محطات الوقود تتفنن في سرقة المواطن.. وحكومة النظام تتفنن في رفع الأسعار

 يكتوي السوريون عموماً من الغش والفساد اللذين يتوغلان في تفاصيل حياتهم اليومية، وعلى أبواب الشتاء تبدو المحروقات هي الهاجس الأول للمواطن وأيضاً للفاسدين، في ظل ارتفاع وتيرة القول بأن ارتفاعاتٍ جديدة ستطال أسعار حوامل الطاقة.

ولا يحصل على المازوت هذا الشتاء إلا صاحب الحظ السعيد والواسطة، لكن مهما كان حظه وفيراً وواسطته ثقيلة، فإنها لن تحميه من تلاعب أصحاب المحطات، فتعيير العدادات، والبيع أعلى من التسعيرة الرسمية بات أمراً واقعاً لا مفر منه، حيث تقول أم رائد وهي موظفة في إحدى البلديات: نحن نعمل في البلدية ونسجل الطلبات ونوزع القسائم وقسيمتي منذ الشتاء الفائت ولم أحصل على حصة المازوت رغم أنني موظفة في البلدية، وهذا ما أجبرني أن أطالب رئيس القسم المختص بأن يؤمّن لي المازوت هذا الشتاء وإلا فإنني قادرة على فضح ما يتم من تلاعب داخل البلدية، فما زالت أرقام التوزيع لا تتعدى بضعة آلاف في حين وصلت أرقام القسائم إلى ما يزيد عن 45 ألفا، وطبعاً كل من له واسطة حتى لو كان رقمه آخر رقم يحصل على المازوت.

خوارزمي سوريا
وتضيف أم رائد كنت أعتقد أن القضية تنتهي عندما يطلب رئيس القسم من المحطة إضافة اسمي وحصولي على مئة ليتر، رغم أن القسيمة مسجل عليها 200 ليتر، لكنهم يوزعون فقط مئة ليتر لكل عائلة، وفعلاً اتصل بي الموزعون، ومن المتعارف عليه أن يزيد سعر الليتر ليرة أو ليرتين كونه واصلا إلى المنزل، لكنهم طلبوا مني في الليتر 70 ليرة، مؤكدين أن هذا السعر لأنني أعمل في البلدية وإلا فسعر الليتر لا يقل عن 85 ليرة، وبعد جدالٍ طويل واتصالاتٍ مع البلدية قبلوا أن ينخفض السعر إلى 67 ليرة.

ومع ذلك لم تنته الرحلة هنا، حيث بات السوريون أهم من الخوارزمي وابن البودي في علوم الجبر والرياضات والهندسة الفراغية، وما حصل مع أم رائد يبرهن ذلك حيث تقول: زوجي لديه خبرة بالكميات التي يمكن أن يحتويها كل خزان وفق قياساته، وبعد ذهاب السيارة، صعد إلى السطح، وبدأ بالقياس، وتشرح أن طول الخزان لديها متر وعرضه أيضاً متر في حين عمقه هو 50 سم ما يعني أن سعة الخزان لديها هي 500 ليتر، وكان فارغا تماماً، ووفقاً للحسابات فإن المئة ليتر تعني أن يصل طول المازوت المعبأ في الخزان إلى 20 سم، لكن اكتشفنا أن ما تم إفراغه في الخزان هو فقط 10 سم ما يعني أننا دفعنا 6700 ليرة، على 50 ليتر فقط وليس مئة ليتر.

على عينك يا تاجر
ما حصل مع أم رائد ليس قصةً يتيمة فهذا ما يحدث مع كل من يريد تعبئة مازوت هذا الشتاء سواء بشكلٍ نظامي أو بشكلٍ حر، وطبعاً لا ينفع معاودة الاتصال مع المحطة فالسيارة خرجت من المكان ولا يمكن إثبات الحادثة، وهناك من يحاول أن يتيقن مسبقاً ويطلب منهم أن يضبطوا العداد أمامه وهذا ما حدث مع ربيع الذي أحضر لهم "غالون سعة 20 ليترا"، وطلب منهم ملأه قبل أن يصعدوا ويملؤوا له الخزان، وفعلاً تبين أن العداد لا تلاعب فيه، مع العلم أن ربيع يشتري المازوت بشكلٍ حر بسعر الليتر 90 ليرة، ويريد ملء خزانه بـ 600 ليتر، وأيضاً تبين بعد رحيلهم أنهم "نصبوا" عليه بحوالي 80 ليتر، لكن ربيع استطاع تحصيلهم بعد تهديده لهم بأنه قادر على إغلاق المحطة.

محطة المازوت ذاتها التي تبيع بسعر الدولة للقسائم تبيع أيضاً بسعر حر للمواطنين، ما ينفي حجة النظام بأنه لا يمتلك الكميات الكافية لتوزيع المحروقات على المواطنين المسجلين في الدوائر المحلية، منذ حوالي عام ولم يحصلوا إلى اليوم على مخصصاتهم من المادة التي باتت عملة نادرة بالسعر النظامي، ومادة رائجة بأسعار السوق السوداء، ومازال الشتاء في بداياته.

وفي ظل استمرار معاناة المواطن مع الغش والفساد تتصاعد وتيرة الحديث عن احتمال رفع أسعار المازوت بعد رفع سعر البنزين وفق ما أوردت صحيفة مقربة من النظام، والتي أكدت وجود دراسة حكومية جدية لرفع سعر ليتر المازوت إلى 75 ليرة بالتوازي مع رفع سعر اسطوانة الغاز إلى 1300، وهنا نوضح أن سعر غالون المازوت عالمياً 2.99 دولار أي على دولار نشرة المركزي 138 ليرة يساوي 109 ليرات.

ترك تعليق

التعليق