منسيات في معركة دون سلاح..أرامل "دوما" المحاصرة يبحثن عن لقمة كرامة !

بين ركام البيوت في مدينة دوما المدمرة, نساء وجدن أنفسهن فجأة وحيدات مكسورات في بلد يحاصره الجوع والقصف والكيماوي، معاناة يومية متجددة، بعضهن اختار النزوح خارج المدينة مع أطفاله بحثا عن ملاذ فيما لايزال الآلاف منهن يرزحن تحت وطأة الحياة القاسية في الداخل. 

1500 أرملة
أكثر من 1500شهيد رحلوا وتركوا خلفهم زوجا وعائلة, ما انعكس على الواقع أزمة اقتصادية واجتماعية وإنسانية لايكاد بيت يخلوا من تبعاتها.
معظم تلك الأرامل من الشابات في مقتبل العمر, ما شكل بحسب رأي الشيخ خالد -عضو مكتب رعاية اليتيم في دوما- عبئا كبيرا على المدينة المنكوبة وعلى الأرامل وذويهم على حد سواء.

"نور" ناشطة من سكان المدينة تعمل على مساعدة الأرامل تصف وضعهن بالكارثي، مع غياب شبه تام للمؤسسات المدنية والإنسانية التخصصية التي يفترض أن تهتم بهذه الشريحة وتتابع أمورها ليترك هذا الدور للنشطاء فقط !.

وتصف هدى ذات (39) عاما, وهي أرملة وأم لأربعة أولاد, حال عائلتها التي لامعين لها سوى مبلغ ثلاثة آلاف ليرة سورية, تقدمه الجمعية الخيرية كإعانة ثابتة للمسجلين لديها فقط، وهي لاتكفي ثمن الخبز لبضعة أيام فقط، وتضيف بأنها مجبرة على المغامرة بحياتها لتتمكن من تأمين بعض المال, مما تجنيه من بيع منتجاتها من الصوف المغزول يدويا خارج المدينة، وهو ما يجبرها باستمرار على المرور من خلال أربعة حواجز عسكرية للجيش النظامي في الذهاب والعودة في ظل حصار خانق يمتد منذ 11 شهرا.

تقول إنها تعرضت أكثر من مرة للسرقة والإهانة والوقوف تحت الشمس لساعات طويلة على حاجز مخيم الوافدين، وهو المدخل الوحيد المتاح للدخول وتضيف"أمضي تسع ساعات ولربما أنام على الحاجز في العراء لو لم أتمكن من الدخول بسبب الازدحام كما لم أسلم من التحرش قبل أن يسمح لي بالمرور".

فرص أمل
تتلقى بعض الأرامل من زوجات شهداء الجيش الحر راتبا شهريا ثابتا ولكنه غير كاف وهذه الميزة لا تنطبق على الجميع، فليست جميع كتائب الحر قادرة على دفع رواتب ثابتة لعوائل منتسبيها، وهو ما تقوله "ربا"، أرملة أحد عناصر الجيش الحر، حيث تعيش مع طفليها في ضيق لاينتهي وخاصة أنها كانت موظفة ولا وجود لأي فرصة عمل لها الآن. 

فيما وجدت "أم ابراهيم" فرصتها بعد أن ضاقت بها الحياة عندما بدأت تخبز لإحدى كتائب الجيش الحر قالت وابتسامة تلوح على وجهها "الحمد لله الذي أغناني بهذا العمل عن سؤال الناس".

كثيرة هي حالات التشابه بين أحوال أرامل المدينة ويبقى الوضع النفسي بالغ السوء أشدها تشابها، ولكن لاوجود للبيئة المناسبة للاهتمام بهن, مايجعل من فكرة علاج الأثر النفسي السلبي على هؤلاء الشابات ترفاً غير متاح.

وهناك من الأرامل الشابات الصغيرات ممن تعرضن لمأساة فقد الزوج في مقتبل العمر وهن كثيرات "زينب" إحداهن، يقول من حولها إنها أصبحت عدوانية حتى مع القريبين منها وقد أنجبت طفلها الأول بعد استشهاد زوجها بوقت قصير حيث تقول لا أعرف كيف أتعلم النسيان.
فقدت "زينب" زوجها مع خمسة أفراد من عائلتها في قصف على منزلهم, فيما نجت هي وجنينها لتعيش حالة إرهاق نفسي مستمر.
علاج من نوع آخر

لاوجود لأي عيادات أو جهات داخل تلك المناطق تهتم لمسألة الدعم النفسي طالما أن ما يعتبر أساس البقاء غير متوفر وهو الغذاء والدواء، فكيف سيتم الاهتمام بالصحة النفسية أو إعطاؤها أي أهمية؟!
أما "أسماء" فقط توقفت ومنذ شهرين عن النطق بشكل كامل لتتحول إلى بكماء, بعد أن شهدت حادثة إعدام زوجها على أحد الحواجز أمامها.

ولكن الإرادة التي أنتجتها الثورة, تسعف أخريات وتمدهن بالقدرة على مواجهة الواقع وتحديه وهو مادفع "بيان" التي لم يتح لها أن تشارك بأي نشاط عام، لتساهم بعد غياب زوجها في العمل الإغاثي داخل المدينة, وتركز جهودها على خدمة الأرامل حيث تقول .."أساعدهن لأنهن المنسيات في المعركة بدون أي سلاح".

ترك تعليق

التعليق