كنوز التاريخ السوري في مهب السرقات....توريث تهريب الآثار من "رفعت "إلى " ماهر "وآل الأسد


عادت قضية سرقة الآثار السورية والتنقيب غير المشروع عنها إلى الواجهة بعد اندلاع الحرب التي يشنها النظام على شعبه وتبادل الاتهامات بين النظام السوري وقوى المعارضة مما استدعى منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، إلى عقد مؤتمر دولي في العاصمة الأردنية، بدعوة ومشاركة من الحكومة السويسرية. وطالب البيان الختامي للمؤتمر مجلس الأمن الدولي بإصدار قرار دولي يقضي "بإعادة جميع القطع والممتلكات الأثرية السورية التي سرقت خلال الأزمة المستمرة في عموم المناطق السورية" .

وكان علماء آثار أردنيون حذروا من تحول سرقة الآثار السورية إلى ظاهرة في ظل الفوضى التي تعيشها البلاد، وقال العلماء إن القطع الموجودة في المتاحف غير مؤمنة مما يعرضها لعمليات نهب للآثار المعروضة في سوريا وتهريبها إلى دول الجوار كلبنان وتركيا والعراق والأردن، فيما تجاهل تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" نشر منذ أسابيع جرائم النظام وتاريخه الأسود في النهب المنظم للكنوز التاريخية في سوريا متهماً الجيش الحر بـ"نهب آثار سوريا ويبيعها بالجملة والمفرّق لتمويل سلاحه ..” - على حد زعم كاتب التقرير- ، وورد في التقرير المذكور: "يتم تهريب غالبية القطع الأثرية إلى الأردن عن طريق اللاجئين، حيث تنتهي هذه المهربات إلى سوق في عمان، ويكتفي تقرير "الواشنطن بوست" بروايات شهود مفترضين دون الإشارة إلى حادثة تهريب واحدة تثبت المزاعم التي يسوقها كاتب التقرير.

فتّش عن الأسد!
عمليات سرقة و تهريب الآثار لم تبدأ مع الأحداث الحالية بل تمتد إلى عقود طويلة، وهذه المعلومة يتناقلها جميع العاملين في المتاحف السورية، وكلنا يذكر فضائح بيع الآثار التي تورط فيها مسؤولون ومشرفون على بعض المتاحف في كل من دمشق وحلب ، ووفق تأكيد المؤرخ العالمي "أندرياس كيلب"، أن تهريب الآثارالسورية والإتجار بها كان من اختصاص "رفعت الأسد" في ثمانينات القرن الماضي الذي "خرج من سوريا بثروة هائلة جناها من عمليات التهريب لسنوات طويلة مكّنته من شراء شارع كامل في باريس، وورث ماهر الأسد مهنة عمّه لتزدهر قبل اندلاع الثورة وخلالها، وتصبح حكراً على آل الأسد، ويقول عالم الآثار الإسباني "رودريغو مارتن" الذي قاد العديد من بعثات التنقيب في سوريا: "الحقائق تبين أن الحكومة تعمل مباشرة ضد التراث التاريخي للبلاد".

ما خفّ وزنه وغلا ثمنه
كان لصوص الآثار قبل الثورة السورية يعملون بسرية تامة تحت جنح الظلام، يتنقلون في سيارات صغيرة أو على دراجات نارية لا تثير الاشتباه حاملين أدوات العمل من مجارف صغيرة وأزاميل ورفوش وأجهزة حديثة أملاً في العثور على "ما خف وزنه وغلا ثمنه".
أما اليوم وفي ظل الفوضى التي تعصف بالبلاد فأصبح عملهم عالمكشوف، حيث ينشط لصوص الآثار في مدينة تدمر وما حولها مستخدمين أجهزة ذات تقنية عالية في التنقيب، أحد هؤلاء اعترف في جلسة ودية لـ"اقتصاد" أنه عثر خلال الأشهر الأخيرة من عام 2012 على العديد من القطع الأثرية بالقرب من قرية "وريدة"إحداها" مجسم عُلوي لشاب مصنوع من الفخار يبلغ ارتفاعه 2، 3 سم "وقطع تعود للعصر البرونزي الحديث وهي عبارة عن قطعة من حجر "الألباستر" دائرية الشكل يرتفع وسطها على شكل دائرة نافرة ويظهر على خلفيتها قلمان متقاطعان، وجزء من أداة فخارية دائرية الشكل مثقوبة من طرفها العلوي باتجاه الأسفل ويبلغ قطرها 3 سم وارتفاعها 1، 9 سم والقطعة الأخيرة فخارية أيضاً وهي مشوية بشكل جيد إلا أن آثار الثقب التي بدت عليها أنشئت في وقت لاحق على تشكيلها وبدت أطرافها متآكلة ويبلغ قطر هذه القطعة 4 سم وارتفاعها 1، 7 سم.

