ماذا لو فعلها النظام ومنع تداول الدولار؟
- بواسطة بلقيس أبو راشد - دمشق - اقتصاد --
- 28 حزيران 2013 --
- 0 تعليقات
أفادت مصادر إعلامية واقتصادية بإمكانية لجوء النظام إلى منع تداول وحيازة الدولار نهائياً في السوق السورية، الأمر الذي سيكون له نتائج سلبية على الاقتصاد والليرة السورية، وبالتالي على المواطن، يعبر عنها المراقبون بأنها "خنقاً للبلاد والعباد".
ورغم نفي حاكم مصرف سوريا المركزي أديب ميالة، إلا أن الأنباء تتحدث عن صدور مرسوم يتعلق بعقوبات رادعة تصل إلى حد السجن لمن يمتلك الدولار، يتداولها أيضاً الإعلام المقرب من السلطة، حيث لمحت إليها اليوم جريدة الأخبار اللبنانية المقربة من النظام والتي ذكرت بالقانون رقم "24 لعام 1986" الخاص بمنع تداول الدولار، وهو ما يشير إلى صحة المعلومات التي تتحدث عن أن مثل هذا القرار على طاولة البحث، لا سيما بعد وصول سعر صرف الدولار إلى 200 ليرة، ونفاذ القطع الأجنبي من خزائن النظام، واعتماده على المساعدات الخارجية.
ورغم الفارق الكبير في شكل الاقتصاد إلا أن هذه التجربة تأتي استنساخاً لتجربة حافظ الأسد في ثمانينات القرن الماضي، وكانت تترافق أيضاً مع منع حيازة الليرات الذهبية في ذلك الوقت.
ضربات استباقية
وفي الخطوات التمهيدية التي سبق اتخاذها والتي ترجح إمكانية الوصول لهذا القرار، قيام النظام بإلغاء حق المواطن في الحصول على حوالته الخارجية بالقطع الأجنبي، وفرض عليه استلامها بالليرة السورية، كما سبق لوزير الاقتصاد في حكومته أن ألمح إلى إمكانية منع التجار من الاستيراد وتولي الدولة لهذه المهمة، وفي ذلك عودة إلى شكل الاقتصاد القديم والقائم على تدخل عالٍ للدولة، وأتت هذه التلميحات بعد توقف المركزي عن تمويل مستوردات القطاع الخاص منذ ما يزيد عن ثلاثة أشهر.
خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه أكد أن مثل هذا القرار إذا ما صدر فإنه يعني مزيداً من الشح في البضائع، وارتفاع الدولار بشكلٍ جنوني في السوق السوداء التي ستنتعش بشكلٍ أكبر، وزيادة في التضخم، فالاقتصاد السوري اليوم اتخذ خطواتٍ سريعة نحو الانفتاح قبل ما يزيد عن عشر سنوات، وتم تحرير حركة التبادل التجاري، وانسحبت الحكومة عن ممارسة العديد من المهام الموكلة إليها، وبالدرجة الأولى رفعت الدعم عن العديد من السلع لصالح اقتصاد السوق الحر.
النظام تاجر رابح
ويشرح الخبير الاقتصادي وجهة نظره بالتساؤل كيف يريد النظام العودة إلى دور المحتكر للاقتصاد، وفي نفس الوقت يرفع الدعم؟، ممارسات متناقضة تماماً لا يمكن أن تؤدي إلا إلى خنق البلاد والعباد، في الثمانينات كان لكل أسرة قسائم تموينية ودعم على معظم السلع فرضتها صيغة النظام الذي رفع شعار الاشتراكية، والعقد الاجتماعي القائم على أساس دخل منخفض مقابل دعم للسلع واحتكار النظام للنشاط الاقتصادي، لكن الصورة اليوم هي اقتصاد سوق حر يريد النظام فيه أن يلعب دور التاجر الرابح على حساب المواطن والاقتصاد معاً.
أما حول إمكانية تنفيذ القرار، فيشير الخبير إلى أن كل شيء عند النظام قابل للتطبيق، دون النظر إلى نتائجه الكارثية، دون أي رادع، لكن في الوقت ذاته سيفقد النظام طبقة التجار التي بجزء منها ارتبطت به عضوياً، نتيجة ربط مصالحها بوجود النظام، وبالتالي ربما لا يكون القرار بمثابة منع كامل، لكن تعقيد الحصول على الدولار عبر قنوات محددة، وكل ذلك يبقى ضمن إطار الاحتمالات.
إنهاك الاقتصاد
وأيضاً هناك احتمال آخر يشير إليه الخبير الاقتصادي ويتمثل في أنه ربما يكون الحديث عن القرار ضمن إطار الشائعات فقط لإجبار الناس على عرض ما لديها من الدولار وبيعه في السوق لتخفيض السعر والعودة لادخار الليرة بدل الدولار، لكن إذا كان هذا الأمر صحيح فهو يعبر عن نظرة قاصرة جداً لدى حكومة النظام، حيث لا يمكن لعاقل أن يستبدل مدخرات الدولار بالليرة.
وفيما يتعلق بقدرة الحكومة على تطبيق القرار فيؤكد الخبير أنه حتى في الثمانينات كانت الدولة عاجزة عن ضبط تداول الدولار بشكل كامل، واليوم الدولة هشة وآلياته الرقابية مفككة وعاجزة، فالقرار سيكون عبارة عن إنعاش للسوق السوداء، وتضييق على كل من المواطن والتاجر، وإنهاك للاقتصاد.
التعليق