قرية الحصن في ريف حمص تواجه الموت والتجويع والتهجير منذ 8 أشهر

خالد الحصني:نقص حاد في حليب الأطفال مع وجود رضّع كثيرين تحت الحصار
أهالي الحصن يأكلون في اليوم وجبة واحدة وبدون خبز
يبلغ عدد سكان قرية قلعة الحصن الواقعة على الطريق الواصل بين طرطوس وحمص حوالي 23 ألف نسمة 
لم يبق منهم سوى 3500 نسمة، بعد تعرضها لأعمال القتل والتهجير على يد قوات النظام وشبيحته، ويحيط بها حوالي 34 قرية موالية ذات أغلبية مسيحية، تحولت في الفترة الأخيرة إلى مصدّرة للشبيحة، الأمر الذي فرض على قرية الحصن واقعاً مأساوياً لا يوصف من الحصار والتجويع والافتقار إلى أبسط شروط الحياة الإنسانية.

وبلغ هذا الحصار أشده بعد سقوط مدينة تلكلخ - التي لا تبعد عنها سوى آلاف الأمتار- بيد قوات النظام، التي وجهت تعزيزاتها العسكرية من دبابات وراجمات صواريخ وعربات شيلكا نحو هذه القرية، وترافق ذلك مع قطع تام للاتصالات والكهرباء والماء تحضيراً -ربما- لعمل عسكري فيها بعد أشهر طويلة من حصار خانق لم يُبق ولم يذر.

حول الوضع الإنساني لقرية الحصن، يقول الناشط الميداني خالد الحصني لـ" اقتصاد ": الوضع هنا سيء لأبعد الحدود والحواجز المحيطة بالمدينة واللجان الشعبية، أو مايسمى قوات الدفاع الوطني بوادي النصارى تمثل تهديداً مباشراً لنا، سواء بالاستهداف المباشر أوبقطع الإمدادات الغذائية والإغاثية والطبية، وفي الحصن الآن -كما يقول الحصني- نقص كبير في المواد الغذائية ومن أهمها مادتي الخبز والطحين، فالأهالي لم يروا الخبز منذ أكثر من ثمانية أشهر

ويتابع: هناك نقص كبير في مادة حليب الأطفال، مع وجود رضّع كثيرين تحت الحصار، ولذا تلجأ الأمهات إلى "إطعامهم" شراب اليانسون بسبب عدم توفر حليب الأطفال، فضلا عن نقص الأرز والسكر، وقد لحق بهما مؤخرا البرغل والعدس حتى كادا ينفدان بشكل نهائي.

ويؤكد الحصني أن أهالي الحصن يأكلون في اليوم وجبة واحدة وبدون خبز، وبعض المناطق يدخل إليها الخبز كل أسبوع مرة أو اثنتين، أما الحصن فمضى عليها ثمانية أشهر لم يعرف أهلها رغيف الخبز.

وهناك حالات مرضية أصيب بها البعض من النساء والأطفال وكبار السن، جرّاء قلة الغذاء . علماً أن في مدينة الحصن أكثر من 550 عائلة أي ما يعادل 3500 شخص هم الذين تبقوا من عدد السكان الأصليين، وقد استشهد كثيرون منهم ومن بينهم أطفال ونساء وكبار في السن، وتم تهجير الأغلبية.
وفي الحصن مشفى ميداني وحيد يستقبل يومياً العديد من الجرحى والشهداء، لكنه يفتقر لمعظم الأجهزة الطبية والأدوية المطلوبة، ولذلك يتم الاستعانة بالإمكانات البسيطة لمعالجة الجرحى، ومنهم من استشهد بسبب عدم توفر الدواء له أو بسبب صعوبة إخراجه من المدينة إلى مناطق أخرى تتوفر فيها مشاف مؤهلة إلى حد ما.

