فضائح البنوك وفق موازناتها.. حقوق المودعين في مهب الريح

تبتعد البنوك العاملة في سوريا عن عمد أو من دون عمد، عن عين الرقيب، حيث لا أحد يضمن للمودع حقوقه في حال إعلان أي من البنوك خسارتها، كما لا يوجد سلطة نقدية تتابع واقع ميزانيات البنوك وخسائرها التي وصلت إليها وخير مثالٍ على ذلك بنك بيبلوس الذي خسر معظم رأس ماله، بفعل الديون المعدومة التي ترتفع لتعثر سداد القروض، والتي تم تعويضها كما في باقي البنوك خلال الفترة الماضية بارتفاع سعر الصرف ليؤدي انخفاضه إلى انكشاف البنوك.

وعلينا أن نشير هنا إلى أن غالبية البنوك سجلت خسائر في موازناتها الفصلية، لكن أخطرها هو بنك بيبلوس والسبب أن قيمته الدفترية هي 6.7 مليار ليرة، منها 5.54 مليار ليرة أرباح غير محققة من ارتفاع الدولار، أي أن ما تبقى من رأس ماله الحقيقي هو 1.16 مليار ليرة، حتى الوديعة المجمدة لدى مصرف سورية المركزي هي 1.6 مليار أكبر من رأسماله، ولديه قروض بقيمة 10 مليار ليرة للأشخاص والشركات، في حين أن ودائعه بلغت 40 مليار ليرة مودعة في المصارف الأخرى والبنك المركزي، ووفق ميزانيته الفصلية خسر 911 مليون ليرة.

إذاً رأس مال البنك أقل بحوالي 40 % من قيمة ودائعه والقروض المقدمة متعثرة على السداد، وهذا ما يدفع للتساؤل حول عين الرقابة النقدية على الأداء المصرفي عموماً، وعلى أداء بنك بيبلوس خصوصاً ولرامي مخلوف حصة في هذا البنك تصل إلى 30 % ومعظم القروض "التي ستكون ديوناً معدومة" هي للشركات التابعة لمخلوف، وهنا يغمز بعض المتابعون من قناة تجاهل ما يصل إليه البنك عمداً وإيصاله لحد إعلان الإفلاس للتغاضي عن قروض شركات مخلوف.

ووفقاً لواقع الحال فإن القوانين السورية والتي تم تأسيس المصارف الخاصة وفقاً لها، لا تتضمن أي حماية لحقوق المودعين في حال أعلن أي بنك الإفلاس، ما يعني أن مليارات الودائع لا يوجد احتياطي إلزامي يعوضها ولا يوجد رأس مال يغطي ولا حتى 10 % منها.

ووفقاً لتلك المعطيات وحسب ميزانية البنك فلا بد من القول إنه لو كان هناك حسن نية فعلى مصرف سورية المركزي أن يتجه نحو إجبار المصرف على زيادة رأس ماله، وهي الزيادة المؤجلة منذ عامين، أو أن يقوم بطرح ما لدى البنك من دولارات للبيع، وحسب تقديرات المراقبون فإن البنك لديه 70 مليون دولار لو قام اليوم ببيعها على سعر الصرف الحالي للدولار، يمكن أن يصل رأس ماله إلى 11 مليار ليرة، لكن لو انتظر لحين نزول الدولار أكثر، فإنه حكماً سيعلن الإفلاس فعلى دولار 90 ليرة، يحصل البنك على 6.3 ليرة، أي أنه يكون قد أفلس فعلاً.

لكن السؤال الأهم، أنه إذا كان فرع البنك في سوريا يخرج عن الضوابط المتعارف عليها للبنوك فماذا عن البنك الأم في لبنان؟. 

وبعيداً عن ميزانية بنك بيبلوس فالبنك الوحيد الذي سجل أرباحاً في ميزانيته وهو بنك سورية والمهجر، وبعد التمعن تبين أن ربحه ما هو إلا عبارة عن لعبة حسابات، حيث أشار أنه ربح ما يقارب 345 مليون ليرة، لكن فعلياً كان هناك خسارة تشغيلية تصل إلى 100 مليون ليرة، ما دفعه إلى فك 633 مليون ليرة من مصروف مخصصات الخسائر الائتمانية فتحولت الخسارة إلى ربح، وميزانيته السابقة لم يكن فيها أرباح كبيرة لأنه ربح 3.6 مليار ليرة كفرق سعر صرف دولار، خصصها لتغطية الخسائر.

وكما موازنة بنك بيبلوس فإن أحداً لم يتابع موازنة سورية والمهجر وباقي البنوك، وتبقى حقوق المودعين في مهب الريح، حتى ولو كانت البنوك على حافة إعلان الإفلاس.

ترك تعليق

التعليق