قرار الاتحاد الأوروبي شراء النفط من المناطق المحررة...بين مشكلات المعارضة والعوائق الموضوعية والمحاذير المستقبلية (1-2)


القرار يسمح للمستوردين الأوروبيين بشراء النفط من سوريا عبر الإئتلاف

الخطيب: من هي الجهة التي ستوقع على صك بيع النفط وتشارك في نهب ثروات سوريا

غليون: الخطوة تصبح لها قيمة حين تستطيع المعارضة كمؤسسة السيطرة على حقول النفط.

حصر الاتحاد الأوروبي تعاملاته بخصوص النفط المستورد بالائتلاف الوطني للثورة أثارحفيظة الأكراد
.


أثار قرار الاتحاد الأوروبي، رفع الحظر عن مبيعات النفط من المعارضة السورية، منذ أسبوعين تقريباً، الكثير من الجدل والتساؤلات حول جدواه وآثاره، إلى جانب الكثير من العوائق الموضوعية التي تم الحديث عنها، وعدد من المحاذير المستقبلية التي تم التنبيه إليها.

تفاصيل عن القرار
قرار الاتحاد الأوروبي المذكور، شمل رفع الحظر عن مبيعات النفط من المعارضة السورية، فضلاً عن رفع الحظر عن بيع المعدات النفطية إلى المعارضة والاستثمار في قطاع النفط في المناطق التي تخضع إلى سيطرتها، في خطوة ستمكّنها من إدارة المناطق المحررة وشراء السلاح، حسب المصادر الأوروبية.
وأشار القرار إلى أنه بإمكان السلطات المختصة في دول الاتحاد الأوروبي السماح بثلاثة أنواع من التعاملات: استيراد النفط والمشتقات النفطية، بما فيه التمويل والتأمين المرتبط به، وتصدير التجهيزات الأساسية والتقنيات لصناعة النفط والغاز بسورية، وكذلك التمويل والتأمين المرتبط به، بالإضافة إلى الاستثمار في صناعة النفط بسورية.
القرار سيسمح للمستوردين الأوروبيين بشراء النفط من سوريا إذا أجاز الائتلاف الوطني الذي يضم أوسع جماعات المعارضة المختلفة، بيع الخام وذلك تحسباً لإمكانية قيام جماعات مقاتلة متشددة أخرى غير منضوية تحت مظلة الائتلاف الوطني بعرض خام للبيع.
وأوضح ديبلوماسي أوروبي -بحسب صحيفة الحياة اللندنية - أنه "إذا أرادت مؤسسة أوروبية استيراد النفط عليها التقدم بطلب إلى الحكومة الأوروبية لتتشاور الأخيرة مع ائتلاف المعارضة حول قنوات التصدير وآليات الدفع والإنفاق".

أولى الأصداء...تناقضات في ردود أفعال رموز الائتلاف

بدايةً، كشف القرار الأوروبي زمرة تناقضات في أداء "الائتلاف الوطني لقوى الثورة" كمؤسسة، فالأخير، رحب بقرار رفع الحظر عن استيراد النفط من المناطق المحررة لصالح المعارضة الممثلة به، وهو ما نجده في صفحة الائتلاف في موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك".

لكن على صعيد الأفراد، نجد أن أحمد معاذ الخطيب، الرئيس المستقيل للائتلاف، كان أبرز المعترضين على القرار الأوروبي المذكور، وعلى صفحته في الفيسبوك، كتب الخطيب: "هل يتعامل الاتحاد الأوروبي مع عصابات؟ كيف يمكن للثروات الوطنية أن تباع من قبل طرف معروف إلى طرف مجهول ومن هي الجهة السياسية أو التنفيذية التي ستوقع على صك بيع النفط السوري وتشارك في نهب ثروات سوريا"....دون أن يوضّح الخطيب مقاصد كلماته بصورة صريحة كعادته.
لكن لم يكن الخطيب وحده من رموز الائتلاف المنتقدين للقرار الأوروبي المذكور، فالسيدة فرح الأتاسي، نائب رئيس الائتلاف، كتبت في صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي تعليقاً على القرار المذكور: "رفع الحظر هذا لم يأخذ معهم أياماً ليتفقوا عليه بينما رفع الحظر عن تصدير السلاح يأخذ معهم شهوراً، مما يعني أن عينهم على الثروة وليس الثورة بسوريا".

برهان غليون بدوره، اعتبرها خطوة رمزية، ذات آثار مستقبلية، وليست آنية، فاعتبر أحد أبرز رموز الائتلاف أن الخطوة المذكورة تصبح لها قيمة حين تستطيع المعارضة كمؤسسة السيطرة على حقول النفط وتوقّع عقوداً مع الدول وتستفيد من الأموال لإدارة "المناطق المحررة وإسقاط نظام الأسد". ويتابع أنه في الوقت الحالي تسيطر كتائب متعددة على الحقول النفطية ولن تُقدم أي دولة على توقيع عقود مع كتائب غير موحدة لا قائد لها.

