بعد عام على حصارها...الغوطة الشرقية على أبواب مجاعة حقيقية

سعر ربطة الخبز وصل إلى 1500 ليرة وكيلو البطاطا بـ 1600ليرة

ليتر البنزين بـ 2500 ليرة والمازوت بـ 950 ليرة وكيلو الرز بـ 950 ليرة

عاد المجتمع في الغوطة الشرقية إلى العادات التجارية القديمة وفق مبدأ المقايضة

تكمل الغوطة الشرقية معاناتها في ظل استمرار الحصار، الذي بات أكثر قساوةً خلال الشهرين الفائتين، ولا يجد أبناؤها سبيلاً إلا مقاومة النظام حتى لو كانت البطون خاوية.

لا شيء يدخل إلى الغوطة منذ أن تم إغلاق حاجز المخيم، ورغم أن ما مر على الغوطة خلال عامٍ مضى كان شديد القسوة، إلا أن الشهرين الفائتين أسوأ من كل الأوقات التي عاشتها الغوطة، هكذا تقول "سلمى" ناشطة في الغوطة الشرقية مؤكدةً أن كل يوم يمر نتحسر على اليوم الذي سبقه، فقبل أشهرٍ كان هناك بعض الطحين وإن كانت بأسعارٍ خيالية، وكان هناك بعض المونة في المنازل، لكن الغوطة اليوم تسير نحو مجاعةٍ حقيقية، رغم أنها لم تسجل إلى الآن أي حالة وفاة بسبب الجوع، على عكس الغوطة الغربية والمخيم.

أسعار لا تصدق
وإذا تساءلنا عن واقع الأسعار في الغوطة، نجد أن سعر ربطة الخبز وصل إلى 1500 ليرة، وكيلو البطاطا بـ 1600، في حين بلغ سعر ليتر البنزين 2500 ليرة والمازوت بـ 950 لليتر الواحد، هذا طبعاً إن وجد، فالمحروقات والطحين أكثر المواد شحاً في الغوطة كما يقول "أبو عبده" أحد الناشطين في الغوطة، كما وصل سعر كيلو الرز إلى 950 والبرغل بـ 850 هذا إن كتب لك حظ الحصول على حفنةٍ منه. 

ورغم التركيز على مشكلة الطحين وعدم توافره في الغوطة بشكلٍ نهائي، إلا أن سلمى تؤكد أن الطحين لم يعد مشكلة، فكل شيء غير متوفر، لا يوجد عدس ولا برغل ولا رز، ولا معكرونة، ولا معلبات، وواقع المدخنين أشد سوءاً، فالسيجارة الواحدة وصل سعرها إلى 100 ليرة، إن وجدت.

يتحدث الناشطون عن واقع الأسعار مؤكدين أنها أسعار المواد إن وجدت، فالمحلات فارغة لم يعد هناك شيء، بعض المواد تدخل وهي تكلف التجار مبالغ طائلة بسبب تكاليف شراء الحواجز، لكن هناك تجار استفادوا من الحصار وأخرجوا ما في مخازنهم بأسعارٍ خيالية، حسب ما يقول أبو عبده، مؤكداً أن هذا يحصل في الغوطة فعلاً، والجيش الحر لا يستطيع المغامرة بعناصره لتنفيذ عمليات ضرب حواجز أو سطو على مطاحن، قبل خمسة أشهر تقريباً فعل ذلك فخسر 99 شهيدا من أبناء الغوطة، لذلك لم يعد قادراً على تكرار مثل هذه العمليات.

الجوع كافر
وما حال اللجان الإغاثية والجمعيات الخيرية إذاً؟، تجيبنا سلمى أنهم يقدمون المال للأيتام والعائلات شديدة الفقر، لكن لا يعطون مواد غذائية في هذه الفترة، لكن ما جدوى المال دون بضائع؟، تتساءل سلمى، مؤكدةً أن من لديه قليلاً من المواد الغذائية يخزنها له ولعائلته، والأكثر خطورة أن الجهات التي يصل إليها الدعم تحاول أن تحمي نفسها بهذه المواد ولا تقوم بتوزيعها، لأنها أيضاً تعاني الجوع والحصار، والشاطر اليوم هو الذي يستطيع أن يخزن بعض المواد له ولعائلته ولمعارفه.

وعاد المجتمع في الغوطة الشرقية إلى العادات التجارية القديمة، حيث لم يعد للمال معنى أو قيمة، وهو ما دفع الناس إلى التعامل وفق مبدأ المقايضة، فمن يملك حرفة يقدم جهده مقابل بعض الغذاء، ومن لديه فائض من الخضراوات يقوم بمقايضتها مع أنواع غذائية أخرى وهكذا يحاول الناس الالتفاف على الحصار والاستمرار في الصمود، وحتى السيارات اختفت من الغوطة، لعدم توافر البينزين ليعود الأهالي إلى الدراجات الهوائية "البسكليت"، ولا يوجد غاز فجميع الناس اليوم تعيش على الحطب.

لكن الغوطة لم تسجل إلى الآن أي حالة وفاة من الجوع، والسبب هو خير الأراضي الزراعية، فالخضراوات متوافرة وبكثرة، فهناك سبانخ وبندورة وبقدونس ونعنع وباذنجان ووو إلخ، لكن يقابل توافر الخضار شح في كل السلع الأخرى بما في ذلك حليب الأطفال.

والأموال أيضاً محاصرة
والوجه الآخر من معاناة الغوطة بفعل الحصار، هو عدم التمكن من إدخال الأموال، فمن لديه عمل ويتقاضى راتبا لا يصل إليه راتبه، هكذا ما تخبرنا به، وداد ناشطة إعلامية، فالسلع إن توافرت تتوافر بأسعارٍ خيالية، ومن يصل دخله إلى 2000 دولار شهرياً يبقى بحاجة، لا سيما وأن سعر صرف الدولار في الغوطة هو 90 ليرة فقط، وتؤكد وداد أنها لا تستطيع أن تحصل على راتبها من إحدى القنوات الداعمة للثورة، وطلبت إلى إحدى الكتائب مساعدتها ووعدوها بالمساعدة لكن على أن يقتطعوا 100 دولار عن كل 1000 دولار تصل.

السرقة على قدمٍ وساق
وتؤكد وداد أنه كلما اشتد الحصار هبط سعر الدولار أكثر، وهو ما دفعها إلى طلب الراتب بالليرة السورية لكن المشكلة أنه لا يصل لا بالليرة ولا بالدولار، وإن وصل بعد عدة أشهر فإنه لا يكفي حيث يذهب إلى سداد الدين وتصليح المولدة والبطارية والمازوت، والقليل منه يذهب للأكل، نحن هنا نجرب الجوع يومياً دون مبالغة، أمر لم يعد يصدق، ولأن الجوع كافر "الشاطر اللي بدو يسرق"، سرقات علنية ولا أحد يمكنه التفوّه بكلمة.

خطة تقشفية قاسية للطوارئ الطبية في الغوطة الشرقية 

أعلنت المكاتب الطبية في الغوطة الشرقية حالة النفير العام ووضعت خطة تقشفية قاسية للطوارئ الطبية، وذلك نظراً لاشتداد الحصار الخانق... المزيد

ترك تعليق

التعليق