خبير تسويق لـ "اقتصاد": ارتفاع أسعار السلع يرتبط بقلّة المعروض وينفك عن سعر الدولار

منذ حزيران يونيو حتى أيلول سبتمبر من العام الجاري، شهد الاقتصاد السوري متلازمة أنهكت الكثير من السوريين، مفادها، ارتفاع في سعر صرف الدولار، مترافقا مع ارتفاع في أسعار السلع والبضائع بحجة ارتفاع سعر الدولار، حتى بات سكان دمشق في وقت من الأوقات، مطلع رمضان الفائت، على أبواب "مجاعة"، حسب بعض الشهادات والتقديرات حينها.

لكن هذه المتلازمة اختفت تماماً في الأشهر التي تلت أيلول الفائت، والتي اتسمت بتراجع دراماتيكي حيناً، وتدريجي حيناً آخر، في سعر صرف الدولار، الذي ظل متذبذباً بين صعود وهبوط، حتى استقرّ في الأسابيع الأخيرة دون حاجز الـ 150 ليرة، لكن أسعار السلع والبضائع انفكت عن تطورات سعر الدولار، وانخفضت بصورة طفيفة، لم يلمسها المواطن السوري بصورة فارقة في أوضاعه المعيشية.

لماذا ترتفع أسعار السلع والبضائع بارتفاع سعر الدولار، لكنها لا تنخفض بصورة موازية لانخفاضه؟
سؤال لطالما أقضّ مضاجع السوريين، وهو ما توجهنا به إلى خبير يعمل في مجال التسويق في العاصمة دمشق، فضّل عدم الكشف عن اسمه، وسألناه عن أسباب عدم تراجع أسعار السلع، بصورة توازي في القيمة، تراجع سعر الدولار.

فأكّد الخبير أن أسعار السلع لم تتراجع إلا بصورة طفيفة، لكنه أرجع السبب إلى قلّةٍ في وفرة تلك السلع في السوق، موضحاً أن السعر العالي للبضائع مرتبط بعدم توفرها بالكميات المطلوبة، ولا يرتبط في هذه المرحلة بسعر الدولار.

واستطرد الخبير بأن وضع البلد، والحالة الأمنية السيئة على الطرقات، يجعل التجار غير متشجعين لجلب بضائع جديدة، قبل أن تتضح صورة التطورات المرتقبة أمنياً وسياسياً في البلاد، لذلك فإن كميات المعروض من السلع في السوق قليلة.

وأضاف الخبير بأن أوضاع طرقات النقل، وابتزازات الحواجز، ترفع من السعر النهائي للسلعة الموجهة للمستهلك، وتدفع التجار إلى قصر نشاطاتهم في حدها الأدنى.
وذكّر الخبير بأن معظم التجار السوريين انسحبوا من السوق وغادروا البلاد في نهاية العام 2012، ولم يبقى تقريباً إلا التجار الأقوياء المتمتعين بملاءة مالية تمكنهم من الصمود، مما قلّل من حجم الاستيراد وتعداد العاملين فيه، وبالتالي قلّ المعروض من السلع والبضائع، مما فاقم من أسعارها.

لكن في مقابل رأي الخبير سابق الذكر في مجال التسويق، نجد آراء أخرى تُرجع عدم تراجع أسعار السلع في دمشق وغيرها من المناطق، مع تراجع سعر الدولار، إلى حالة احتكار البضائع من جانب التجار الكبار الفاعلين في السوق، وتحكمهم بالأسعار بصورة تمنعها من التراجع، بغية تحقيق أرباح طائلة أكبر بكثير من الهامش الربحي المرتقب في الحالات الطبيعية.

ومع اختلاف الآراء في تفسير استقرار أسعار السلع والبضائع في السوق السورية عند مستويات مرتفعة نسبياً، يبقى أن تدخل مؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرة النظام محصورة بالعمل على تخفيض قيمة الدولار، وتعزيز قوة الليرة، بغية تعزيز سمعة النظام المالية، دون أن تتعدى ذلك باتجاه ضبط حالات الاحتكار أو التربح بصورة كبيرة تضرّ بالقدرات المعيشية للمواطن السوري في ظروف يفتقد فيها الأخير إلى البيئة الطبيعية للعمل والإدخار والمعيشة.

ترك تعليق

التعليق