تعتيم إعلامي
وعن عمليات التهجير التي يتعرض لها أهالي القرية يقول الناشط الحصني: تم تهجير أكثر من ثلاثة أرباع أهالي الحصن، وخاصة من يقطنون في مدخل البلدة الذين هُجّروا بسبب قرب منازلهم من حواجز النظام واستهدافها يوميا بالمدفعية وبمدافع الشيلكا، حيث استشهد العديد من الأطفال والرجال في هذه المنازل، لذلك اضطروا للفرار إلى مناطق أخرى فمنهم من خرج إلى المناطق القريبة من الحصن مثل قرى " البساس" و"الشميسة"، ومنهم من لجأ إلى محافظة طرطوس التي ذهب إليها أغلب من هُجرّوا، وبعض المهجّرين ذهبوا إلى حمص أو دمشق.

ويضيف الناشط الحصني: ناشدنا منظمات إنسانية كثيرة من خلال الصور والفيديوهات والتقارير لإنقاذنا مما نحن فيه من وضع إنساني مترد، صحيح أن ما قمنا به لايكفي ولكن السبب برأيي هو التعتيم الإعلامي على الحصن، فأغلب القنوات مهتمة بمناطق أخرى، والكل يعلم بأن أهم منطقة تعاني حالياً هي "معضمية الشام"، ولكن أنا أقول بأن ذلك لا يجوز أن يحصل، وأعاتب الجميع على عدم مساعدتنا لأن قلعة الحصن في المحصلة هي منطقة سورية حمصية تعاني ما تعانيه أغلب المناطق وربما أكثر، والكثير من الأشخاص طلبوا منا تقارير حول الوضع الإنساني في الحصن ليرفعوها لمنظمات الإغاثة ولبينا طلبهم ولكن لم نلمس أي نتيجة، بل على العكس ازدادت الأمور سوءاً وتردياً. 

فتنة بغيضة
وعن استهداف قوات النظام وشبيحته من وادي النصارى لقرية الحصن يقول الناشط الحصني: تتعرض الحصن لقصف يومي وبشكل عشوائي وعنيف بكافة الأسلحة، ومنها من راجمات الصواريخ والمدفعيات الثقيلة ومدافع 57 ومدافع 23 وكل هذه الأسلحة تتمركز إما في القرى المحيطة والموالية للنظام في وادي النصارى، ومن هذه القرى "عناز، الحواش، كفرا، مرمريتا، رأس النبع، المنقولة"، أو من الحواجز المحيطة بالقرية، والتي تمنع دخول أي شيء، وأي شخص يخرج يتم اعتقاله، وكذلك بالنسبة لمن يدخل إلى الحصن. ويؤكد الحصني أن هناك بعض الأهالي قاموا بتسليم أنفسهم للنظام، ومنهم شبان بسبب الجوع والقصف. وهناك قرى أخرى في الريف الغربي تتعرض لما تتعرض له الحصن كقرى " الزارة" و"الشواهد" أما باقي القرى والبلدات فهي تحت سيطرة الجيش الحر.

وحول انخراط الكثير من المسيحيين من أبناء المنطقة في معاداة الثورة ومحاربتها، مثل هو الحال بالنسبية لشبيحة "بشر اليازجي"، والرسالة التي يوجهها أهالي الحصن للمسيحيين الذين يحيطون بهم في وادي النصارى، يقول الناشط خالد الحصني: نحن أهل الحصن ليس لنا أي مشاكل مع أهالي الوادي الذين عشنا معهم مئات السنين في سلام ووئام، ومشكلتنا اليوم مع بعضهم ممن جنّدوا أولادهم لينخرطوا في مجموعات تابعة لبشر اليازجي لقتال أهل الحصن، والدليل عندما قال بشر أثناء مقابلة له على قناة "أو تي في" إنه يقصف الحصن لأن فيها مسلحين، وقال بأن ابن المسلح مسلح وأم المسلح مسلحة ولذلك أباح قتلهم جميعا، والآن يعمد إلى إشعال فتنة طائفية بغيضة بين أهل الحصن والوادي، وهذا الأمر سيفشل بإذن الله بسبب وعي بعض الأهالي الشرفاء في الوادي، ولذلك نقول للباقين منهم استيقظوا من حلمكم وأوقفوا هذا الشبيح الذي يحاول تدميركم، لأن الأمور أصبحت واضحة فالنظام يقوم باستغلال الوضع، وبشر اليازجي الآن هو الورقة الأخيرة قبل نهاية الحرب.

ترك تعليق

التعليق