مداواةً لجراح الثورة.. الريف الدمشقي يجترح الحلول للواقع الصحي المتأزم..وينتظر الدعم


استطاع الريف الدمشقي كغيره من المناطق السورية المحررة، اجتراح الحلول للواقع الصحي المتأزم، ورغم انتشار عشرات النقاط الطبية، لكن ما يزال عدد المشافي المركزية والمختبرات الطبية محدود بسبب الوضع المادي والأمني.

العمل الطبي في معظم المناطق المحررة يتم على مستويين النقاط الطبية والمشافي المركزية، حيث تضم الغوطة الشرقية ما بين 7 إلى 10 نقاط طبية تقوم بالإسعافات الأولية والعمليات الصغرى، إلا أن المنطقة كاملة لا تضم أكثر من خمسة مشافي مركزية قائمة حالياً، بعد أن تعرض عدد كبير من النقاط والمشافي للقصف من قبل قوات النظام.

تحسين نوعية الحياة
أحد الناشطين في الغوطة الشرقية يعتبر أن تأسيس المجتمع المدني في المناطق المحررة يحتاج إلى طبابة ومستوى عالٍ من الخدمات لتحسين نوعية الحياة فكما هناك نقل مجاني للمدنيين في مناطق الغوطة، هناك عمل على تأسيس واقع طبي يرتقي إلى حجم تضحيات الثورة.
ورغم الإصرار على تحسين الحال الطبي إلا أن أحد الأطباء يعتبر أن المشكلة المادية ثاني العوائق التي تقف في وجه هذا الطموح، لكنه يؤكد أنه ورغم المشاكل المادية بدأ المكتب الطبي الثوري الموحد في الغوطة الشرقية، بتأسيس بنك دم ومختبر دموي هرموني كيميائي في منطقة كفر بطنا، مكون من ثلاثة طوابق، وصلت تكلفته إلى الآن ما يزيد عن مليون ليرة، وما زال يحتاج إلى ما يقارب ثلاثة ملايين لاستكمال تجهيزاته، ليكون الأول من نوعه في المنطقة حيث يتم تجهيزه ليستقبل يومياً ما يقارب 150 مريضاً يضم جهاز شوارد وغرفة عزل وبرادات وغرفة عناية مشددة لتنفيذ معظم العمليات الجراحية وجهاز غازات الدم وكواشف مخبرية، لكن هناك كثير من الأجهزة ما زالنا بحاجتها كجهاز الاختبار الهرموني.

بنك دم
ويشرح لنا أحد الناشطين أن بنك الدم أصبح من ضرورات الحياة الصحية في المنطقة بسبب عمليات نقل الدم التي تتم وأهمية فحصها، لكن لم يتم استكماله إلى الآن بسبب غياب التمويل والدعم.

وفي الغوطة الشرقية أيضاً أحد النقاط الطبية في زملكا التي تم تأسيسها على نفقة الأهالي، وقدمت خدماتها المجانية لما يزيد عن 4700 مريض، مع الأدوية التي يحتاجونها، من صيدلية النقطة الطبية، لكن مع ذلك يقول لنا أحد القيّمين عليها: المشكلة التي نعاني منها اليوم هي النقص في الأدوية النوعية الخاصة بالأمراض المزمنة ولدينا قائمة تضم 320 مريضاً يحتاجون لهذه الأدوية وإلى الآن لا يمكننا تقديمها، إلى جانب النقص في الأدوية المخدرة المطلوبة في العمليات.

دعم غائب
النقطة الطبية في زملكا تستقبل يومياً ما بين 250 إلى 300 مراجع كما تستقبل الإصابات الميدانية للعسكريين والمدنيين، يؤكد لنا أحد الناشطين أن كلفتها وصلت إلى حوالي مليون ونصف المليون، وتأمين الاستمرارية في العمل يحتاج إلى كادر طبي وأدوية وموظفين ومعدات طبية، هناك مصاريف شهرية كبيرة جداً، رغم أن معظم العاملين من أطباء ومشرفين هم من المتطوعين يحصلون على مبالغ رمزيةٍ جداً.

"جل اعتمادنا كان على جهاتٍ دعمت بشكلٍ فردي وبعض منظمات المجتمع المدني التي تقدم أرقاماً متواضعة"، هذا ما يقوله أحد القيّمين على العمل الصحي في المنطقة، مؤكداً عدم إمكانية الاعتماد على مثل هذا الدعم كونه غير مستمر، لا يأتي بشكلٍ شهريٍ ومنتظم، ومعظم الاعتماد على التبرعات، معتبراً أنه من المهم أن يكون هناك جهات تتبنى بشكلٍ دائم دعم المكتب الطبي الثوري الموحد، في ظل التدفق الكبير لأصحاب الأمراض المزمنة التي تتطلب علاجاً مستمراً، إلى جانب الإصابات وأعدادها كبيرة.

ورغم تواضع الدعم إلا أن الخدمات الطبية تعتبر جيدة في ظل الظرف القائم، ولا تقدم الخدمة للمدنيين أو المصابين من الجيش الحر فحسب، وإنما أيضاً يتم تقديم العلاج والخدمة الطبية الكاملة للأسرى.

الريف الدمشقي يجترح حياته من الدمار الذي تحدثه الآلة العسكرية للنظام، لكنه يؤسس حياته المدنية ويقدم خدماته الطبية وحيداً حيث وعود الدعم بقيت كلاماً في الهواء.

ترك تعليق

التعليق