ناشط إغاثة لـ"اقتصاد": تجربة المجالس المحلية المنتخبة باءت بالفشل

أعضاء في المجالس المحلية يعتقدون أن هناك "مؤامرة" ضدهم مقابل دعم وتمويل الجمعيات الخيرية
يذهب بعض الناشطين والمهتمين بالعمل الإغاثي والخدمي في الداخل السوري، خاصة في المناطق المحررة، إلى مقولةٍ مفادها أن تجربة المجالس المحلية المنتخبة، والمنبثقة عن تجربة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وقبله المجلس الوطني السوري، قد باءت بالفشل، وأثبتت عدم صدقيتها، في معظم الحالات، مقارنة بأداء الجمعيات الخيرية المموّلة سواءً من أثرياء سوريين وخليجيين، أو من دول عربية وإسلامية.

فما مردّ هذا الاعتقاد؟ وما حيثياته؟
هذا ما حاولت "اقتصاد" الإجابة عليه عبر حوار مع الناشط في مجالات الإغاثة في الداخل السوري، عبد الله عمير، الذي فصّل لنا أسباب قناعته بفشل تجربة المجالس المحلية المنتخبة في المناطق المحررة من سوريا.

وأوضح الناشط عبد الله عمير في بداية حديثه لـ"اقتصاد" أن بعض العاملين في المجالس المحلية المنتخبة يعتقدون أن هناك "مؤامرة" ضد تلك المجالس، مقابل دعم وتمويل الجمعيات الخيرية بصورة سخية. لكنه يؤكد أن ذلك غير دقيق.
ويبيّن الناشط أنه يعمل ضمن فريق يدعم الداخل السوري إغاثياً، ويستطرد: "من خلال تجربتي في التعامل مع تلك المجالس –يقصد المجالس المحلية المنتخبة في المناطق المحررة- وجدت أن هناك لامبالاة في التعامل مع الداعمين من خلال:
١ - التركيز على الحصول على الدعم أولاً، وإن حصل ذلك يتم إهمال عملية التوثيق التي تحتاجها الجهة الداعمة لتبيينها وتوثيق نفقاتها.
2- بصراحة، عدم إيصال المبالغ المستحقة إلى أصحابها (هناك بعض الحالات نقوم بإرسال مبالغ اغاثية لهم عن طريق بعض المجالس المحلية ويصل قسم من ذلك المبلغ فقط.
3- هناك تقصير من قبل بعض تلك المجالس في السعي للحصول على الإغاثة المطلوبة لمدنهم، وأعطيك مثال: في شهر سبتمبر- أيلول، سافرت إلى تركيا لإيصال مواد إغاثية ومبالغ نقدية إلى بعض الجهات التي كنت أتواصل معهم، منهم جمعيات ومنهم مجلس محلي في إحدى المناطق، لا أريد ذكر اسمه، المهم مندوبو الجمعيات استقبلونا في تركيا وسهّلوا لنا التعامل معهم وعرضوا علينا الدخول معهم إلى الداخل لتوزيعها بأيدينا، وبالفعل دخلنا وقمنا بكل هذا وواصلنا العمل معهم حتى اليوم -أما مندوب المجلس المحلي في منطقة ما، فكان يجلس في مدينته ويقول لي أرسل المبلغ لي إلى هنا (يقصد إلى عنوان مجلسه) في الداخل، ولم يسعَ حتى للمجيء إلى انطاكية أو المعبر لاستلام المبلغ.. النقطة الأهم التعامل السهل مع الجمعيات الخيرية وسرعة توثيقهم لأي مشروع وتغطيتهم الإعلامية لذلك، على سبيل المثال، قمنا بمشروع أضاحي للعيد منذ أيام في الغوطة عن طريق جمعية هناك، فكانت الشفافية في التعامل معنا وبإيصالها إلى مستحقيها، وهم أهلنا في الداخل ...".

ويتابع الناشط: "عندما أتكلم عن مسألة التوثيق، فهي عبارة عن تصوير وتوثيق للمواد العينية التي يتم إرسالها أو شراؤها من هناك، وذلك للتأكيد على وصولها. ثم إن مسألة الدعم من أهل الخليج تتم عن طريق الأهالي الذين يحملون همّ قضيتنا وقضية ثورتنا، ولا يكون هناك أي أجندات أخرى".

ويختم الناشط: "بالنسبة لي، ومنذ تشكيل المجلس الوطني ومن ثم الائتلاف، كنا من أوائل المشجعين لهم، ولكن لاحقاً فشل هذان التشكيلان فشلاً ذريعاً، وذلك ما انعكس على كل جسم تابع لهما".

بطبيعة الحال، يمثّل ما أفادنا به الناشط عبد الله عمير وجهة نظر سائدةٍ لدى بعض الناشطين العاملين في الداخل السوري، أو الذين هم على تواصل دائم معه، يقابل ذلك من يدافع عن تجربة المجالس المحلية المنتخبة، ويتحدث عن أنها لم تحظَ بالرعاية أو التمويل الكافيين، كما أن موظفيها لم يحظوا بتمويل يغطي احتياجاتهم المعيشية، كي يتفرغوا للعمل في تلك المجالس بالصورة المطلوبة.
ويبقى أن وقائع الأمور وتطوراتها في الداخل السوري تستدعي مراجعة تجربة المجالس المحلية المنتخبة والتدقيق في أسباب فشلها في القيام بمهامها في معظم المناطق بغية سد نقاط الضعف فيها، وإعادة إحياء هذه التجربة بما يمكنها من تحقيق النجاح الذي يؤهلها لأن تكون قاعدة لمؤسسات الدولة المأمولة في سوريا المستقبل.

ترك تعليق

التعليق