رفع "بدل العلم" إلى 15 ألف دولار...مرسوم يقول للشباب: "موّلوا حربي...أو ابقوا خارج البلاد"

"إن أردتم أن تروا أرض الوطن...موّلوا حربنا"...هكذا كان لسان حال النظام السوري في مرسوم تشريعي أصدره رئيسه بشار الأسدأمس، ينص على "...رفع قيمة البدل النقدي من المكلف المقيم خارج الأراضي السورية في دول عربية أو أجنبية من خمسة آلاف إلى 15 ألف دولار أمريكي، لمن كانت إقامتهم دائمة لمدة لا تقل عن خمس سنوات...".

وقد حظيت صحيفة الوطن المملوكة لابن خال الأسد، رامي مخلوف، بشرف نشر هذا المرسوم المشؤوم أمس، ومن ثم تناقلته معظم وسائل الإعلام المحلية والعربية وحتى العالمية، ومنها موقع أنباء موسكو (وسيلة إعلامية روسية ناطقة بالعربية).
لكن، وبشكل مفاجئ، قامت صحيفة الوطن بحذف الخبر تماماً من صفحاتها، إلا أنّ الأوان كان قد فات، فقد انتشر خبر المرسوم كالنار في الهشيم، وملأ صفحات الوسائل الإعلامية المعنية بالشأن السوري الداخلي.

ربما يتطلب هذا الحدث الوقوف عنده من جانبين، الأول: أن صحيفة الوطن، المقرّبة من أروقة النظام، حسب وصف بعض وسائل الإعلام الروسية، قررت حذف المرسوم بعد نشره، وكأنها خجلت منه، وهي المملوكة لابن خال الأسد، لكن، حتى أقرب وسائل الإعلام من النظام، خجلت، على ما يبدو، من "صفاقة" النظام ووقاحته، أو أنها التقطت بسرعة ردود الفعل الغاضبة على المرسوم، والتي يمكن ملاحظتها في الكثير من التعليقات المنشورة في صفحات وسائل الإعلام المحلية، حتى الموالية منها، وكمثال على ذلك، نجد أن سيرياستيبس، وهو موقع موالٍ للنظام، خص زاوية للخبر، وذيّله بكلمة "منقول"، وتحته ظهر تعليق وحيد، يندد بالمرسوم بلهجة هادئة، الأمر الذي يدفعنا إلى التخمين بأن مشرفي الموقع حذفوا عشرات التعليقات شديدة اللهجة.

هل يمكن أن يكون خبر المرسوم، شائعة؟
ذهب بعض مواليّ النظام في تعليقاتهم إلى ذلك، فحتى أنصار النظام خجلوا من المرسوم، وفضلوا اعتباره شائعة، متناسين أن صفحات وسائل الإعلام المحلية السورية المقربة من النظام زاخرة بأخبار نفي الشائعات، دون أن يكون أحدها مخصصاً لخبر المرسوم المشؤوم.

ففي صحيفة الوطن نفسها، نجد عنواناً لخبرٍ ينفي رفع سعر الخبز المدعوم، أما في سيريانديز، وهو موقع اقتصادي موالٍ أيضاً للنظام، نجد خبراً ينفي زيادة رواتب الموظفين بنسبة 35%، واصفاً ذلك بالشائعة.

لكن بعد بحثٍ مضنٍ في كل وسائل الإعلام السورية، الموالية والمحايدة، وحتى المعارضة، لم نستطع إيجاد أيّ نفيّ لخبر المرسوم، بل وجدنا نشراً خجولاً له في بعض وسائل الإعلام تلك، مقابل تجاهل أخرى للخبر برمته، في حين نقلت وسائل إعلام أخرى الخبر كما هو عن صحيفة الوطن، قبل أن تخذفه الأخيرة.

خلاصة ما سبق، أن ارتباكاً إعلامياً واضحاً أصاب أساطين الإعلام الموالي للنظام بسبب خبر المرسوم المشؤوم، مما يعني أن فداحة مضمونه لم يستطع حتى أنصار النظام تحملها.

لنترك هذا الجانب وننتقل إلى جانب آخر،.....ماذا يعني هذا المرسوم؟
ضاعف النظام قيمة بدل الخدمة العسكرية للمغتربين ثلاثة أضعاف ليصبح 15 ألف دولار، أي ما يعادل بالأسعار الجارية للدولار، حوالي 2.250.000 ليرة سورية، وما يساوي حوالي 750 ألف ليرة وفق أسعار الدولار قبل الثورة منذ أكثر من عامين.

يُفهم هذا الإجراء للوهلة الأولى على أنه ابتزاز للشباب السوري المغترب، بأن رؤية تراب الوطن والأهل في البلاد ستكلفه 15 ألف دولار، كما أنه يُفهم باعتباره خطوة طاردة للشباب السوري غير المحسوب على النظام خارج البلاد، فالكثير من الشباب المغترب خاصة في دول الخليج، لن يتمكن من تأمين هذا المبلغ بسهولة، مما سيدفعه إلى عدم التفكير بالرجوع إلى سوريا أو حتى زيارتها لسنوات قادمة.

لكن أبرز ما يتضمنه هذا الإجراء، وقاحة واضحة يقول فيها النظام لشباب سوريا، إما أن تموّلوا حربي، أو ابقوا خارج البلاد.

أما كبعد ميداني، لا يبدو أن هذا الإجراء سيخدم النظام إلا في زيادة الحنق ضده، وزيادة الرغبة في التخلص منه، بعد أن بالغ في الكشف عن وجهه القبيح، وفي البحث عن سبل للتضييق على الشعب الثائر عليه.

ترك تعليق

التعليق

  • 2013-05-29
    شو المشكلة ممنظم للجيش الحر ومنحفظ كرامتنا