رغم ارتفاع حالات الاجهاض.. ربع مليون سورية حوامل في الداخل ومخيمات اللجوء

1.65 مليون سورية  في سن الإنجاب ستكون نازحة داخلياً بنهاية 2013
حملة إلكترونية تدعو اللاجئات بالزعتري إلى تأجيل الحمل لحين العودة إلى سوريا

نبهت شبكة "إيرين" الإنسانية إلى مخاطر الحمل والإنجاب التي تواجه الأمهات السوريات، سواء كن ما يزلن في مدنهن وقراهن، أو نزحن عنها داخليا أو هجرنها إلى الخارج، موضحة أن الحرب المستعرة منذ أكثر من سنتين تركت أثراً بالغاً على زيادة الوفيات النفاسية، وارتفاع حالات الإجهاض غير المكتمل.

"إيرين" التابعة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة أوضحت في تقريرها المطول تقديرات تشير إلى أن حوالي 250 ألف امرأة في سوريا وداخل مخيمات اللاجئين سيصبحن حوامل بحلول نهاية عام 2013، و أن 1.65 مليون امرأة في سن الإنجاب ستكون نازحة داخلياً بحلول نهاية العام.
وهذا أهم ما جاء في تقرير الشبكة:

عندما يتحدث عمال الإغاثة التابعون لصندوق الأمم المتحدة للسكان إلى النساء داخل سوريا (اللاتي تعرض الكثير منهن للنزوح من منازلهن ويعيشن في ملاجئ جماعية مكتظة)، يشير العديد من هؤلاء أنهن مستعدات لأي شيء إلا الحمل.
ليلى بيكر، الممثل المقيم للصندوق الأممي للسكان في سوريا، قالت في هذا السياق: لا ترغب النساء في الحمل في أماكن الإيواء، وهو أمر متفق عليه نراه في كل مكان، إذ لا يوجد مكان لرعاية المولود الجديد، كما أنه فرد إضافي بحاجة إلى الطعام.
وعلاوة على ذلك، تخشى النساء من حدوث مضاعفات الولادة حيث باتت القدرة على الحصول على الرعاية خلال فترة الحمل وخدمات الولادة الآمنة، بما في ذلك حالات الولادة الطارئة، محدودة للغاية في البلاد.

إلا أن صندوق الأمم المتحدة للسكان يقدر أن حوالي 250 ألف امرأة في سوريا وداخل مخيمات اللاجئين سيصبحن حوامل بحلول نهاية عام 2013.
وعقب مرور أكثر من عامين على الصراع، تهاوى نظام الرعاية الصحية في سوريا حيث دُمرت المستشفيات وفر العاملون في مجال الخدمات الطبية من البلاد، وتعطلت طرق الإمداد، كما أن أدوات تنظيم الأسرة غير متاحة بسهولة في كثير من الأماكن.

اكتشفت فادية سلامة أنها حامل عقب وصولها إلى مخيم الزعتري للاجئين السوريين بشمال الأردن، إذ لم يكن أي مخزون من وسائل منع الحمل متوفراً في المركز الطبي في بلدتها بضواحي حماة "التي شهدت قصفاً عنيفا"، ولذلك توقفت عن تناول حبوب منع الحمل.
فادية المقيمة في مخيم الزعتري والتي سعت للحصول على المساعدة من العيادة الطبية التابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان، أخبرت قائلة: لقد نفد كل شيء من قريتنا، الغذاء والخبز والدواء.

وفي عام 2012، قام صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا بتوزيع ما يقرب من 1.5 مليون حبة من حبوب تنظيم الأسرة، و40 ألف حقنة لمنع الحمل و 45 ألف مانع حمل رحمي و21 ألف واقي في المحافظات المتضررة من النزاع. إلا أن الشحنات غير منتظمة ولا تلبي المستوى المرتفع من الاحتياجات.

من ناحية أخرى، تقوم فرق العمل المتنقلة التابعة للصندوق بزيارة مخيمات اللاجئين، وتوفير الرعاية الصحية النسائية وتوزيع قسائم يمكن للمرأة استخدامها للحصول على خدمات الرعاية الصحية النفاسية وحالات الولادة الطارئة بالعيادة التي يخترنها.

وفيات النفاس في ازدياد
ويواجه النازحون داخلياً تحديات إضافية تتعلق بتنظيم الأسرة نتيجة ظروف المعيشة المزدحمة، وخاصة في مخيمات اللاجئين المشتركة، ويقدر الصندوق أن 1.65 مليون امرأة في سن الإنجاب ستكون نازحة داخلياً بحلول نهاية عام 2013.
وقالت بيكر أن الصندوق لم يستطع بعد إجراء مسح لتحديد حجم المشكلة، ولكن على الأقل في العاصمة دمشق، وأضافت: نحن قلقون حقاً من أن يصبح الحمل غير المرغوب فيه مشكلة في سوريا، فعند حدوث حمل غير مرغوب فيه، لن يكون لدى الناس بالضرورة إمكانية الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها في سوريا.
وفي فترة ما قبل الصراع، كانت 96 بالمئة من حالات الولادة في سوريا تتم (سواء في المنزل أو في المستشفى) بمساعدة قابلة ماهرة، إلا أن هذا الأمر تهاوى مع استمرار النزاع.
وعطفا على هذا التهاوي، ورغم عدم توفر الأرقام الإحصائية، إلا أن بيكر تعتقد في أن الوفيات النفاسية ووفيات الأطفال حديثي الولادة في ازدياد.

