انهيار مفاصل الحياة في الغوطة الشرقية و200 الف يرزحون تحت وطأة الخطر الشديد في دوما

عمد النظام إلى إغلاق كافة الطرق المؤدية إلى المنطقة، وأبقى على مدخلين رئيسيين فقط.
بتاريخ 01-05-2013 عادت خدمة المياه إلى بعض المناطق، في حين بقيت مقطوعة عن باقي المناطق.
لكل /4/ أشخاص وما دون ربطة واحدة /8/ أرغفة- مرتين أسبوعياً.
يشكل إنتاج الغوطة الشرقية من الحليب /25%/ من الناتج المحلي، وقد تراجع بعد الحصار إلى /5%/.

قام فريق من وحدة تنسيق الدعم بزيارة المناطق المحاصرة في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وتركزت الزيارة على مدينة دوما المحاصرة التي تعد مركز الغوطة الشرقية، من أجل تقييم الوضع الإنساني فيها، وخلص التقييم إلى أن ما يقارب /200,000/ نسمة من أهل مدينة دوما ومن النازحين إليها، يرزحون تحت وطأة الخطر الشديد إما جراء العمليات الحربية والقصف اليومي للمنطقة، أو بسبب الحصار المفروض عليها وما يسببه من نتائج كارثية.

لمحة عامة:

تعاني معظم مناطق الغوطة الشرقية في ريف دمشق من حصار مطبق فرضه عليها النظام منذ 01-11-2012، حيث يمنع إدخال أي من المواد الغذائية والإنسانية.

فقد عمد النظام إلى إغلاق كافة الطرق المؤدية إلى المنطقة، وأبقى على مدخلين رئيسيين، أحدهما من جهة مخيم الوافدين على طريق دمشق - حمص، والآخر من جهة بلدة المليحة، وهو يؤدي إلى المناطق الغربية من الغوطة الشرقية، ونصبت قوات الأمن عند كلا المدخلين حاجزين كبيرين، يسمح لعدد قليل فقط من المدنيين المرور عبرهما باتجاه مدينة دوما والغوطة الشرقية، بعد تفتيشهم بشكل دقيق ومصادرة جميع المواد الغذائية التي يحاولون إدخالها. 
كما تنتشر حواجز اللجان الشعبية (الشبيحة) على مداخل الغوطة الشرقية، من أجل إلقاء القبض على كل من يستطيع تجاوز حواجز قوات الأمن عبر الطرق الترابية المحيطة.

وأدى الحصار المفروض على مدينة دوما إلى تهجير معظم سكانها عنها، حيث تبلغ نسبة من تبقى منهم أقل من 40%، يضاف إليهم النازحون من أحياء دمشق الجنوبية وباقي مناطق الغوطة الشرقية، و يتوزعون على مختلف أحياء المدينة.

وفيما يلي أبرز نتائج التقييم لمدينة دوما، والتي تعكس حقيقة الوضع في كامل الغوطة الشرقية:

انهيار قطاع الخدمات:

بتاريخ 01-11-2012 تم قطع الخدمات الأساسية عن مدينة دوما (الكهرباء، الماء) كما قطعت خدمة الاتصالات بكافة أنواعها (اتصالات - انترنت - هاتف محمول)، ولاتزال مقطوعة حتى اليوم.

بتاريخ 01-05-2013 عادت خدمة المياه إلى بعض المناطق، في حين بقيت مقطوعة عن باقي المناطق.

انتشار القمامة في الشوارع، وعدم إمكانية جمعها من أجل حرقها أو دفنها بسبب الأوضاع الميدانية العسكرية، ما أدى إلى انتشار الحشرات والروائح الكريهة.

نقص شديد في المواد الغذائية وارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل جنوني.

نقص في مادة الخبز، بسبب قرب نفاد مخزون الطحين في المدينة، ونقص مادة المازوت اللازمة لتشغيل الأفران، يوجد فقط 4 أفران تنتج الخبز لكامل المدينة، حيث يتم بيعه إلى العائلات مرتين في الأسبوع، وفق دفتر العائلة على الشكل التالي:

من /4/ أشخاص وما دون ربطة واحدة /8/ أرغفة.

من /5-7/ أشخاص ربطة ونصف /12/ رغيف.

من /8/ أشخاص وما فوق ربطتين /16/ رغيف.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني، حيث بلغت أسعار بعض المواد خمسة أضعاف سعرها الأصلي، وفي ظل ضعف القوة الشرائية لدى السكان، فإن العديد من العائلات غير قادرة على شراء السلع الغذائية الأساسية.

ويعود ارتفاع أسعار المواد التموينية إلى عدة عوامل أبرزها: انعدام إمكانية إدخال أي مادة إلى المدينة، واحتكار بعض التجار للسلع مستفيدين من الحصار في رفع الأسعار، واستمرار انخفاض قيمة الليرة السورية المستمر مقابل الدولار الأمريكي، كل هذا دفع بالعديد من السكان إلى العمل في بيع بعض المواد التموينية والوقود، والملابس المستعملة على الأرصفة ( يطلق عليها السكان اسم بسطات) من أجل تأمين بعض المال ليسدوا به رمقهم.

انهيار تدريجي لقطاع الصحة:

بسبب النقص الشديد في الأدوية والمعدات والتجهيزات الطبية، حيث تمنع قوات النظام إدخال جميع أنواع الأدوية والمستلزمات الطبية، سواء كانت لأغراض إسعافية أو من أجل علاج الأمراض المزمنة، ويؤثر هذا الحصار على المشافي العامة ومروراً بالعيادات والمستوصفات والمشافي الميدانية وانتهاءً بالصيدليات.

