تبديل العملة السورية بين زلّة الشهابي وترقيعات الحلقي وشخصية ميّالة

الحلقي ينفي نيّة الحكومة تبديل العملة أو تأميم المصارف الخاصة.

الشهابي يؤكد أن فكرة تبديل العملة، كانت مجرد "طرح جانبي"، وأن مناقشة الفكرة لم تكن معمّقة أو جديّة.

الحكمة من طرح فكرة التبديل هي ضرب أسواق العملة السورية خارج الحدود، يعني أسواق بيروت وعمان وجدة.

لو لم تكن هناك مضاربة، لكان تراجع الليرة مرتبط بتطور الأوضاع الميدانية والسياسية تحديداً، لكنك أحياناً ترى الليرة ثابتة لفترة، وفجأة تتدهور قيمتها بسرعة، ومن ثم تعود للاستقرار النسبي.

 تستمر زلّات فارس الشهابي، رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، التي تتسبب دوماً بخضّات إعلامية في أوساط المهتمين بالشأن الاقتصادي السوري، وهي دون شك، تحمل تبعات جانبية على المستوى الاقتصادي العملي، كونها تصدر من شخصية تُعتبر في نظر الكثيرين، مقرّبة من الدائرة الضيقة في أعلى هرم النظام، فهي تمثّل واجهة الصناعيين الذين ما يزالون يساندون نظام الأسد، بعد أن تفرق من حولهم الكثير من الأتباع والموالين في الوسط الصناعي والتجاري السوري منذ بدء الثورة عام 2011.

آخر زلّات الشهابي كانت الدعوة إلى تبديل العملة السورية، لكن الغريب، أن زلته الأخيرة تلك اقترنت بترويج للفكرة ساد المواقع الموالية للنظام، الأمر الذي يُؤشر إلى أن فكرة تبديل العملة كانت مطروحة بشكل جديّ في أوساط صنّاع القرار الاقتصادي في النظام السوري، رغم النفي الأخير الذي أدلى به، وائل الحلقي، رئيس وزراء النظام، الذي أكد أمس أن لا نيّة أبداً لدى الحكومة لتبديل العملة المحلية السورية.

وعلى الهامش، حاول الحلقي في نفس التصريح رتق "الفتق" الذي سببته زلّة الشهابي السابقة، التي دعا فيها إلى تأميم المصارف الخاصة، قبل أن يتراجع عن ذلك، ليؤكد الحلقي أيضاً، أن الفكرة المذكورة غير مطروحة نهائياً.
الشهابي بدوره، نفى من جديد، زلّة جديدة من زلّاته، فأكد أن طرحه لفكرة تبديل العملة، كان مجرد "طرح جانبي"، وأن مناقشة الفكرة لم تكن معمّقة أو جديّة.

وللوقوف على خلفيات ومعاني هذا الارتباك في أداء المعنيين بالشأن الاقتصادي والمالي السوري، أجرت "اقتصاد" حواراً مع خبير مالي متخصص، فضّل عدم الكشف عن اسمه:

• بدمشق هناك دعوات جدية لاستبدال العملة المحلية بأخرى من جانب عدد من الاقتصاديين، منهم رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية....هل تعتقد أن هكذا إجراء يمكن أن يفيد في حل قضية انهيار العملة السورية المتواصل؟

أعتقد أن هذه التصريحات، القصد منها، مفاقمة أزمة الليرة.

• تقصد أن تلك التصريحات ستدفع الناس إلى شراء المزيد من الدولار والتخلص من الليرة السورية؟

تماماً، وسابقاً كان هناك حديث حول هذه الفكرة، ونفت حكومة النظام.

• هل تعتقد أن النظام والمتعاونين معه من رجال الأعمال، يريدون مفاقمة أزمة الليرة؟، أم أن القضية مصالح خاصة تخدمها تصريحات عابرة؟

أنت هنا تفترض أن النظام يعمل على تدهور الليرة بإرادته، وأنا لا أعتقد ذلك. الحكمة من طرح فكرة تبديل العملة هي ضرب أسواق العملة السورية خارج الحدود، يعني أسواق بيروت وعمان وجدة.

