لازمةُ "ما بعد الأزمة"لدى مسؤولي النظام ..وكعكة إعادة الإعمار


يمكن للمتابع الدقيق للإعلام الرسمي وشبه الرسمي الخاضع لسلطة النظام بدمشق، أن يلحظ ارتفاع وتيرة تكرار تعبير "ما بعد الأزمة" في معظم بيانات وتصريحات المسؤولين الاقتصاديين في سوريا.
ففي البيانات الصادرة أخيراً عن مصرف سوريا المركزي، وفي تصريحات وبيانات لمسؤولين في وزارتي الصناعة والاقتصاد، وفي الكثير من تصريحات الاقتصاديين في الداخل السوري الخاضع للنظام، يكثر الحديث عن الإعداد لمرحلة "ما بعد الأزمة"، وتحضير ملف متكامل حول "إعادة الإعمار".

وقد حدث ذلك بعد تطورين: الأول يتمثّل في الاتفاق الروسي- الأمريكي على حل الأزمة السورية بصورة سلمية – سياسية، والتوجه نحو عقد مؤتمر بجنيف لإطلاق مفاوضات بين النظام والمعارضة تحقق هذا الغرض، والتطور الثاني: يتمثّل في زيارة عبد الله الدردري، أبرز مسؤول اقتصادي سوري لأكثر من ثمان سنوات قبل الثورة، بصفته الدولية اليوم، كمدير للتنمية الاقتصادية والعولمة في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الاسكوا)، إلى دمشق. تلك الزيارة التي لقي فيها الدردري ترحيباً رسمياً واضحاً، كانت بغاية بحث مشروع إعادة الإعمار في سوريا، الذي يُشرف الدردري عليه بدَفعٍ أُممِيّ.

ويبدو أن التطورين المذكورين يوحيان لصنّاع القرار الاقتصادي داخل مؤسسات الدولة الخاضعة للنظام بدمشق، أن الأزمة السورية في طريقها للحل، خاصة أن لزيارة الدردري أبعاداً تُوحي بأن المسؤولين الدوليين داخل الأمم المتحدة يُرجّحون قرب حل الأزمة، وأن أولئك المسؤولين التقطوا إشارة البدء لتطويق الأزمة السورية، ليبدأ العمل على ملف "إعادة الإعمار"، وهو ملف "شهيّ" اقتصادياً، وهو ما التقطه النظام أيضاً، فبدأ الحديث عن مرحلة إعادة الإعمار بكثافة.

وهكذا يبدو أن مصطلح "ما بعد الأزمة" الذي بات لازمةً في معظم تصريحات وبيانات الفاعلين اقتصادياً في الداخل السوري الخاضع للنظام، هو وليد تصوّرٍ تكوّن لدى هؤلاء، مفاده أن مرحلة إعادة إعمار سوريا قد اقتربت، وأن نُذر الحراك الدولي والإقليمي لاقتسام كعكة إعادة الإعمار في سوريا قد لاحت، خاصةً إذا نجح الحل السياسي في وضع حدّ للصراع المسلح داخل البلاد، ومن ثمّ تقسيم النفوذ في سوريا، بين روسيا وحلفائها الإقليميين، ممثلة بالنظام القائم اليوم بدمشق، وبين الغرب وحلفائه الإقليميين ممثليين بالمعارضة السورية، وما سيتبع ذلك من تقسيم للنفوذ والمنافع الاقتصادية بين الطرفين (الدوليين – الإقليميين) في سوريا، عبر اقتسام كعكة إعادة الإعمار في البلاد.

فهل يكون هذا التصوّر القائم اليوم في أذهان صنّاع القرار الاقتصادي بدمشق....في مكانه؟
نترك الإجابة للأسابيع والأشهر القليلة المقبلة، التي ستحسم المشهد القادم في سوريا، هل ستكون الكلمة العليا فيه، للمعركة على الأرض، أم لطاولة المفاوضات في جنيف.

ترك تعليق

التعليق