الصناعيون يُحجمون عن نقل منشآتهم إلى طرطوس...رغم الميزات

"لم يتم حتى الآن نقل أي منشأة أو مصنع إلى المنطقة الحرة في طرطوس ولم يراجعنا إلا مستثمر واحد فقط ونقوم باستخدام مستودعات المنطقة الحرة العائدة لنا وللقطاع الخاص كمستودعات تخزين للمواد الأساسية الغذائية والعلفية....".

هذا ما أكده مدير المنطقة الحرة بطرطوس في تصريحات لصحيفة "تشرين" الرسمية. فرغم كل التسهيلات والميزات التي قدمتها الحكومة لكل صناعي سوري يريد نقل منشآته الصناعية إلى المناطق الحرة في المحافظات والبلدات "الآمنة"، وأبرزها طرطوس، إلا أن أيّ صناعيّ سوري لم يقدم بعد على هذه الخطوة، الأمر الذي طرح الكثير من التساؤلات.

ويُبدي الشارع في طرطوس اهتماماً كبيراً بهذه المسألة، مسألة نقل المنشآت الصناعية إلى مدينتهم، حسب "تشرين"، وذلك نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار بعض السلع والمنتجات بسبب صعوبات النقل والشحن.

وتسأل "تشرين" على لسان المواطن العادي في طرطوس: لماذا لم تنقل أي منشأة صناعية إلى طرطوس حتى الآن؟

مدير المنطقة الحرة بطرطوس أبدي استغرابه هو الآخر، فقد قُدّمت تسهيلات كبيرة للصناعيين والمستثمرين في المناطق التي تشهد ظروفاً أمنية صعبة، وصدرت تعليمات وقرارات تنظم عملية نقل المنشآت إلى المناطق الحرة، وتم تخفيض بدل الاستثمار إلى الحدود الدنيا. لكن رغم كل ما سبق لم يراجع المنطقة الحرة بطرطوس إلا مستثمر واحد فقط، ولم يتم حتى الآن نقل أية منشآة صناعية إلى هناك.

ما سبق يطرح تساؤلات حول مصير المشروع الذي طرحه النظام لإعادة توطين الاستثمارات الصناعية السورية في مناطق تمركز حاضنه الاجتماعي في الساحل السوري، حيث "المناطق الآمنة".

وقد تحولت مستودعات المنطقة الحرة بطرطوس إلى مخازن للمواد الأساسية، العائدة للجهات الحكومية، "نتيجة عدم القدرة على نقلها إلى بعض المحافظات وكاحتياطي غذائي للبلد –يقصد بها طرطوس تحديداً- ونسبة إشغال المستودعات بلغت حوالي 90%".

إذاً نستنتج من هذه المادة التي نشرتها "تشرين" اليوم أمرين:

الأول: إن المستثمرين الصناعيين السوريين أحجموا عن الانتقال إلى طرطوس، لأسباب غير واضحة، لكن يمكن التخمين في عدد من الأسباب، ربما أبرزها عدم وضوح مصير الاستقرار الأمني الراهن في طرطوس، وهل سيدوم، وإلى متى؟، إلى جانب عدم وضوح الرؤية حول مصير المشهد السياسي في البلاد، وهل ستبقى خارطة سوريا على حالتها الراهنة، وكيف سيكون شكل الصلة بين طرطوس والساحل عموماً، وبين الداخل السوري، كلها أسباب لا تشجع المستثمر على الركون إلى حالة الاستقرار الراهنة في محافظات كطرطوس.

وكان معظم المستثمرين الصناعيين السوريين نقلوا مشاريعهم ومنشآتهم إلى دول الجوار، وبصورة رئيسية مصر وتركيا، واختلفت التقديرات في تحديد رقم الاستثمارات الصناعية السورية الهاربة خارج الأراضي السورية منذ بدء حالة الحرب التي شنها النظام ضد الثائرين عليه.

الأمر الثاني: إن المسؤولين المعنيين في طرطوس، يخزّنون السلع والبضائع والمنتجات الأساسية، الغذائية والعلفية، ولا ينقلونها إلى مناطق أخرى، بحجة صعوبة النقل، مع الإقرار بأن أحد أهداف هذا التخزين، هو بقاء هذا المخزون كاحتياطي لطرطوس، وكأن تلك المحافظة الساحلية السورية غير معنية بالداخل السوري، في مشهد يدفع للتساؤل حول الدوافع الحقيقية وراء طريقة الإدارة المعتمدة من جانب المسؤولين المعنيين في طرطوس للفائض الغذائي والسلعي في المحافظة.

ترك تعليق

التعليق