وقد أخبرت بيكر عن امرأتين في وسط مدينة حمص لقيتا حتفهما خلال الأشهر الأخيرة عقب خضوعهما لعملية ولادة من دون تخدير، وقد حدث ذلك نتيجة نفاد الأدوية وعدم إمكانية إعادة توفيرها بسبب الصعوبة الشديدة لتمريرها عبر الخطوط الأمامية للمعركة. والجدير بالذكر أن الأطباء قد أجروا عملية على إحداهما لإنقاذ طفلتها الرضيعة. وقد بلغت الطفلة من العمر أربعة أشهر الآن حيث تتولى جدتها رعايتها، أما مصير الطفل الثاني فما يزال مجهولاً.

كما أن الولادة بواسطة العملية القيصرية صارت 3 إلى 5 مرات أعلى من معدلها في الظروف العادية، وعن ذلك قالت بيكر: تقوم النساء بتحديد موعد العملية مقدماً في محاولة منهن لتجنب الاضطرار للإسراع إلى المستشفى في ظل ظروف لا يمكن التنبؤ بها، وهي غالباً ظروف خطرة.
وفي أحد مستشفيات حمص، تتم ولادة 75 بالمئة من إجمالي عدد الأطفال باستخدام العمليات الجراحية (قيصرية)، وتضطر النساء عادة إلى المشي أو استقلال الحافلة للرجوع إلى المنزل في غضون ساعات من انتهاء العملية، وذلك بسبب انعدام الأمن العام والخوف من عدم التمكن من الوصول إلى المنزل، كما لا يرافقهن أزواجهن خلال الولادة خوفاً من الاعتقال أثناء وجودهم بالمستشفى.

ولكن حتى مع التخطيط المسبق، قد تواجه بعضهن عقبات ومشاكل، ففي 5 أيار/مايو، تم الإبلاغ عن ضرب قذائف هاون على مستشفى الإحالة الرئيسي المتخصص في صحة الأمهات في سوريا، ومقره دمشق، ما ألحق أضراراً بالغة به، في الوقت الذي كانت فيه إحدى النساء على طاولة العمليات، استعدادا لإجراء جراحة قيصرية.

كما تنامى لعلم شبكة الأنباء "إيرين" من خلال إليزابيث هوف، ممثل منظمة الصحة العالمية في سوريا، والتي زارت المستشفى عقب القصف بوقت قصير، أن المرأة أصيبت بالذعر، وسحبت أنبوب القسطرة ووسائل الحقن الوريدي، وركضت، كما أجهضت امرأتان أخريان من الصدمة.
وقالت هوف أنه لا يُسمح ببقاء النساء في المستشفى لمدة تتجاوز 8 ساعات، وذلك بسبب العدد المتزايد من المرضى وعدم وجود أسرّة كافية.
وفي أواخر العام الماضي، أبلغ طبيب بمنظمة الصحة العالمية عن ارتفاع في حالات "الإجهاض غير المكتمل". 

"تعويض الأرواح"
ولكن فقط عبر الحدود، في مخيم الزعتري، المقام في منطقة مغبرة في الأردن، والذي يشهد تزايداً في أعداد اللاجئين السوريين، تختلف اتجاهات الولادة بصورة تامة.
وتقول العديد من النساء أن ظروف المخيم "غير مناسبة" لإنجاب الأطفال؛ حيث تدعو حملة إلكترونية تنظمها مجموعة النساء السوريات (لاجئات لا سبايا) اللاجئات إلى تأجيل الحمل لحين العودة إلى سوريا.
ولكن البعض الآخر يريد "تعويض الأرواح" التي فُقدت في الصراع، كما ترى أم أحمد قائلة: لن نتوقف عن إنجاب الأطفال بسبب الحرب"، وهي أم لسبعة أطفال، كانت تنتظر دورها في الطابور للدخول إلى غرفة المعاينة. 
وأشارت أم أحمد إلى أن اثنين من أشقائها قد لقيا حتفهما، موضحة: هذا هو السبب وراء رغبتي في التوقف عن استخدام اللولب لأنجب مرة أخرى.
وأضافت: إذا توقف السوريون عن إنجاب الأطفال بينما يُقتل الكثيرون، فإن الأمة السورية سوف تتلاشى.

وكل يوم، تحتشد جموع النساء والفتيات السوريات خارج عيادة الصحة الإنجابية التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، من أجل الحصول على المشورة بشأن تنظيم الأسرة والخصوبة، وكذلك إجراء اختبارات الحمل والفحوصات الطبية.
وقالت القابلة منيرة شعبان: نسجل معدلات عالية من حالات الحمل يومياً، لدينا بالفعل من يأتين لطلب المساعدة لأنهن يرغبن في الحمل، وتزداد الأعداد كلما كبر حجم المخيم.
وتستقبل العيادة حوالي 90 امرأة في اليوم، يأتي ثلثهن للسؤال عن أمور تتعلق بالحمل، سواء كانت اختبارات أو علاج، وفقا لاختصاصية أمراض النساء ريما دياب.
ووأوضحت دياب أن جميع أشكال أدوات تنظيم الأسرة متاحة في العيادة، ولكن "الطلب على هذه الخدمة منخفض، فقد طلب معظم مرضانا المساعدة في علاج مشكلات تمنع حدوث الحمل، وأشار الأغلبية إلى رغبتهم في التوقف عن استخدام وسائل منع الحمل.

وقد صرحت بعض النساء أنهن قد تعرضن لضغوط من قبل أسر أزواجهن لإنجاب المزيد من الأطفال.
وقالت أم خالد: إنهم يتوقعون مني إنجاب المزيد من الأطفال الآن، لأن زوجي فقد اثنين من إخوته في الحرب الدائرة، إنهم يتوقعون مني أن أنجب مرة أخرى جميع الذكور الذين فقدوهم.
ويقول اللاجئون أنه غالباً ما يُطلق على الأطفال حديثي الولادة أسماء أقاربهم الذين لقوا حتفهم في الصراع.

ترك تعليق

التعليق