حكومة الأسد "تُضارب" على الائتلاف وتحاول استمالة الأكراد...علامات استفهام حول إسقاط شرط المدة عن ممنوحي الجنسية

يبدو أن حكومة الأسد قررت أن "تُضارب" على الائتلاف في محاولته الأخيرة منذ أيام لاستمالة الأكراد إلى جانبه.
ففي قرار مفاجئ، أقرّ مجلس وزراء النظام أمس إعفاء من مُنح "الجنسية العربية السورية وفقاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 49 لعام 2011 من شرط المدة لجهة مرور 5 سنوات على اكتساب الجنسية كأساس لاكتساب الحقوق أو تحمل الالتزامات وذلك حيثما تقتضي القوانين النافذة اشتراط هذه المدة".

ومن المعروف أن المرسوم المذكور استهدف حين صدوره في نيسان /ابريل من العام 2011 إغراء الأكراد بأحد حقوقهم المسلوبة، وهي الجنسية السورية، لإخراجهم من صفوف الحراك الثوري الذي كان حينها في بداياته.

وتضمن المرسوم يومها منح الجنسية العربية السورية للمسجلين في سجلات أجانب الحسكة، والمقصود بهم الأكراد الذين حرموا من هذه الجنسية على مدى عقود، بعد إحصاء العام 1962، بدعوى قدوم عشرات الآلاف منهم بصورة غير شرعية من الأراضي التركية.

توقيت القرار الذي أصدرته حكومة الأسد أمس، يطرح الكثير من علامات الاستفهام، أبرزها أن مناطق الغالبية الكردية التي استهدفها المرسوم المذكور، خرجت في معظمها من قبضة الأسد، وأصبحت تتمتع بحكم ذاتي غير معلن.

إلى جانب أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني المعروف بنزعاته الانفصالية في تركيا، يسعى اليوم بصورة حثيثة لإقامة إدارة مدنية مؤقتة لتسيير مناطق شمال شرقي سوريا التي تسيطر المليشيات الكردية عليها، في تمهيد لفرض الحكم الذاتي الكردي، كأمرٍ واقعٍ أمام باقي السوريين.

وتشير الكثير من المعطيات إلى أن هناك تحالفاً غير معلنٍ بين الاتحاد الديمقراطي الكردي، جناح حزب العمال الكردستاني، بزعامة صالح مسلم، وبين نظام الأسد، من أبرز هذه المعطيات أن النظام انسحب بهدوء من كل المناطق التي سيطر عليها الاتحاد الديمقراطي، إلى جانب مساندة الأخير لقوات الأسد في بعض المعارك ضد كتائب المعارضة في شمال حلب.

وتتمثّل القوى الكردية في شمال شرق سوريا في تكتل سياسي هشّ هو "الهيئة الكردية العليا"، تضم الهيئة قوتين سياسيتين بارزتين: "المجلس الوطني الكردي" الذي يضم عدداً من الأحزاب السياسية الكردية، و"الاتحاد الديمقراطي الكردي" الذي سبق أن تحدثنا عنه، بقيادة صالح مسلم.

منذ أيام وقّع رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أحمد الجربا، مع زعيم "المجلس الوطني الكردي"، عبد الحكيم بشار، مشروع اتفاقٍ أسفر عن تسلم بشار منصب نائب رئيس الائتلاف، وانضمام الكيان الكردي إلى تكتل المعارضة، لكن زعيم "الاتحاد الديمقراطي الكردي"، صالح مسلم، عارض الاتفاق، بذريعة أنه لم يشمل كامل "الهيئة الكردية العليا"، وأن الاتحاد الكردي لم يُستشار في هذا الاتفاق.

كان واضحاً في الاتفاق المذكور، أن المعارضة السورية تحاول استمالة الأكراد لتوحيد الصف في مواجهة النظام، ولقطع الطريق على المساعي الانفصالية لبعض القوى الكردية، المغلّفة بحجة منع امتداد الفوضى إلى مناطقهم.

وقد قدّم الائتلاف جملة تنازلات من أبرزها: إطلاق اسم "الجمهورية السورية" بدلاً من "الجمهورية العربية السورية"، وضم 11 عضواً من "المجلس الوطني الكردي" إلى الهيئة العامة لـ "الائتلاف" المؤلف من 114 عضواً، وثلاثة أعضاء إلى الهيئة السياسية التي تضم 19 عضواً.

وتضمن مشروع الاتفاق "الاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكردي القومية،...والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمن إطار وحدة سوريا أرضاً وشعباً والعمل على إلغاء كل السياسات والمراسيم والإجراءات التمييزية المطبقة بحق المواطنين الكرد ومعالجة آثارها وتداعياتها وتعويض المتضررين، وإعادة الحقوق لأصحابها".
كما نص مشروع الاتفاق على "اعتماد نظام اللامركزية الإدارية بما يعزز صلاحيات السلطات المحلية"، وأن "أفضل صيغة للدولة السورية هي صيغة دولة اتحادية".

وقد ردّ صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الذي رفض مشروع الاتفاق مع الائتلاف، بأنه سيعمل على مشروع الإدارة المدنية المؤقتة لتسيير مناطق شمال شرقي سوريا وشمالها.

وتتضح نقاط الالتقاء بين صالح مسلم، وحزبه المحسوب على العمال الكردستاني، وبين نظام الأسد، في تصريحات مسلم الأخيرة بخصوص مجزرة الكيماوي في الغوطتين، حيث قال مسلم: "النظام ليس أحمق كي يقوم بالهجوم خلال وجود المفتشين، لذلك لا بد من تحقيق شفاف لمعرفة الحقيقة".

ويتمتع حزب مسلم بميليشيا عسكرية قويّة، تعدّ الأقوى بين الميليشيات الكردية المسلحة، وقد شاركت النظام في عدة معارك ضد المعارضة في حلب، كما اشتبكت مع "الدولة الإسلامية في العراق والشام" و"جبهة النصرة" في عدة معارك في مناطق من الحسكة، وتقدّر قوات "الاتحاد الديمقراطي الكردي" بحوالي 30 ألف مقاتل، حسب تقارير إعلامية.

وهكذا يبدو أن نظام الأسد يحاول قطع الطريق على الائتلاف المعارض، ومنعه من استمالة الأكراد، ليُصدر قراراً يلغي شرط المدة لاكتساب الحقوق في حالة ممنوحي الجنسية من الأكراد عام 2011.
ووفق شرط المدة السابق، لم يكن من الممكن للأكراد الذين حصلوا على الجنسية السورية عام 2011 أن يتمتعوا بحقوق المواطن السوري قبل العام 2016.

ويبدو أن هذه الخطوة، لا تهدف فقط إلى استمالة الأكراد، بل ربما إلى المراهنة عليهم في أية معركة انتخابية محتملة خلال العام القادم، بحيث يمكن حشدهم إلى جانب النظام عبر حليف الأسد الكردي، صالح مسلم وحزبه، الاتحاد الديمقراطي الكردي.

ترك تعليق

التعليق