انهيار القطاع التعليمي:

أدى القصف الذي تتعرض له مدينة دوما إلى إغلاق جميع المدارس في المدينة بعد الحصار، نتيجة لاستهدافها بالقصف، لذا لجأت بعض الجهات المدنية لافتتاح مدارس في أقبية الأبنية السكنية خوفاً من القصف، مع العلم بأن هذه الأقبية لا تشكل بيئة صالحة للتعليم، بسبب تأثيرها الصحي السلبي على الأطفال من جهة، ونتيجة عدم توافر الخدمات ونقص المعدات اللازمة من جهة أخرى (نقص في القرطاسية، والكوادر التعليمية، بالإضافة الى نقص في الموارد المالية ووسائط نقل الطلاب).

ويوجد الآن خمسة مدارس تعمل في مدينة دوما، على تعليم /1,700/ طفل، يتوزعون على جميع الصفوف، من الصف الأول إلى الصف الثالث ثانوي ضمن المنهاج الرسمي السوري. يعمل في هذه المدارس /167/ مدرساً، تترواح مؤهلاتهم بين خريجي جامعيين وخريجي معاهد متوسطة، بالإضافة الى بعض الطلبة الجامعين وحملة الشهادة الثانوية، وجميعهم يعملون كمتطوعين.

في حين أن الأقبية التي يجري التعليم فيها، غير مجهزة لتلعب هذا الدور، حيث يتم الفصل بين الصفوف بستائر قماشية، أما قاعة الصف فجهزت بعدد من المقاعد الدراسية بالإضافة الى السبورة، والإنارة فيها غير جيدة.

وتعتمد هذه المدارس على الهبات المقدمة لها من أجل شراء مواد القرطاسية على أنواعها، وغيرها من المواد الضرورية للعملية التعليمية، وقدم كل من المجلس المحلي لمدينة دوما ومكتب التعليم الثوري، وجهات محلية فاعلة هبات قليلة إلى هذه المدارس كل بحسب إمكانياته في إطار المحاولة للحفاظ على عملها.

انهيار إنتاجية قطاع الزراعة والثروة الحيوانية

يعتمد سكان مدينة دوما على الزراعة من أجل تأمين بعض المواد الغذائية، ولكن الزراعات الأساسية تشهد انهياراً بسبب انعدام إمكانية تسويقها وبيعها، وتحاول بعض الجهات الإغاثية شراء محاصيل القمح بأسعار قليلة، من أجل انتاج مادة الطحين للإبقاء على عمل الأفران، في حين تحاول الجهات الإغاثية والمدنية في المدينة زراعة الذرة من أجل تعويض النقص في القمح والطحين.

ولا يعد حال الثروة الحيوانية أفضل من باقي القطاعات:

الدواجن:

لاتزال حوالي /10/ مداجن تعمل في المدينة بقدرة إنتاجية ضعيفة للغاية، بسبب ارتفاع أسعار العلف، ما أدى إلى ارتفاع سعر البيض بشكل جنوني، بلغ خمسة أضعاف سعره الأصلي. ويلجأ أصحاب المداجن الى ذبح الدواجن بسبب عدم قدرتهم على علفها.

الأبقار:

يشكل إنتاج الغوطة الشرقية من الحليب /25%/ من الناتج المحلي، وقد تراجع بعد الحصار الى /5%/، بسبب عدم توافر العلف وغلاء أسعاره، وأيضاً اضطر العديد من المزارعين إلى ذبح أبقارهم للتخفيف من الأعباء المفروضة عليهم.

ولابد من الإشارة إلى النقص الحاد في مادة الفيول، له مضاعفات خطيرة، حيث أنه بعد قطع خدمة الكهرباء عن المدينة، بات السكان يعتمدون على المولدات من أجل انتاج الكهرباء، ولكن نقص مادة الفيول (مازوت وبنزين) حرم العديد من السكان من الكهرباء، لعدم قدرتهم على تأمين الفيول.

كما أن ندرة هذه المادة باتت تهدد عمل المشافي والأفران، وبرادات تخزين الحليب والمشتقات الحيوانية. كما أن نقص مادة الغاز وارتفاع سعرها، أجبر عدداً من السكان على العودة إلى استعمال الحطب من أجل الطبخ.

التوصيات المقترحة:

الطلب من المنظمات الإنسانية كاللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتدخل العاجل والدخول إلى الغوطة الشرقية عموماً ومدينة دوما خصوصاً، وتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية.

الضغط على النظام من قبل المجتمع الدولي من أجل:

رفع الحظر المفروض على المواد الغذائية والأدوية والفيول، والسماح للأهالي بإدخالها الى المدينة.

تحييد المدارس والمشافي والمنشآت المدنية والسكنية عن القصف.

العمل مع الجهات المانحة من أجل تأمين الدعم اللازم:

للمشاريع الزراعية التي تحاول جهات إغاثية ومدنية محلية القيام بها.

للمشاريع التعليمية، وتأمين مستلزماتها، لضمان استمرار حق الأطفال بالتعلم.

ملاحظة: الواقع الذي تعيشه دوما، ينسحب على كامل مدن وبلدات الغوطة الشرقية، التي تعاني من الحصار وانهيار القطاعات الخدماتية والإنتاجية وقطاع الطبابة والتعليم، وارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

أسعار بعض السلع الغذائية بالليرة السورية ترتفع باستمرار تبعاً لتوافر المادة في السوق، وسعر صرف الليرة مقابل الدولار.


ترك تعليق

التعليق