كيف تستميل حكومة الأسد الحاضن الشعبي للثورة؟

برزت مؤخراً عدة معطيات تدلل على أن نظام الأسد يعتمد استراتيجية جديدة مفادها استمالة الحاضن الشعبي للحراك الثوري في سوريا وخارجها، مستغلاً الأوضاع المعيشية والمادية السيئة لجزء كبير من أبناء هذا الحاضن.

آخر تلك المعطيات تعميم صادر عن رئيس وزراء النظام، وائل الحلقي، يسمح فيه بإعادة العاملين المصروفين من الخدمة والمستقيلين أو من في حكمهم والمسرحين صحياً، إلى العمل.

ومن المعروف أن جزءاً كبيراً من المصروفين من الخدمة العامة في السنتين الأخيرتين، تم صرفهم على خلفية علاقتهم بالحراك الثوري في سوريا.

كما أن جزءاً هاماً أيضاً من المستقيلين من العمل الحكومي خلال السنتين الأخيرتين، كانت استقالاتهم على خلفية مساعيهم للخروج من البلاد، بسبب معارضتهم لنظام الحكم.

وقد اعتمدت حكومة نظام الأسد بعيد اندلاع الثورة على استراتيجية صرف كل من يعارض النظام أو يُثبت عليه أية نشاطات مرتبطة بالحراك الثوري من الخدمة العامة، بحجج مختلفة، وكان معظم المصروفين في هذه الفترة ينتمون فعلياً إلى الحاضن الشعبي للثورة.

أما اليوم فيبدو أن النظام، الذي تلمّس تدهور الأوضاع المعيشية للسوريين عامةً، بصورة غير مسبوقة، قد قرّر التحول إلى استراتيجية استمالة هؤلاء المصروفين لصفّه، عبر إغرائهم بالعودة إلى العمل الحكومي، وبالتالي حصولهم على راتب شهري ثابت، على علله، يبقى مقبولاً لسد الرمق، في ظروفٍ معيشيّة بدأت تقترب من حافة المجاعة، وفق مراقبين محليين.

وربما يراهن النظام بصورة رئيسية على سكان المناطق الثائرة المتاخمة لمناطق سيطرته، مثل ريف دمشق، وخاصة الغوطة الشرقية، التي يقطنها مئات آلاف السوريين في ظروف معيشيةٍ كارثية. ويسعى النظام إلى استمالة هؤلاء، وإخراجهم من بوتقة الولاء للثورة والانقلاب إلى جانبه، أو على الأقل، إخراجهم من الهامش المؤيد للحراك المسلح ضده.

ما يعزّز القراءة السابقة، معطىً آخر مرتبط بما حدث أخيراً للاجئين السوريين في مصر، فقد أكد أحد الناشطين هناك، أن قنصل نظام الأسد في القاهرة، زار الموقوفين السوريين في السجون المصرية على خلفية الاعتقالات الواسعة التي شُنّت ضد السوريين هناك، بعيد الإطاحة بالرئيس السابق، محمد مرسي. 
وقد عرض قنصل النظام على الموقوفين تسوية أوضاعهم، مقابل عودتهم إلى سوريا، وتعهّد بأن حكومة الأسد ستؤمّن لهم فرص عمل.

وهكذا يبدو أن نظام الأسد يحاول أن يحصد نتائج طول أمد الأزمة، وآثارها المعيشية السلبية على السوريين في الداخل والخارج، عبر إغرائهم بالعودة إلى "حضنه الدافئ"، مقابل ما يسدّ الرمق، لا أكثر.

ترك تعليق

التعليق

  • 2013-08-05
    مارح تزبط معك يا بشار