"إنذار" مجلس القضاء الموحد بحلب...هل يُعيد إحياء الخلاف حول إدارة معبر بستان القصر؟

نشر مجلس القضاء الموحد في محافظة حلب "إنذاراً" لمن وصفهم بـ "أصحاب النفوس الضعيفة" ممن يهرّبون المحروقات عبر معبر بستان القصر بين المناطق المحررة والمناطق الخاضعة للنظام.
وعلى صفحته في "فيسبوك"، أوضح المجلس أن "النظام إنما يعتمد بشكل أساسي في تشغيل آلياته على المحروقات التي يمده بها أصحاب النفوس الضعيفة الذين باعوا دماء الشهداء بحفنة من المال عن طريق تهريبها عبر معبر بستان القصر بشكل أساسي".

واستطرد المجلس في "إنذاره" موضحاً أنه يعتبر "بيع المحروقات أو المشاركة في بيعها إلى النظام بأي شكل من الأشكال"، جريمة "يحاسب عليها القانون المستمد من الشرع".

وختم المجلس "إنذاره" المؤرّخ بـ "30 أيلول 2013"، محذّراً من أنه سيضرب بيد من حديد "كل من تسوّل له نفسه خيانة الثورة".

يُذكر أن مجلس القضاء الموحد لمحافظة حلب كان قد تأسّس نهاية العام الماضي، بعيد تحرير جزء كبير من مدينة حلب، ومن ثم دُمجت الهيئة الشرعية للكتائب الإسلامية المقاتلة بالجسم القضائي المشكّل من قضاة مستقلين أو منشقين عن النظام، وتم اعتماد القانون العربي الموحّد، المستمد من نصوص الشريعة الإسلامية، كقانون واجب التطبيق في المحاكم المؤسّسة في المناطق المحررة من حلب، خلال الفترة الانتقالية الحالية.
وكان شهر تموز /يوليو الماضي قد شهد اشتباكات بين فصائل من الجيش الحر والكتائب الإسلامية المقاتلة للأسد بسبب الخلاف حول كيفية إدارة معبر بستان القصر الواصل بين المناطق الخاضعة للجيش الحر، وتلك الخاضعة للنظام.

ونجم الخلاف حينها عن حالة تدفق السوريين من المناطق الخاضعة للنظام عبر المعبر إلى المناطق المحررة لشراء البضائع والسلع، نظراً لأن الأسعار في حلب المحررة تقل بصورة ملحوظة عن نظيرتها في المناطق الخاضعة للنظام، إلى جانب قيام البعض بشراء كميات كبيرة من السلع لبيعها في الجانب الخاضع للنظام بأسعار باهظة، مما شكّل عبئاً على اقتصاد المناطق المحررة.

وانقسمت المعارضة حينها بين مؤيد لترك المعبر مفتوحاً بصورة مطلقة أمام حركة السوريين بين المنطقتين، وبين معارض لذلك بذرائع مرتبطة بالتهريب وتكسّب البعض من التجارة بين المنطقتين ونتائج ذلك السلبية على قدرة الأسواق في المناطق المحررة على تأمين متطلبات سكان تلك المناطق.
وانتهى الأمر بإقرار فتح المعبر، وإن كان بعض شهود العيان أكدوا بأن بعض الثوار المسلحين المسؤولين عن إدارة المعبر ما يزالون يتسببون بمضايقات للسوريين العابرين بين المنطقتين، خاصة القادمين من المناطق الخاضعة للنظام.

ويرى بعض الثوار المسلحين بأن سكان المناطق الخاضعة للنظام موالون له، وأن عليهم أن يثوروا عليه، لا أن يعتمدوا على سلع وبضائع المناطق المحررة، في الوقت الذي يخضعون فيه لسيطرة النظام، وهي وجهة نظر تعرضت للكثير من النقد والرفض من جانب فصائل وشرائح كثيرة من الثوار والمعارضين، انتهت نظرياً بفرض وجهة النظر المؤيدة لفتح المعبر، لكن ما يزال الأمر عملياً لا يُطابق ما يقال نظرياً، وإن كان بات أقل وطأةً مما كان عليه الوضع مطلع شهر تموز الماضي، حينما عانى سكان المناطق الخاضعة للنظام من حصار كامل من الجانبين، جانب النظام الذي أوقف إدخال شاحنات السلع والبضائع إلى حلب بحجة سيطرة الثوار على أجزاء واسعة من الطريق الدولي الواصل بين حلب ودمشق، ومن جانب المعارضة المسلحة التي أغلقت حينها المعبر بصورة شبه كاملة، قبل أن ترجع وتفتحه تحت ضغط إعلامي ومظاهرات أدانت حصار سكان المناطق الخاضعة للنظام، ورفضته بالمطلق.

ويأتي بيان مجلس القضاء الموحد بحلب اليوم ليضيء من جديد على مشكلة معبر بستان القصر، خاصة لجهة الرؤية التي تقول بأن فتح المعبر بالكامل يضرّ باقتصاد المناطق المحررة، بسبب حالة التهريب ونقل البضائع والسلع والمحروقات باتجاه المناطق الخاضعة للنظام، والإتجار بها هناك، وتحقيق أرباح كبيرة على حساب الجزء المحرر من حلب.

وإن كان "إنذار" مجلس القضاء الموحد ركّز على حيثية تهريب المحروقات التي تخدم النظام في تشغيل آلياته العسكرية، إلا أن الخشية تكمن في أن يُعيد ذلك إحياء حالة الجدل حول فتح المعبر أو إغلاقه، بعد أن تسبب ذلك في اشتباكات بين الثوار حينها، وفي مظاهرات لمتعاطفين مع السكان الخاضعين للنظام، والذين كادوا أن يصلوا حد "المجاعة" قبيل شهر رمضان الماضي.

ترك تعليق

التعليق