الدولار الواحد يعادل 25 ألف ريال إيراني ..العقوبات الاقتصادية جرت طهران إلى طاولة التفاوض والتنازل

تمكن التحالف الدولي من إجبار نظام الملالي الإيراني على الرضوخ والتفاوض بشأن برنامجها النووي، بعد أن ترنحت طهران طويلاً بفعل ضربات العقوبات الاقتصادية على قطاعي النفط والمال، في بلدٍ اجتهد من أجل بناء منظومته النووية، ليكون انتعاش الاقتصاد الإيراني مرهون بالاتفاق السياسي المزمع عقده خلال الأشهر القادمة. 

ويتقاطع المشهد الإيراني مع المشهد السوري من الناحية الاقتصادية، فالنظامان المتحالفان، لا يمكن أن يصمدا تجاه عقوباتٍ طالت المفاصل الأساسية في الاقتصاد، لكن مع فرقٍ أساسي وهو أن النظام السوري ضحى في الاقتصاد قرباناً لاستمراره، وهو ما لا يمكن لإيران فعله لتدخل في مفاوضاتٍ تحمي اقتصادها مقابل بعض التنازلات عن برنامجها النووي.

وبعد أن فرض المجتمع الدولي مجموعةً صارمة من العقوبات على الاقتصاد الإيراني خلال الفترة الماضية، توقع العديد من المراقبين والخبراء أن يصل اقتصاد هذا البلد إلى مرحلة الانهيار، ففي عامٍ واحدٍ فقط تهاوى الريال الإيراني إلى مستوياتٍ غير مسبوقة، حيث كان الدولار في عام 2012 يساوي 12 ألف ريال، لكنه اليوم يساوي ما يقارب 24700 ريال، إلى جانب الديون المترتبة على النظام الإيراني لصالح القطاع الخاص والبنوك. 

وإذا كان الهدف من العقوبات الاقتصادية الصارمة على قطاعي النفط والمال، هو إجبار إيران على التفاوض والتنازل عن منظومتها النووية فهو ما تحقق فعلاً، في الآونة الأخيرة حيث أثبتت العقوبات نجاحها بعد أن استطاعت جعل البلد الغني اسمياً فقير فعلياً.

انهيارات حادة
تشرين الأول / أكتوبر عام 2012 كان شاهداً على بداية الانهيار في العملة الإيرانية حيث انخفض سعر الصرف بنسبة 18 % دفعةً واحدة، وبعدها بيومٍ واحد انخفض أيضاً بنسبة جديدة وهي 9 %، ولم يمر هذا الانخفاض في ذلك الوقت مرور الكرام حيث شهد الشارع الإيراني توتراً نتيجة رفض تجار العملة والصيارفة السياسات المالية، وحينها طالبوا بإقالة محافظ البنك المركزي.

وتزامن انخفاض العملة في العام 2012 مع تراجعٍ حاد في صادرات إيران من النفط، حيث ابتعد الاتحاد الأوروبي عن الاستيراد من إيران "وكان له نسبة 20 % من النفط الإيراني"، كما امتنعت دول شرق آسيا هي الأخرى عن الاستيراد من إيران رضوخاً للعقوبات وهي التي كان لها حصة تصل إلى 60 % من النفط الإيراني، وتشير تقديرات الاقتصاديين إلى انخفاض صادرات إيران من النفط الخام بحوالي 40 % من 2.5 مليون برميل يومياً إلى 1.5 مليون فقط، وخسارتها نتيجة ذلك ما يقرب من 32 بليون دولار أمريكي، وهي التي كانت تمثل حوالي 80 % من الموارد الاقصادية للبلاد.

والملفت في التجربة المالية الإيرانية مع العقوبات هو اقترابها إلى حدٍ كبير من االسياسات النقدية السورية، حيث اتجهت إيران أيضاً إلى اعتماد نظامٍ متعددٍ لسعر الصرف تلبيةً لحاجات المستوردين، أيضاً تحت مسمى ترشيد استهلاكم القطع الأجنبي، وفقاً لقوائم الاستيراد فالأولوية للغذاء والدواء، وكل ما عدا ذلك يأخذ دولار بأسعارٍ أعلى، وهو ذات السيناريو الذي اتبعه النظام السوري في بداية الثورة.

احتياطي شم ولا تدوق
ووفق واحدة من شركات الأبحاث "روبيني ومقرها الولايات المتحدة" فإن إيران كانت تمتلك 100 مليار دولار كاحتياطات قطع أجنبي، بقي منها اليوم 80 مليار دولار، لكن ثلاثة أرباع هذه الأموال "ما يقارب 60 مليار دولار" موظفة في حسابات الضمان التي تشتري النفط الإيراني ولا يمكن إعادتها دون الخروج من نفق العقوبات، بما في ذلك الـ 20 مليار دولار المتبقية، حيث لا يمكن الاستفادة منها بسبب العقوبات المالية التي أخرجت إيران من الشبكة المصرفية العالمية. 

لكن السؤال الذي لا بد طرحه الآن، ومع بدء عجلة التفاوض التي يتحدث مراقبون أنها ستحتاج ما بين ثلاثة إلى ستة أشهر على أبعد تقدير، ماذا سيستفيد الاقتصاد الإيراني من ذلك؟، أهم النقاط التي سيكسبها نظام الملالي هو إعادة الاحتياطات إليه، وعودة تصدير النفط، إلى جانب التفاوض المباشر مع الشركات وعدم الحاجة للوسطاءن ويتوقع المراقبون أن هذا الانتعاش من شأنه إعادة سعر الصرف للحدود الطبيعية.

ترك تعليق

التعليق