سهولة التهريب
تشير الدلائل إلى أن الكثير من حالات السرقة والنهب التي شهدتها سوريا المنكوبة خلاذل السنتين الأخيرتين يقوم بها ضباط وعناصر الشبيحة والأمن بالتعاون مع بعض ضعاف النفوس و(أذناب النظام) الذين يساعدونهم في تهريبها إلى دول الجوار كالأردن بشكل سرّي، ومن بين المهربين من ينتحل شخصية الجيش الحر ليتمكن من عبور الطرقات المؤدية إلى الحدود الأردنية دون أن يُكَتشف أمرهم، ويتم نقل الآثار المهربة من الأردن إلى بعض الدول الأوربية بترتيب مسبق مع سماسرة أردنيين ذوي خبرة في هذا المجال "، وبأسرع وقت ممكن كي لا يتمكن الأمن الأردني من القبض على المهربين "ولا يتم بيع هذه القطع الأثرية في الأردن لأن القانون المدني الأردني متشدد في مجال تهريب الآثار أو المتاجرة فيها، إذ تنص المادة (26) من قانون الآثار على الحبس لمدة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف دينار وبما يتناسب مع قيمة الأثر" كل من تاجر بالآثار أو ساعد أو شارك أو تدخل أو حرّض على ذلك".

,ويرى الناشط الحقوقي حمودة مكاوي- عضو اللجنة العربية لحقوق الإنسان- أن من يقوم بعملية التنقيب عن الاثار في سوريا وتهريبها إلى الخارج اليوم هم أشخاص أو مجموعات من سوريا كانت تمتهن هذه الجرائم قبل الثورة وازدهر عملها أثناء الثورة وهم من أصحاب السوابق وأغلبهم قد حوكموا بقضايا جنائية وقضايا تهريب في السابق ، ويرجع "مكاوي" أسباب نشاط عمليات التهريب في هذه الفترة إلى غياب السلطة الأمنية في سوريا، مما "فتح المجال أمام دخول أجهزة الحفر والتنقيب عن الآثار وسهولة نقلها، فطرق التهريب انفتحت على مصراعيها وإمكانية تهريب أي قطعة أثرية للخارج أصبحت سهلة، سواء عبر الحدود أو عبر الطرق غير النظامية، كما أن النظام السوري فتح مجالاً لعمليات التهريب حيث لم تعد الحواجز العسكرية تكترث بجرائم التهريب والمهربين، بل بملاحقة المعارضين والثوار.

مخطط من الفاتيكان
أحد منقبي الآثار الذي فضّلّ عدم ذكر اسمه روى لـ"اقتصاد" إن أحد الضباط -عندما عرف بخبرته في مجال التنقيب عن الآثار- كلّفه بالذهاب إلى مكان حدده له لاستخراج كنوز وآثار وقام بتزويده بمخطط من الفاتيكان لمغارة يقال لها "أم النيران" شرق 
"دكوة" بحدود 40 كم على الحدود السورية الأردنية ويضيف: "قال لي الضابط الذي كنت أخدم عنده في درعا عندما تدخل إلى المغارة تجد مساطب على اليمين والشمال وتجد مياهاً ساخنة وبخاراً يتصاعد، وعندما تدخل إلى صدر المغارة ستجد على الجهة الشمالية كلمة الله منقوشة على حجر ستجد المطلوب تحتها، وعندما وصلت إلى المغارة وأزلت الحجر عن مكانه ووجدت سبع خرزات وبعض القطع النقدية الرومانية . 

"منقب آخر ذكر لنا أنه يسكن في منطقة حدودية بين سوريا والأردن تدعى "تل الفرس" كان الجيش النظام يسيطر عليها وفي هذه المنطقة ثلاثة قبور قام ضباط المفارز هناك بنهبها ووجدوا في إحدى هذه المغاور"حصان ذهبي" وفي القبر الثاني هياكل عظمية، أما القبر الثالث فوجدوا فيه كنوزاً ذهبية وفضية لا تقدر بثمن، وجميع هذه اللقى نُهبت خفية دون رقيب أو حسيب.

ترك تعليق

التعليق