دعوات الإضراب في أسواق دمشق تفشل...جدل حول موقف التجار من مجزرة الغوطتين

فشلت دعوات الإضراب في أسواق دمشق الكبرى، وكانت الحركة في العاصمة طبيعية بعد يوم واحد من مجزرة مروّعة راح ضحيتها أكثر من 1300 سوريّ في الغوطتين الشرقية والغربية قرب العاصمة، بالسلاح الكيميائي.

وكانت دعوات عديدة أطلقها ناشطون على "فيسبوك" طلبت من تجار دمشق الإضراب حداداً على أرواح من سقط في الغوطتين الأربعاء.
وذكرت تقارير إعلامية أن حالات من الإضراب عمّت أسواق العديد من البلدات في المناطق المحررة، لكن في العاصمة دمشق لم تحصل أية محاولة من هذا القبيل.

وفي حديث مع "اقتصاد"، أكّد مندوب تسويق يعمل في أسواق العاصمة أن الحركة كانت طبيعية جداً، وأنه زار أسواق الشعلان، الصالحية، ساحة عرنوس، شارع خالد ابن الوليد، شارع الباكستان، شارع العابد، وشارع 29 أيار...وكانت جميع المحال في تلك الأسواق تعمل بشكل طبيعي، وكانت الحركة "قوية"، حسب وصفه، لدرجة أنه نسي أن هناك دعوات للإضراب، ولم يتذكر ذلك إلا حينما عاد إلى المنزل، ودخل إلى "فيس بوك".

سألنا مندوب التسويق عن تفسيره لذلك، هل هي لا مبالاة، أم خوف من الأمن؟، فأجاب: "الاثنتين، توجد شريحة لا مبالية، كما أن هناك شريحة كبيرة تخشى عقوبات مخابرات الأسد، والأهم من هذين العاملين، يوجد عامل ثالث، وهو أن الناس غير قادرة على تحمل تكلفة الإضراب، فمعظم العاملين في الأسواق عاجزون عن تحقيق مردود يكفي مصروفهم، فتصور أن يُضربوا، ويتحملوا إضافة إلى ذلك مخاطر العقوبة الأمنية، أو نهب المحل من جانب الشبيحة".

سألناه إن كان استطاع أن يتلمس رأي طبقة التجار حيال ما حصل في الغوطة ، فأكد لنا أن الحديث في هكذا قضايا محدود جداً وضيق النطاق، لكنه أوضح أن هناك حالة يأس حيال أي تغيير في الأوضاع، وأن البعض يشعر بأن الأمور تتجه لصالح الأسد، خاصة بعد الرد الخجول لمجلس الأمن أمس الأول.
طلبنا من مصدرنا رأيه في جدوى محاولة الإضراب في العاصمة، من وجهة نظره، فأكد أنها "لن تفيد كثيراً"، وأن أي تغيير للمشهد الأمني –السياسي في العاصمة، يتطلب خطوات أكبر بكثير من مجرد إضراب.

وكان بعض الناشطين قد اتهموا تجار دمشق بالتقصير حيال ما حدث في الغوطتين، مطالبين إياهم بالإضراب، ومتهمين بعضهم بالتواطؤ مع النظام، وبترتيب مصالحهم على مقياس العلاقة معه.
لكن ناشطين آخرين، في جدل دار على "فيسبوك"، أكدوا أن تجار دمشق، في جزء منهم، موّلوا الحراك الثوري، وساعدوا الثوار مالياً، وإن كانوا قصروا في نطاق المواجهة المباشرة مع قوى الأمن.

وكانت بعض محاولات الإضراب قد أعطت نتائج كبيرة خلال العام الماضي، ووصل بعضها إلى قلب العاصمة دمشق، لكن النظام ردّ بأن أباح لشبيحته اقتحام هذه المحال وسرقت محتوياتها، أو تكسير أقفالها بالقوة، وترك المحال متاحة للعامة.

ودافع بعض الناشطين عن تجار دمشق، مذكرين أن الأسواق الرئيسية في قلب العاصمة تحتوي بضائع بكميات هائلة، فأي محل في سوق الحريقة مثلاً يحتوي بضائع بالملايين، فإضراب تلك المحال ومن ثم تحرك الشبيحة لنهبها سيسبب خسائر كارثية على تجار دمشق، دون أية نتائج تُرجى.

يُذكر أن عدداً كبيراً من رجال الأعمال السوريين انشقوا عن صفوف النظام، رغم علاقاتهم المصلحيّة الوثيقة به، وانضموا لصفوف الثورة، منهم بعض تجار دمشق، في حين يتحدث ناشطون عن دعم مالي غير معلن من تجار دمشقيين آخرين يعملون في الخفاء.

ترك تعليق

التعليق