ودعا غليون إلى إنشاء لجنة خاصة تُعنى بملفي النفط والغاز تحصُر الحقول التي يسيطر عليها المسلحون وتقوم اللجنة بعقد تفاهمات مع كتائبهم تعطي المعارضة الحق بإدارة القطاع مقابل مد المسلحين بالأموال لشراء السلاح، مؤكداً أن هذه التسوية ممكنة لأن أغلب الكتائب وطنية تقاتل "لإسقاط نظام حوّل البلاد إلى مزرعة لا أن تقيم مزرعة أخرى"، حسب تقييم غليون.

ردود الأفعال الواردة آنفاً من رموز في الائتلاف، والتي تبدو أنها ذات طابع فردي، بعيد عن المؤسساتية، تتناقض مع موقف غسان هيتو، رئيس الحكومة السورية المؤقتة ، فالأخير، حسب الناطق باسمه، أكّد بعيد صدور القرار الأوروبي المذكور أن موضوع شراء النفط من قبل الدول الأوروبية "يبحث بجدية". وأوضح أن ثمة اتصالات يجريها هيتو لتأمين بيع النفط السوري لتأمين موارد لحكومته المقبلة. وأوضح أن ثمة تفاهماً أنجز مع الكتائب التي تسيطر على الآبار النفطية السورية، وأبدت استعدادها للتعاون، ومع شركاء أوروبيين.

هل هي مجرد "بلبلة"؟
لكن إذا اعتبرنا ما سبق من ردود أفعال، مؤشراً على غياب المؤسساتية والتنسيق بين رموز الائتلاف الوطني للثورة، بحيث يمكن عدّها "بلبلة" غير ذات أثر واقعي سلبي مباشر، لا أكثر. فإن المشهد يختلف إن خرجنا خارج إطار الائتلاف، ويبدو أن أبرز مجالات الاختلاف الناتجة عن القرار المذكور، هي الاختلاف بين العرب والأكراد بخصوص النفط في المناطق المحررة، والذي يقع جزء كبير منه في المناطق ذات الغالبية الكردية.

فقد أثار قرار الاتحاد الأوروبي حصر تعاملاته بخصوص النفط المستورد من المناطق المحررة في سوريا، بالائتلاف الوطني للثورة، حفيظة الأكراد، وأدلت عضو الهيئة الكردية العليا، وهي تنظيم يمثّل ائتلاف لأبرز القوى الكردية الفاعلة في المناطق السورية شمال شرق البلاد، بتصريحات مفادها أن أي عملية شراء للبترول من المناطق الكردية يجب أن تكون بقرار من الهيئة الكردية العليا.

وقالت إلهام أحمد، العضو في الهيئة المذكورة، ما مفاده أن الائتلاف الوطني للثورة السورية لا يستطيع تمثيل إرادة جميع الشعوب والمكونات في سوريا, وتعامل الاتحاد الأوروبي مع الشعب السوري يجب أن لا يكون على أساس تجاري, وقبل كل شيء على الاتحاد الأوروبي العمل على توحيد صفوف المعارضة السورية، ووضع حد للحرب والنزيف الدموي المستمر منذ أكثر من سنتين.

وتُدار المناطق الكردية السورية شمال شرق البلاد فعلياً، من جانب الهيئة الكردية العليا، وخاصة منها المناطق النفطية، الأمر الذي يجعل أي خطوة لشراء نفط من تلك المناطق يتطلب واقعياً، موافقة الهيئة.

وقد أقرّت الهيئة الكردية العليا، أن بعض المجموعات المسلحة التابعة لجبهة النصرة وغيرها لها مساعي للسيطرة على حقول النفط في سوريا, ولكن مناطق "غرب كردستان"، حسب تعبير المسؤولة في الهيئة، "باتت محمية من قبل أبنائها ولن يستطيع أحد النيل من مكتسبات الشعب مهما كانت الظروف. وجميع الموارد بما فيها النفط الذي يخرج من أراضي غرب كردستان سيكون عائداته للشعب السوري, ووحدات حماية الشعب تقوم الآن بحماية جميع مناطق غرب كردستان وحقول النفط, وهي على أتم الاستعداد لمواجهة أي اعتداء أو محاولة للسيطرة على هذه المكتسبات".

خلاصة...مرفوضة لدى البعض
بطبيعة الحال، فإن ما سبق عرضه من خلافات أوليّة سواء داخل أوساط الائتلاف الوطني ذاته، أو في أوساط المعارضة بشكل عام، بشقيها العربي والكردي، يُنذر بأن يكون قرار الاتحاد الأوروبي برفع حظر شراء النفط السوري من مناطق المعارضة، ضربة قاسمة لجهود المعارضة في توحيد قواها وتركيزها على غاية واحدة ممثلة بإسقاط الأسد ونظامه.

يرفض الكثير من المحللين والمقربين من قيادة الائتلاف خلاصتنا السابقة، ويذهبون إلى أن قرار الاتحاد الأوروبي الأخير يمكن استثماره بطريقة تخلق مصدراً مالياً للائتلاف كممثل للشعب السوري، يعينه على تنظيم صفوفه أكثر وضبطها، ومن ثم ضبط الميدان المسلح لصالحه، وبالتالي خلق كيان سياسي قادر على ضبط الميدان السوري في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وتجهيزه ليكون قادراً على مقارعة النظام، وشراء السلاح وتنظيم الكتائب بما يعزز القدرة على إسقاط النظام مستقبلاً....

يتبع في حلقة ثانية

ترك تعليق

التعليق