نظام بشار يسعى للحصول على أمواله المجمدة في أمريكا وأوربا لقتل ما تبقى من الشعب بذريعة إطعامه!

رغم كل ما رفدته به إيران والعراق وروسيا وحتى فنزويلا من دعم مادي ولوجستي، يحاول نظام بشار الأسد أن يحتال على الضائقة المالية الخانقة التي تكاد تشل أركانه، عبر إيجاد مخرج جديد، يتمثل في الاستفادة من الأموال المجمدة، لتغطية مشتريات المواد الغذائية، وعلى رأسها القمح. 
وصار من شبه المؤكد أن سوريا مقبلة على أسوأ موسم لحصاد القمح منذ حوالي ثلاثة عقود، ما يدخل الأمن الغذائي السوري المتدهور أصلا في هاوية جديدة لايعرف قرارها. 
وقد زاد الخراب الذي لحق بالقطاع الزراعي من مآسي حرب النظام على الشعب وما خلفته من دمار هائل وخسائر اقتصادية ومالية فادحة، تمثلت في ضمور جميع قطاعات الإنتاج وانخفاض احتياطي النقد الأجنبي بشكل حاد، مترافقا بفرط تضخم وانحسار شديد لقيمة العملة المحلية والقدرة الشرائية للسكان.

وتنقل "رويترز" عن "توربيورن سولتفيت" من مؤسسة "مابلكروفت" لاستشارات المخاطر، قوله إن حجم الدمار الذي أصاب الاقتصاد والبنية التحتية في سوريا حتّم ارتفاعا حادا في واردات المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب والسكر.
وتابع: ولأن من المرجح أن يتدهور الوضع في الشهور المقبلة، فإن النظام يدرك أنه يحتاج لزيادة المخزونات لتوفير احتياجات المناطق التي يسيطر عليها.
وليست المواد الغذائية خاضعة للعقوبات الدولية، لكن عقوبات مصرفية وقرارات بتجميد أرصدة وأصول من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى جانب الحرب.. كل هذا أوجد مناخا جعل من الصعب على بعض الشركات التجارية أن تبرم صفقات مع النظام.

وفي الأسابيع الأخيرة أصدرت مؤسسات سورية سلسلة من المناقصات لشراء قمح وسكر وأرز بكميات تتجاوز 500 ألف طن إجمالا.
وأظهرت وثائق اطلعت عليها "رويترز" وأكدتها مصادر تجارية ذات صلة، أن من شروط المناقصات التي طرحها النظام، أن يتم السداد من حسابات مجمدة من خلال استثناءات من الدول التي فرضت العقوبات المالية.
وقال مصدر ينشط في تجارة المواد الغذائية مع دمشق: سوريا لديها أموال في بنوك في أوروبا والشرق الأوسط وتحاول استخدام هذه الحسابات لسداد قيمة واردات الحكومة من السلع الأولية والمواد الغذائية.
وأضاف: "سلطات النظام السوري ليس أمامها خيارات تذكر، وتحتاج لإيجاد سبل لسداد مستحقات الموردين ومعالجة الأزمة الإنسانية بأي وسيلة ممكنة. عليهم إطعام الشعب"
لكن "سولتفيت" من مؤسسة "مابلكروفت"، يقول: رغم أن مدى قدرة النظام على الاستفادة من الأرصدة المجمدة ليس واضحا فقد يرغم الوضع الإنساني المتدهور الحكومات الغربية على السماح بشكل غير رسمي باستخدام هذه الأموال في مشتريات المواد الغذائية الأساسية.
وهذا يعني أن النظام يحاول استدرار عطف الغرب بحجة إطعام الناس، لتفرج عن أمواله المجمدة، فيما هو يبعثر المليارات على قتل الشعب نفسه، الذي يدعي أنه يريد إطعامه.
وأوضحت المصادر التجارية أن بعض الحسابات المصرفية المجمدة موجودة في دول أوروبية من بينها فرنسا وايطاليا.

وقال متحدث باسم كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي: التجارة في السلع الإنسانية مثل الدواء والغذاء والسلع الغذائية مع سوريا ليست ممنوعة ولا توجد قيود على مدفوعات هذه الصفقات. ومن الواضح أن أي صفقات يجب أن تحترم كل البنود الأخرى للعقوبات.
وأبان المتحدث أن أحد البنود التي تنظم التعامل مع سوريا لدى الاتحاد الأوروبي يقضي بأنه "يجوز الإفراج عن أرصدة أو موارد اقتصادية مجمدة إذا اقتضت الضرورة لأغراض إنسانية"، وهو ما يعني أن نظام بشار قد ينجح في استرداد كل أو بعض الأموال المجمدة ليكمل بها قتل الشعب، بذريعة إطعامه!

ولم يستجب مسؤولون في باريس لطلبات الحصول على تعقيب من الحكومة الفرنسية عن البنوك المعنية في فرنسا. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيطالية: "حتى الآن لم تصدر إيطاليا قرارا بفك تجميد أي أرصدة سورية لسداد مشتريات المنتجات الغذائية. وسنرى ما سيحدث في المستقبل"
فيما قالت متحدثة باسم وزارة الخزانة الأمريكية إن العقوبات الأمريكية تتركز على "استهداف الحكومة السورية ومن يساهمون في العنف المأساوي في سوريا"، وأضافت: "نحن ملتزمون بالسماح بالمساعدات الإنسانية المشروعة حتى ونحن نواصل تطبيق عقوباتنا الصارمة على سوريا".
وفي مناقصة طرحت الشهر الماضي لشراء 276 ألف طن من السكر الأبيض، قالت المؤسسة العامة للتجارة الخارجية إنه يجب تقديم وثيقة من الطرف المعني في البلد الذي يجمد الأرصدة السورية بما يفيد السماح بتمويل هذه المشتريات بالأموال المجمدة.

وفي مناقصة أخرى لشراء 200 ألف طن قمح قالت المؤسسة العامة للحبوب إن سداد قيمة المشتريات سيتم من الأموال المجمدة في بنوك أوروبية وبعض البنوك العربية.
وقال مصدر تجاري أوروبي إن المؤسسات السورية أبدت فجأة قدرا أكبر من الثقة، أن بوسعها سداد قيمة المشتريات في المناقصات الدولية رغم العقوبات.
وقال مصدر في المنطقة إن الأموال السورية لدى بنوك أجنبية تخضع لفحوص صارمة قبل الإفراج عنها.
ولم تغلق بعد المناقصات التي طرحتها السلطات السورية لكن مصدرا حكوميا في دمشق يشارك في إبرام صفقات شراء الحبوب قال إن سوريا بدأت بالفعل شراء سلع وفق آلية البيع الجديدة.
وأضاف "ثبت أنها جيدة. فقد أبرمت صفقات باستخدام هذه الطريقة وكانت مرتبطة بمشتريات قمح".
وقال مصدر تجاري من الشرق الأوسط إن من المعتقد أن سوريا سددت قيمة شحنة من القمح باستخدام أحد حساباتها المصرفية في أوروبا.
لكن مصادر أخرى لم تستطع تأكيد إبرام هذه الصفقات وقالت إنها تنتظر نتيجة المناقصات الأخيرة هذا الشهر.

ترك تعليق

التعليق