لكل شعبة 10كتب فقط.. التعليم آخر اهتمامات النظام.. والفساد ماركته المسجلة

تتعدد المشكلات التي يعاني منها الطلاب في مدارس النظام، وتتشعب معاناتهم في ظل فسادٍ مستمر، وأعداد طلابٍ تتزايد بفعل النزوح من المناطق الثائرة، فلا كتب مدرسية وصلت ولا مازوت، ولا بنى تحتية مناسبة للتعليم.

ومع خروج معظم المحافظات السورية من يد النظام، وتسرب ملايين الأطفال من المدارس بسبب النزوح خارج البلاد، ماأدى إلى تقلص أعداد الطلاب عموماً، لكن في المقابل حدثت اختناقات في مدارس المناطق الآمنة التي استقبلت النازحين وأطفالهم.

ومضى من العام الدراسي قرابة الشهرين، لكن إلى الآن لم يحصل الطلاب على الكتب المدرسية، فلكل مقعد كتاب واحد في أفضل الحالات يتناوب عليه الطلاب، وهناك بعض المناطق التي تحصل الشعبة المكونة من ما يزيد عن 40 طالب على عشرة كتب فقط، وهناك بعض المواد لا تتوافر لها كتب نهائياً.

أعداد غير مسبوقة
مدير إحدى المدارس الذي فضل عدم ذكر اسمه يشرح لنا أنه يرسل في الشهر الخامس من كل عام الأعداد التقديرية المتوقعة للطلاب، وبناءً عليها تصل الكتب للمدرسة في الشهر الثامن من كل عام ويتم توزيعها مع بداية السنة الدراسية، المشكلة أن أعداد الطلاب هذا العام ارتفعت بنسبة تصل إلى 100 % بفعل استيعاب طلابٍ جدد من النازحين.

ويوضح المدير نحن ليس لدينا صلاحية بتقدير أعداد المهجرين المتوقع فهذه مهمة النظام القائم، هو من عليه وضع الاستراتيجيات والسياسات البديلة للأحداث الطارئة التي نمر بها، والجميع يعلم أن أعداد الطلاب ستزداد في المناطق الآمنة، لكن يبدو أن النظام لم يعلم هذا الشيء بعد.

وفي خفايا قضية الكتاب المدرسي يشرح لنا مصدر مطلع فضل عدم ذكر اسمه، أن الكتب متوفرة، فحصص المحافظات المحررة، يمكن توزيعها على المناطق الأخرى، لكن لا أحد يريد أن يحل هذه المشكلات، فهم النظام حالياً متركز على حسم المعركة العسكرية، وآخر ما يهمه موضوع التعليم، لا على العكس يريد أن يتندر الناس على ماكان قائماً قبل الثورة، ولو أراد النظام هناك حلول متاحة حتى لو كانت مكلفة بعض الشيء، فهناك كتب موجودة في مستودعات المناطق الساخنة، وسيارات القطاع الخاص يمكنها نقلها لكن بمبالغ تصل إلى 70 ألف ليرة لكل سيارة.

منظومة فاشلة 
وإلى جانب عدم حصول الطلاب على الكتب بفعل ارتفاع أعدادهم، هناك من لا يمكن استيعابه في صفه ليتم ترفيعه مباشرةً إلى صفٍ جديد، كما حصل مع محمد، طفل مهجر من درعا إلى أحد المناطق الآمنة، ومن المفترض أن يكون في الصف الأول، لكن وبسبب عدم القدرة على استيعاب طالب جديد في شعب الصف الأول التي ارتفعت طاقتها الاستيعابية إلى الحدود القصوى "أكثر من 45 طالبا في الصف الأول لكل شعبة"، الأمر الذي دفع بالمدير إلى قبوله في المدرسة لكن في الصف الثاني، وإلا سيحرم من الدراسة تماماً.

وللأعداد المتزايدة للطلاب في الشعب انعكاس سلبي على مستوى التعليم المتردي أصلاً في مدارس القطاع العام، حيث تخبرنا سناء إحدى مدرسات المرحلة الابتدائية، بأنه لا يمكن أن نعطي الدرس بالشكل الأمثل ولدينا حوالي 50 طالبا في الشعبة، فإذا أراد 20 % فقط من الطلاب طرح سؤال واحد فقط لن نتمكن من إعطاء الدرس وسيذهب الوقت على الإجابات، إلى جانب الظرف المعيشي لأهالي الطلاب فهناك من يعجز عن شراء الأقلام والدفاتر لأبنائه والتي ترتفع أسعارها بنسبٍ زادت عن 200 %، ماذا يمكن أن نفعل لهؤلاء الطلاب؟، تطرح سناء السؤال وتؤكد أنها تعطي دروسها بظرف غير إنساني علاوةً عن الظرف الصحي السيء بسبب الأعداد المتزايدة.

دفء مسلوب
وفي كل عام يعاني الطلاب من البرد الشديد بسبب عدم وصول حصص المدارس من المازوت، وليست المشكلة في المخصصات لكن المشكلة الحقيقية في الفساد، وهو ما يخبرنا به مدير المدرسة الذي يقول: "استطعت أن أخفف من مصروف المازوت في العام الفائت لأننا لم نستطع الحصول على حصتنا إلا "بطلوع الروح" كما يقال، واستطعت أن أبقي 100 ليتر للعام الحالي، وهو ما يسمى "بالتدوير"، وعندما طالبت بها البلدية في المنطقة حاولوا إقناعي باقتسام ثمنها، وبيعها بسعر السوق السوداء، وهو ما رفضته طبعاً لأتحول إلى سخرية المعنيين لأنني رفضت مشاركتهم في فسادهم."

ويؤكد المدير، أنه على علمٍ بأن إدارات غالبية المدارس لا تشعل المدافئ للطلاب، وإنما تأخذ حصة المدرسة التي تصل أحياناً إلى 2000 و3000 ليتر مازوت، لتبيعها في السوق السوداء، أو تفرغها في خزانات منازلها، وغالباً ما يكون ذلك بالتواطؤ مع شركة المحروقات، وحيتان الفساد الكبرى.

ترك تعليق

التعليق