المركزي يحاول انعاش الليرة الميتة سريرياً

من المدهش في سوريا اليوم أن تداول أخبار انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية، طغت على العمليات الحربية والمجازر المنتشرة في المناطق والبلدات السورية المرتكبة من نظام الأسد، فمع سوق المال السورية الذي يعاني من جفاف الموارد المالية ومع تناقص الودائع البنكية وهروب رأس المال لخارج البلد، اضطرت الحكومة السورية إلى تخفيض احتياطي البنك المركزي السوري إلى أقل من النصف منذ بداية الأحداث عام 2011، ليستمر التناقص لأقل من 2 مليار دولار في نهاية عام 2012، بعد أن كان نحو 18 مليار دولار مع بداية الأحداث رغم تأكيدات المصرف المركزي بامتلاكه احتياطي استراتيجي من القطع الأجنبية، حسب مصادر غير رسمية.

فالمركزي الذي وعد بحل الأمور على لسان حاكمه أديب ميالة، لم يعد ذا ثقة، كالعملة السورية، بالنسبة للسوريين، وطرحه ملايين الدولارات بالتوازي مع رفع مستوى الرقابة على السوق السوداء، لم يخلق استقرارا لسعر الليرة السورية أو ديمومة ذات تأثير، إذ بعد التدخل المستمر منه يتراجع سعر الصرف عدد من الليرات، ليقفز مرة أخرى متجاوزاً الحد الأعلى الذي وصل إليه، فالعملية العقيمة التي يمارسها المركزي تزيد من رفع أسعار الدولار وهمياً، مما يزيد من احتكار شركات الصرافة –المملوكة بالأصل لمتنفذين بالنظام- لعملية التبادل المالي، مع عدم إعلان أي من شركات الصرافة إغلاقها أو إفلاسها، نتجه للقول إن كافة الممارسات التي يقوم بها المركزي تؤدي لنتائج عكسية، تخفض سعر الليرة السورية وتزيد من أرباح الشركات فقط وانهيار المنظومة المالية والنقدية تدريجياً.

فالدولار الذي سجل بداية عام 2011 سعر 46 ليرة سورية للدولار الواحد، تجاوز في شهر شباط 2012 سعر صرفه 108 ليرة سورية والتي عدت كسابقة الأولى من نوعها، ما دفع مصرف سورية المركزي حينها إلى أن يضخ كميات كبيرة من الدولارات في الأسواق ليهبط بعدها إلى حدود 70 ليرة، واستقر على ذات السعر حتى بدات عملية الانخفاض المفاجئ لليرة السورية مع ارتباط ذلك بالعملية السياسية الفاشلة والعمليات العسكرية المستنفذة لكافة الموارد المالية المتبقية في سوريا والمستمرة بذات الوقت من الحكومة السورية.

وتأتي تأكيدات المركزي بامتلاكه لمخزون هائل من القطع الأجنبي وأنه لا يخشى القلة أو التدني بأي حال من الأحوال، وعمليات التدخل الايجابي التي يمارسها لا تستنزف مبالغ تذكر من الاحتياطي الاستراتيجي لسوريا من القطع الأجنبي، رغم أن الليرة السورية فقدت حتى اليوم ما يزيد عن 130 % من قيمتها، وتشهد تغيرات جذرية تشابه فترة الثمانيات حين انخفض سعر صرف الليرة السورية من 4.5 ليرة سورية للدولار لتصل إلى 50 ليرة سورية، ولم تحاول الحكومة السورية القيام بأي إجراء لرفع سعر الليرة وإعادته لما كان عليه في ذلك الوقت ولن تحاول الآن.

ترك تعليق

التعليق