تأويلات مختلفة لجنون سعر الصرف...وتوقعات بتضخم يأتي على ما تبقى من قيمة الليرة

دخلت الليرة السورية في مسار جديد ومختلف كليا عن السابق، بعد أن ارتفع سعر الدولار قرابة 100 ليرة خلال أربعة أيام، ما فتح الباب أمام تحليلاتٍ مختلفة حول الوتيرة المتسارعة لهبوط الليرة، واحتمالات تخفيض قيمة العملة.

خبير اقتصادي فضل عدم ذكر اسمه أكد أن الجميع يترقب ما يمكن أن يفعله المركزي اليوم، فإذا لم يتدخل ويضخ قطعا أجنبيا، فهذا يعني أننا سننظر إلى هدف 500 ليرة للدولار الواحد، مستدركا: حتى لو تدخل المركزي فسيكون تدخله مؤقتا يهدأ السوق قليلاً قبل أن تعاود الليرة تهاويها أمام الدولار.

ويوضح الخبير الاقتصادي أن الآلة العسكرية تدمر كل شيء بما في ذلك العملة، ومنذ البداية كنا نعتقد أن تلاشي آمال النظام في الحسم سيؤدي به إلى "إفلات" العملة، بمعنى تركها تلاقي مصيرها المحتوم.

ورغم أن النظام يتقدم نوعا ما في بعض المحاور لكن ذلك لم يهدئ من اشتعال أسعار الصرف، حسب الخبير الذي يرى أن النظام يقف خلف هذا الارتفاع الحاد لسعر الصرف.

ويميز الخبير بين الارتفاع الطبيعي والمفتعل، ففي ظل الوضع الاقتصادي المتردي جميعنا متأهب لارتفاع الدولار بشكلٍ كبير، ولكنه تدريجي، أما الارتفاع الحاصل هذه الأيام فقد شكل صدمة للمراقبين، ولا يمكن أن تكون أسبابه فقط متعلقة بالحالة الاقتصادية وجفاف القطع الأجنبي.

خبير اقتصادي آخر يقترب من وجهة النظر السابقة، حيث يشير إلى أن السيولة لدى النظام كانت شحيحة في البداية، لكننا اليوم نلاحظ معروضا نقديا كبيرا، وضخ عملة عملة جديدة مختلفة في مواصفاتها عن السابقة، لا سيما فئة الألف ليرة -أعلى فئة نقدية في سوريا-، وهو ما يظهر بشكل خاص في المحافظات الشمالية.

ويستحضر الخبير الاقتصادي تجربة صدام حسين في المناطق الكردية حيث أعاد ضخ وطباعة العملة من جديد، لإغراق تلك المناطق بالغلاء، وبمعنى آخر فإن النظام يقوم بجمع الليرة وطباعتها ومن ثم إعادة طرحها في المحافظات التي لها وضع أمني معين، وامتصاص الدولار منها بأي ثمن، حتى لو كان بأسعار مرتفعة، ليس بهدف الربح بقدر ما هو بهدف التخريب.

ومن هنا يبدو أن النظام اختار أن يترك سعر الصرف يجتاز نقطة اللاعودة، حيث لم يبق من قيمة العملة السورية أما الدولار اليوم إلا 16 %، ما يعني أن بند كتلة الرواتب والأجور في الموازنة العامة انخفض "دولارياً"، وإذا كانت كتلة الرواتب تعادل الآن 501 مليار ليرة، حسب رئيس الوزراء في حكومة النظام وائل الحلقي، فهي تساوي 1.7 مليار دولار سنويا على سعر دولار يوازي 280 ليرة، بينما كانت كتلة الرواتب قبل ذلك تعادل 391 مليار ليرة سنوياً، وهي قياسا إلى دولار الـ50 ليرة تساوي 7.82 مليار دولار سنويا، أي أن النظام يوفر بسبب فرق سعر الصرف ما يقارب 6 مليار دولار سنويا.

من جانبه يعتقد أحد المراقبين بوجود سيناريو آخر، يتمثل في ضخ الكتلة النقدية السورية الموجودة خارج البلاد، والتي لا يعرف أحد قيمتها الحقيقية، ما يشير إلى وجود لاعبين آخرين يتحكمون بسعر الصرف، لسحب الدولار من السوق السورية، ولهدف ليس الربح على قائمة أولوياته.

ورغم اختلاف التقديرات حول أسباب تهاوي الليرة أمام الدولار، فإن التوقعات التي تجد لها صدى واسعا بين السوريين هذه الأيام، لا تستبعد حدوث مزيد من التدهور في سعر الليرة، ستدفع البلاد ثمنه تضخما هائلا لا طاقة لأحد به، وقد يكون من تداعياته طبع فئات أعلى من الليرة، أو.. التعود على حمل رزم من العملة السورية لدى الذهاب في جولة تسوق عادية!

 

ترك تعليق

التعليق