• وهل فعلاً سيؤدي استبدال العملة إلى تحسين الوضع...أم بالعكس؟

لا أعتقد أنها ستؤدي إلى تحسين الوضع.

• هل توصّف حالة العملة السورية حالياً بأنها انهيار؟

بمقاييس انهيار العملة لا يعتبر هذا انهياراً، يمكن اعتباره تدهوراً.

• وهل تعتقد أن تدهور الليرة سببه المضاربة عليها في الأسواق الخارجية، كما يقول النظام فعلاً، أم السبب الرئيس مرتبط بالوضع السياسي والأمني المتدهور، وتراجع الاحتياطي الأجنبي في المركزي، الذي يمنع النظام من التدخل بالشكل المطلوب؟

العوامل السابقة التي ذكرتها كلها تساهم في تدهور العملة السورية، لكن العامل الأول تحديداً، المضاربة في الأسواق الخارجية، هو المسؤول عن عملية التدهور المفاجئ التي تصيب الليرة السورية من حين لآخر، وتراجع الاحتياطي الأجنبي، يضعف قدرة الحكومة في الحد من تأثير المضاربة.

لو لم تكن هناك مضاربة، لكان تراجع الليرة مرتبط بتطور الأوضاع الميدانية والسياسية تحديداً، لكنك أحياناً ترى الليرة ثابتة لفترة، وفجأة تتدهور قيمتها بسرعة، ومن ثم تعود للاستقرار النسبي.

إلى جانب ما سبق من عوامل، هناك عامل آخر لا يجب إغفاله، وهو تراجع ثقة الناس بالمصرف المركزي، وما يدلل على ذلك أن تصريحات حاكم المركزي من حين لآخر بأن هناك نيّة لضخ عملة صعبة في السوق، لا تؤثر إيجابياً بالشكل المطلوب، أي أن سوق العملة لا يتأثر بتصريحات حاكم المركزي.

شخصية الحاكم، أديب ميالة، ليست بوزن مؤسسة كالمصرف المركزي، يعني تصريحاته دائماً ذات أثر طفيف، وثباته في مركزه ليس سببه الكفاءة، الحاكم كان دائماً نقطة ضعف بأداة المؤسسة.

• طيب سؤال، استبدال العملة، ألن يؤدي إلى حصول طلب كبير على العملة الجديدة ....فيؤدي إلى تحسن قيمة صرفها....أم ليس بالضرورة؟

لا أبداً، لأنها ستُعطى على أساس استبدال العملة القديمة، يعني لن يكون هناك زيادة في الطلب الحاصل على العملة القديمة.

ومن ثم فعملية الاستبدال ستكلف الدولة الكثير، ولا أعتقد أن حكومة النظام بوارد دفع مبالغ ضخمة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.

وبصراحة أنا دائماً عندي قناعة أن أخبارا كهذه هدفها زيادة الضغط على الليرة لدفع الناس للتخلي عنها، فالعملة هي مرآة لاقتصاد الدولة بغض النظر عن طبيعة العملة ذاتها، يعني اقتصاد الدولة هو الذي يحدد حجم الطلب على العملة، لا كونها عملة جديدة أو قديمة.

• هل كان في يد حاكم المركزي قدرات أو إمكانيات لم يستغلها لمنع تدهور الليرة؟

لا أحد يستطيع أن يمنع تدهور الليرة في ظل الظروف التي بمر فيها البلد، لكن كان بإمكانه أن يُعطي لتصريحاته مصداقية أكبر، فحينما يقول "سنضخ عملة صعبة" أو "سيتدخل المركزي" ومن ثم لا يفعل، سيُضعف ذلك مصداقيته أمام الناس. لديك مثال حاكم الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، فمن نظرة عينيه، تتأثر الأسواق.

بكل الأحوال أنا أعتقد أن لا علاقة لحاكم المركزي بالتخطيط وإدارة سعر الصرف، هناك خبراء كبار في المصرف المركزي هم من يديرون المشهد، لكن تُؤخذ على أديب ميالة شخصيته التي لا تتناسب مع مؤسسة بهذا الحجم، ناهيك عن أن الرجل اختصاصه غير نقدي، أي أن اختصاصه العلمي لا يتطابق مع مسؤولياته.

 

ترك تعليق

التعليق