صحيفة لبنانية مقرّبة من حزب الله تُلمّح لاحتمال انشقاق قدري جميل

تحت عنوان "إجازة جميل المفتوحة: ماذا وراء الأكمة؟"، نشرت جريدة الأخبار اللبنانية، المعروفة بولائها لحزب الله، تقريراً يُلمح إلى أن نائب رئيس وزراء النظام للشؤون الاقتصادية، قدري جميل، الموجود حالياً مع عائلته في العاصمة الروسية موسكو، قد يكون على أُهبة "الانشقاق" عن صفوف نظام الأسد.

زعيم أحد المجموعات السياسية اليسارية الصغيرة، والذي يرتبط بعلاقات متينة مع الروس منذ سنين، دخل صفوف حكومة الأسد باعتباره جزءاً من ائتلافٍ يجمع بين النظام و"المعارضة". لكنه سرعان ما فقد حقيبة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، تحت عنوان الخلاف حول التوجهات والاستراتيجيات الاقتصادية داخل الحكومة، في مواجهة الأزمة الراهنة في البلاد.

لكن يبدو أن أسباباً موضوعية أكثر، كانت تقف وراء حصر نفوذ قدري جميل بمنصب "نائب رئيس الوزراء"، الذي ظهر مؤخراً على أنه ديكور، ليس أكثر.

ورغم فشل أدائه كوزير للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، وتناقض تصريحاته من جانب، والتي كانت تنادي بإعادة إحياء استراتيجية "الدولة الراعية" في الاقتصاد، والنكوس بسوريا إلى عهد الاقتصاد المخطط والسلع المسعّرة، مع قرارات وزارته من جانب آخر، والتي شهدت أبرز فرمانات التخفيف من الدعم الحكومي لبعض المواد الأساسية والمحروقات على حساب "جيبة" المواطن السوري.

إلا أن انتقادات الرجل السياسية لنظام الأسد، بصورة مبطّنة، وبعبارات مُواربة، لطالما احتسبها صقور أنصار النظام على أنها تلميح إلى أن جميل يريد أن يحجز لنفسه موقعاً بين النظام والمعارضة الخارجية –الائتلاف-، بغية أن يكون الخيل الرابح "روسياً"، وفق النمط الشيشاني الذي انتهى، بعد كسح المقاومة المسلحة، إلى تسليم زمام الشيشان لمجموعة سياسية شبيهة بمجموعة هيئة التنسيق الوطنية، وباقي التيارات السياسية المقرّبة من نهجها، والذي يبدو أن قدري جميل يريد أن يكون من عِدادِها.

في التفاصيل تقول صحيفة الأخبار اللبنانية: "لم يحاور نائب رئيس مجلس الوزراء السوري قدري جميل إذاعة «شام إف إم» أمس  الأول كما جرت العادة. اللقاء الأسبوعي الغائب تحوّل إلى خبر عاجل في المواقع السورية الاخبارية، وذلك بعد إعلان الإذاعة السورية عن حصولها على معلومات من مصادر في رئاسة الوزراء عن «إجازةٍ مفتوحة من دون راتب لقدري جميل الموجود حالياً في موسكو»".

إذاً، فالنظام يُشيع علناً أن قدري جميل في حالة اعتكاف في موسكو، لتكمل باقي الصفحات الموالية للنظام على الإنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي العمل، واصفةً وجود جميل في موسكو "بأخذه «تذكرة ذات وجهة واحدة»!"، تستطرد الصحيفة اللبنانية: "...كذلك نقلت صفحات محسوبة على أوساطٍ في النظام، أخباراً حول «اجتماعات سرية أجراها جميل مع رئيس هيئة التنسيق حسن عبد العظيم، وأطراف معارضة أخرى في إطار التحضير لانضمام هذه الأطراف إلى الائتلاف الوطني السوري للمشاركة في وفد معارض واحد ضمن جنيف». الحكومة التي استعرت فيها الخلافات حول الملفات الاقتصادية والاجتماعية، من دعم المحروقات، إلى رفع الأسعار، وقضايا الفساد لم «يهجرها» الرجل بعد...".

