"فوق الموت عصة قبر" ..محامون يشكلون مافيات للإتجار بالمعتقلين في سوريا
- بواسطة بلقيس أبو راشد - دمشق - اقتصاد --
- 17 ايلول 2013 --
- 0 تعليقات
ظهرت خلال العامين الفائتين مافيات حقيقة قوامها بعض المحامين، ممن شكلوا ثروات هائلة مستفيدين من فساد المنظومة القضائية، وارتفاع أعداد المعتقلين والمغيبين قسراً في سجون النظام.
اختلفت الإحصائيات الحقوقية حول أعداد المعتقلين، حيث تبدأ الأعداد من 60 ألف معتقل إلى أكثر من 100 ألف، ولا يعرف أهالي المتعقلين عنهم أي شيء، علاوةً عن تحويل بعضهم للمحاكم وعدم استدعائهم للمثول أمام القاضي، وهذا ما يفتح باباً واسعاً لاستغلال الحاجة وانتشار الفساد والابتزاز.
ورغم وجود عدد من المحامين ممن شكلوا هيئات دفاع عن معتقلي الرأي ولا يتقاضون أي أتعابٍ مقابل ذلك، هناك في المقابل بعض المحامين ممن لديهم مفاتيحهم للأجهزة الأمنية والقضائية، يحاولون ابتزاز أهالي المعتقلين.
سماسرة الحقوق
وتروي لنا "وفاء" زوجة أحد المعتقلين قصتها، فبعد غياب زوجها لما يزيد عن شهر بدأت تتردد إلى القصر العدلي وتراجع الديوان بشكلٍ يومي لترى ما إذا كان لزوجها اسم ضمن قائمة من يتم تحويلهم للقضاء، لتلحق بها في أحد الأيام فتاة عرفت عن نفسها أنها محامية، وتستطيع أن تحصل على خبرٍ ما عن زوجها، وأخذت رقم الهاتف ولم تطلب في البداية أي مبلغ، تضيف "وفاء" فقط طلبت مني اسم زوجي وكيف تم اعتقاله، وماذا يعمل وبعض الأسئلة العامة، وفي نفس اليوم اتصلت مساءً لتخبرني أن زوجي قضيته خطيرة جداً، ومتهم في أحد التفجيرات، ومساعدة الجيش الحر، وطلبت مني أن أزورها في مكتب أحد المحامين، وذهبت إلى هناك، وعرفتني على المحامي أنه ذو شأن "وإيدو واصلة"، لكنها لمحت لي بأن الموضوع مكلف وليس سهل لا سيما وأن قضية زوجي خطيرة جداً، فسألتها كم يمكن أن تكلفني؟، لتجيبني أنها تحتاج إلى 500 ألف ليرة، أسلمها نصف المبلغ خلال أيام وبعد خروج زوجي تستلم النصف المتبقي.
وتؤكد وفاء أنها لو كانت تمتلك المبلغ لما ترددت في دفعه، لكن لا حيلة لها ولا تستطيع أن تؤمن ولا حتى ربع المبلغ، وبقيت تتصل بي وتحاول إقناعي لكنني أخبرتها أنني لا أملك هذا المبلغ، وطلبت منها أن تساعدني لأجل أطفالي لكنها لم تعاود الاتصال، وبعد حوالي عشرين يوم خرج زوجي وأخبرني أن القضية لم تكن أكثر من تشابه أسماء.
الغريق بيتعلق بقشة
وإذا كانت وفاء ممن لا يمتلكون المبلغ ولم تقدم على دفعه هناك من، دفع أعلى من هذا المبلغ، كما فعل أبو رفيق محاولاً إخراج زوجته التي اعتقلت منذ ما يزيد عن ستة أشهر ووصلته منها بعض الأخبار، حيث يقول: أعرف أن قضية زوجتي لم تكن سهلة، لكنني طرقت كل الأبواب وحاولت أن أفعل ما بوسعي لإخراجها، إلى أن ذهبت لأحد المحامين، ممن لديه معارفه في "محكمة الإرهاب والتي تم تحويل زوجتي لصالحها"، ونصحني كثيرون أن لا ألجأ إليه فمعروف عنه أنه "نصاب" حتى لو كان "بيطلع بإيدو"، لكنني وبعد كثرة الوعود لم يبق لي خيار إلا أن أذهب إليه.
وفي ظل غياب كافة السبل لم يجد "أبو رفيق" طريقةً أخرى، حيث يقول: طلب مني المحامي مبلغ مليون ليرة، ورغم أنني لا أملكه لكنني بعت سيارتي لتأمينه ودفعته، لكنها لم تخرج إلا بعد ثلاثة أشهر، أي أنها أمضت تسعة أشهرٍ في السجن، ولا أستطيع مطالبته بالمبلغ لأنه يضع لي الحجج والأعذار، وأخشى أن يقوم بتسليمي للأمن، ولا أستبعد أنه قادر على فعل ذلك، ولم يكن أمامي إلا هذا الحل، والجميع يلومني بما فيهم زوجتي لكن "الغريق يتعلق بقشة".
ولا يخفى على أحد فساد المنظومة القضائية والمؤسسات الأمنية، والتي تأخذ حصتها من الغنائم، لكن أول كلمة يمكن أن ينصح بها المحامون والمدافعون عن سجناء الرأي، أنهم "نصابون"، ويطلبون من أهالي المعتقلين أن لا يدفعوا أي ليرة لهؤلاء، لكن في محكمة الإرهاب تحديداً هناك بعض الرشاوي التي يتم دفعها لتقريب موعد المحاكمة، فالأعداد هائلة تقدر بعشرين ألف معتقل كتقديرات أحد المحامين، فضل عدم ذكر اسمه، وهناك سياسة متعمدة بعدم البت في وضع المعتقلين، وتركهم كأوراق سياسية للمساومة، أو دروع بشرية.
وعند الشبيحة أيضاً...
وأيضاً وجد المحامون طريقاً لهم لابتزاز الناس عبر علاقاتهم باللجان الشعبية التي تقوم بعمليات الخطف ليعملوا كسماسرة، يطلبون الفدية من الناس، فاللجان الشعبية قادرة على تلفيق التهم، إذا لم تدفع العائلة المبلغ المطلوب، وهذا ما حدث مع وجيه الذي اختطف من قبل اللجان الشعبية، وتواصل أحد المحامين مع أهله ليطلب منهم مبلغاً وصل إلى مليوني ليرة، حيث أخبرهم أنه حضر على جلسات التحقيق مع ابنهم، وهو متورط في العديد من القضايا، ويمكن أن يتم تحويله للأمن حيث لا يمكن أن يخرج من هناك، وبعد أن ترجي الأهل انخفض المبلغ إلى مليون ليرة، استطاعت العائلة تأمينه "بطلةع الروح"، كما يقول وجيه.
وبسبب غياب الرقابة، فالقضايا الجنائية شأنها شأن قضايا المعتقلين وسجناء الرأي، فالفساد ازداد إلى حدودٍ لا وصف لها كما يقول أحد المحامين، ففي أوقات الاستقرار، لم يكن فساد القضاة والمؤسسة القضائية خافياً على أحد، والحال اليوم في أسوأ صوره.
التعليق