المدنيون في برزة: صامدون رغم الرصاص والجوع

يرزح المدنيون في حي برزة تحت حصار الموت جوعاً أو قنصاً، حيث دمرت الآلة العسكرية ما يزيد عن 65 % من أبنيتها، ويبحث المدنيون ممن أثروا البقاء في هذا الحي عن لقمة عيشهم وسط ظروفٍ إنسانية سيئة، ومعظمهم من النساء والأطفال، ممن لم يجدوا مكاناً يؤويهم خارج حيهم.

الحي الذي تتأهب قوات الأمن لاقتحامه مكشوف تماماً على المتاريس الأمنية والقناصات والرشاشات، بسبب موقعه المطل على جبل "عش الورور" الذي تحتشد فيه أعداد كبيرة من الشبيحة، والانتقال عبرها لا يمكن أن يكون إلا عبر الخنادق، ففي مدخل كل شارعٍ وحيٍ قناص، يجعل الحركة مشلولة تماماً، ما دفع بالناس إلى إزالة الجدران من البيوت الباقية وفتحها على بعضها البعض، ليستطيعوا التنقل دون الانكشاف على القناص.

وما يزيد الأمور سوءاً وفق ما يشرح أبو محمد "أحد الناشطين في المنطقة"، هو انقطاع التيار الكهربائي لفتراتٍ متواصلة، وحتى قبل العطل العام الذي أطفأ الكهرباء عن كامل سوريا، كان انقطاع التيار الكهربائي في الحي يستمر لأسابيع متواصلة، ما يؤدي إلى فساد الطعام المخزن باستثناء المواد "الناشفة كالرز والبرغل والعدس.. إلخ".

ويؤكد أبو محمد أن هناك من يقدم المساعدات للمدنيين من الأطفال والنساء والعجائز، لكنها لا ترتقي إلى مستوى الحاجة، وبعض هؤلاء يحصلون على وجباتهم من طعام الجيش الحر، حيث لا أموال متوافرة لشراء ما يلزم، ولا يوجد مراكز أو محلات تجارية.


وحي برزة المحاصر الذي يستيقظ كل صباح على أصوات قصف تبدأ من بزوغ الفجر، شأنه شأن باقي الأحياء المشتعلة من دمشق، غادره أطباؤه ولا يوجد فيه إلا مشفى ميداني وحيد، يواجه أيضاً مشاكل انقطاع التيار الكهربائي، ومع ذلك يقدم الخدمات الطبية للجميع دون استثناء، حسب إمكانياته المتواضعة في ظل افتقارٍ كبير للعديد من الأدوية والمستلزمات الطبية، كأكياس الدم ومفجرات الصدر.

ورغم سوء الحالة المعيشية ونقص المساعدات، وسوء الحالة الطبية، إلا أن من بقي في هذا الحي يرفض مغادرته، حيث تقول أم جميل، إحدى السيدات "نعاني من شحٍ في المواد الغذائية، ونعاني انقطاع الكهرباء والماء، وتثقل كاهلنا الهموم إذا أصابنا أي مكروهٍ أو مرض، خوفاً من عدم توافر المواد الطبية، لكننا لا نريد الموت إلا في هذا الحي، لن ننزح عنه ونلجأ إلى المخيمات أو نسكن الحدائق والجوامع".

وحال أم جميل كحال مئات النساء اللواتي خسرن أزواجهن بسبب رصاص النظام، وهناك سيداتٍ لا يعرفن عن أزواجهن شيئاً حيث تم اعتقالهم في حملات عشوائية، لتعيش أسر كاملة بلا معيلٍ في حيٍ يواجه الموت اليومي.

ترك تعليق

التعليق