علي حيدر، حليف قدري جميل في حكومة الأسد "الائتلافية"، لم ينفي أن يكون وجود الرجل في موسكو له علاقة بالتحضيرات لمؤتمر جنيف، لكنه نفى بصورة غير مباشرة أن يكون للأمر بُعدٌ مرتبط بالانشقاق عن النظام والانضمام إلى صفوف الائتلاف المعارض، تقول الصحيفة اللبنانية: "حليفه وزير المصالحة الوطنية، علي حيدر، أوضح للإذاعة نفسها –إذاعة شام إف إم- أنّ لا شيء غير اعتيادي في إجازة جميل، وأن هدفها هو «قضاء وقت عائلي إلى جانب استمرار التحضيرات لعقد مؤتمر جنيف، حيث تشكل موسكو مكاناً لحراك سياسي واسع». وأكد أن «جميل سيعود في وقت قريب، حين يصبح ذلك ضرورياً». ولمّح إلى أنّه «لا يعلم إن تمت الموافقة على طلب الإجازة الذي قدمه جميل بشكل رسمي»، مشيراً إلى أن هذا الطلب هو الثاني، ما يدل على أن الطلب الأول لم تتم الموافقة عليه...".

وتختم الأخبار اللبنانية موضحة أن الخلاف الحكومي حول استراتيجية الرفع التدريجي وغير المعلن للدعم الحكومي عن المحروقات والمواد الغذائية الأساسية، هو أحد أسباب اعتكاف قدري جميل في موسكو، إلى جانب التحضيرات لـ "جنيف2": "مصادر رسمية مقرّبة من جميل، قالت لـ«الأخبار» إنّ «بقاءه في موسكو يتركز حول التحضيرات لمؤتمر جنيف من جهة، ومن جهة أخرى فإن قراراً برفع أسعار المازوت يجري تجهيزه ويرفضه جميل رفضاً قاطعاً. ولكي لا يخرج عن الانضباط الحكومي، فإنه ربما يرى في بقائه في موسكو تعطيلاً لهذا القرار الذي لن تستطيع الحكومة تحمل مسؤوليته، وهي التي كانت بشكل غير مباشر تحمّله مسؤولية عمليات الرفع السابقة»".

كي يكمل المشهد، "طبّلت وزمّرت" بعض صفحات أنصار النظام على الفيسبوك للأمر، متهمين علناً، أو ضمناً، بأن قدري جميل قد يكون "رياض حجاب 2"، مذكرين بأنه لم يكن موضع ثقة منذ بدايات عمله الوزاري.

الحملة الإعلامية لأنصار النظام على قدري جميل، وترجيح خروجه عن سرب "الائتلاف" مع الأسد، ومن ثم نشر هذا التقرير في الأخبار اللبنانية المُقرّبة من حزب الله الحليف للأسد، يُنبئ بأن قدري جميل ربما ينوي القفز من قارب الأسد، للاصطفاف كمعارضٍ، كي يحجز له كرسياً في "جنيف 2"، أملاً في أن يكون أحد الخيول الروسية الرابحة، وربما يُبشّر ذلك بما ألمح به بعض المسؤولين الأمريكين، تسريباً، بأن هناك اتفاق روسي – أمريكي على إخراج الأسد من سدة الرئاسة، لكن الروس يحبذون العمل بطريقتهم، حسب "مصادر أمريكية".

فهل نسمع بعد حين قدري جميل يرفع الصوت ضد نظام الأسد مجاهرةً هذه المرة، ومن قلب العاصمة الروسية؟

يبدو أن الأسابيع القليلة القادمة قبيل "جنيف 2" ستكون حافلة بالمفاجآت في المشهد السوري.

ترك تعليق

التعليق