة للغاية، وطلبت المساعدة قائلة: "أختكم من سوريا بحاجة للمساعدة"، وتقدم الموجودون في المحل من المصريين لمساعدتها، لكن (فؤاد، ن)، شعر بالاستياء: "لم أشعر أنها حقاً بحاجة للمساعدة، ومن ثم هناك الكثير من جمعيات الإغاثة والمساعدة المصرية والسورية المنتشرة في مصر، وبكثافة كبيرة، لماذا لم تلجأ إليهم، أليس ذلك أفضل من هذه الإساءة التي تسببها هذه المرأة للشعب السوري".

 في القاهرة والإسكندرية، تجد أعداداً كبيرة من المتسولين والمتسولات من سوريا، وبعضهم ليس سورياً لكنه يدعي أنه من سوريا، كما أن جزءاً كبيراً منهم من فئات اعتادت العيش على التسول في سوريا قبل الأحداث، وهاجرت البلاد مع المهاجرين، ليبحثوا عن سبلٍ لاستمرار مهنتهم، مستغلين الظرف الراهن، وتعاطف الكثير من الشعوب العربية مع السوريين.

 وكان رئيس هيئة الإغاثة السورية في مصر قد حذّر في لقاء على أحدى القنوات المصرية من أن الكثير من هؤلاء المتسولين ليسوا محتاجين فعلاً، وأنه عرض عليهم، مع مجموعات من المصريين، المال، لكنهم رفضوا وأصروا على التسول، متهماً بعضهم أنهم محسوبون على نظام الأسد، وأن غايتهم تشويه سمعة السوريين والسوريات، ونشر قناعة لدى المصريين بأن الفتاة السورية رخيصة.

 في المقابل، روى لنا (ر، ب) وهو يمني عاش فترة طويلة في سوريا، وغادر عائداً إلى اليمن بعد تفاقم الأوضاع في سوريا، أنه صعق لتلك الأعداد الكبيرة من المتسولين والمتسولات السوريات الذين ملؤوا المدن اليمنية، وأنه انزعج من إحداهن، وقد اكتشف أنها من "النوَر" وطلب منها ألا تشحد هنا: "لقد أساؤوا لسمعة الشعب السوري، فأنا أعرف أن الغالبية العظمى من السوريين لا يرضون الذل ولا يقبلون بالصدقة، ويبحثون عن العمل، أو في أسوأ الحالات يطلبون دعم الجمعيات الخيرية، أما أولئك الذين يستغلون مشاعر اليمنيين ليحصدون الأموال، هم من نفس الفئة التي امتهنت التسوّل في سوريا قبل الأحداث فيها، أي أنهم ليسوا ضحايا للأزمة، إلا إذا اعتبرنا أن الاضطرابات الأمنية أفقدتهم مصدر التمويل لتسولهم".

 تقول إحدى المتسولات العراقيات في الموصل لـ"اليوم السابع" المصرية: "المتسولات السوريات المهاجرات هن السبب الرئيسي في قطع أرزاقنا في الشوارع والأزقة بالموصل كونهن جميلات ويحققن يومياً مبالغ طائلة ما انعكس سلباً، وأثر على إيراداتنا التي كن نكسبها بمعدل 50 ألف دينار يومياً، أما اليوم فقد انخفضت إلى 10 آلاف دينار يومياً".
 
وفي المغرب، أشارت صحيفة "الخبر" المغربية إلى أن وزارة الداخلية في البلاد استنفرت لمعالجة ظاهرة تفاقم أعداد الأفراد الذين استوطنوا المساجد في الرباط وسلا وتمارة، في ظل شكوك في أن يكون هؤلاء من سوريا حقاً، حيث يعتقد البعض أنهم مغاربة يستعملون هذه الحيلة لاستدرار عطف المواطنين المغاربة وإعالة أسرهم.

 ويعتقد (قاسم، ن) أنه لا مبرر لأحد في أن يأخذ التسول مهنة، مهما ساءت أوضاعه المادية، (قاسم، ن) سوري يقيم في مصر قال لـ"اقتصاد": "السوريون في جزء كبير منهم نُكبوا في الأحداث الأخيرة دون شك، لكن في المقابل، تلقى الكثير من السوريين مساعدات مادية من أقارب لهم من المغتربين تحديداً، إلى جانب ما تقدمه الجميعات الخيرية السورية والجمعيات الخيرية العربية والتي تؤدي أعمالاً ضخمة لإعالة اللاجئين السوريين في عدد كبير من الدول العربية، ناهيك عما تدفعه مفوضية شؤون اللاجئين من مساعدات، أضف إلى ذلك أن هناك فرص عمل متاحة، وإن كانت قليلة، لكن معظم الشعوب العربية متعاطفة معنا، وتساعد السوريين على العمل....لذلك لا أجد أي مبرر لأحد أن يعمل في التسول، فإن لم يحصل على فرصة عمل، أو مساعدة من قريب، لا بد أنه يستطيع الحصول على مساعدة من جمعية خيرية، أو من مفوضية اللاجئين...يعني هناك الكثير من الأبواب لتحصيل المعونات القادرة على مساعدة هؤلاء اللاجئين، وحقيقة الأمر، أن هؤلاء المتسولين يستغلون الأزمة للإثراء على حساب سمعة الشعب السوري، على غرار ما كانوا يفعلون حينما كانوا في سوريا.".
 
وفي نفس السياق، أخبرنا (حسام، ي) أن دمشق ذاتها مكتظة بالمتسولين والمتسولات الذين يدعون أنهم من المناطق المنكوبة، يقول (حسام، ي): "تستطيع أن تلحظ عند باب كل مسجد يوم الجمعة في أحياء دمشق الفارهة والهادئة عدد من المتسولات وأحياناً المتسولين، يخبرون الناس أنهم من حمص أو من ريف دمشق أو من مدن أخرى منكوبة، استدراراً لعطف الناس، لكن هل يعلم أحد حقاً إن كانوا كذلك أم لا....لا أحد يعرف، لكننا جميعاً نعلم أن هناك شريحة من السوريين يمتهنون التسول كمصدر للدخل وأحياناً للثراء، وأنهم ليسوا في حاجة حقيقية للمال".

ترك تعليق

التعليق

  • 2013-08-26
    انا عندى استعداد اخد بنت يكون عمرها ابتاء من ال13 سنه الى ال16 تجلس معى انا واولادى وتساعدنى فى شئون المنزل ونكون لها اسره بديله بمعنى الكلمه