الدجاج الإيراني أزرق ... ولكن كله بركة و طعمته " مقاومة" !

انتشرت في الأسواق السورية مؤخراً أنواع من الدجاج الإيراني المستورد يبدو شكلها مختلفاً عما اعتاده المستهلك السوري ولونها يميل إلى الازرقاق وحتى رقاب هذا الدجاج تبدو سليمة لم تمسسها السكين، ما يشير إلى أن هذا الدجاج لم يذبح على الطريقة الإسلامية وربما يكون مريضاً أو ميتاً وهو يمثل هدية مناسبة من دولة تصدر الموت اليومي للسوريين من خلال مليشياتها التي تعيث في البلاد نهباً وتقتيلاً.

وكان مدير المؤسسة العامة للخزن والتسويق  حسن خلوف  قد كشف لصحيفة "الوطن" المحسوبة على النظام عن نية مؤسسته طرح كمية من الفروج الايراني موضحاً أن الكمية الأولية من الفروج الإيراني تتراوح بين 120 –300 طن من أصل 5 آلاف طن تم التعاقد مع الجانب الإيراني على استيرادها، مؤكداً أن كمية الفروج الإيراني التي وصلت معدّة للاستهلاك البشري و"تضاهي" الفروج السوري من حيث النوعية والمواصفة 

محاولة "شرعنة" استيراد الدجاج الإيراني مجهول المصدر قابله تحذير من الدجاج التركي المذبوح الذي يقوم مجموعة من التجار بإدخاله إلى مدينة دمشق وريفها من الأراضي التركية عبر محافظات حلب والرقة والحسكة وبيعه بأسعار أرخص من الأسعار المتداولة في الأسواق المحلية (280 ليرة لكل واحد كغ من الفروج المذبوح والمنظف)، هذا التحذير الذي لم يأت لأسباب سياسية بحسب مصدر خاص في وزارة الاقتصاد، وإنما لأسباب صحية أيضاً وذلك نتيجة عدم معرفة منشأ هذه المادة (التي يتم بيعها على أساس طازجة وهي مجمدة) والأمراض التي تحملها. 

والطريف أن منحبكجية تدعى "مودي العلي" علّقت على خبر استيراد الدجاج الإيراني الأزرق قائلة "مشكورين على الخطوة ما مناكل فروج تركي معفن- الفروج الإيراني طيب وكلو بركة وطعمة مقاومة". 

والغريب هنا أن إيران باتت تصدر لسوريا الدجاج في الوقت الذي تواجه فيه أزمة دجاج. حيث يعتبر لحم الدجاج (من اللحوم البيضاء) من المواد الاستهلاكية الأساسية في إيران وقد تضاعفت أسعاره في الآونة الأخيرة أكثر من ثلاث مرات، وعرفت إيران في 2012 ما أطلق عليه اسم "أزمة الدجاج" التي تحولت إلى نكتة بين الإيرانيين بعد تصريحات أدلى بها رئيس الشرطة "اسماعيل أحمدي مقدم"، حيث دعا إلى عدم عرض مشاهد تناول الطعام والدجاج خصوصاً في المسلسلات التلفزيونية.

وقال "بعض الناس، عندما يرون الفجوة الطبقية بين الأغنياء والفقراء، قد يستلّون سكينا ليأخذوا ما يعتبرون أنه حقهم من الأغنياء".

و اتسمت أزمة لحم الدجاج بحدة كبيرة طالت الطبقات الاجتماعية المحدودة الدخل على وجه الخصوص حتى أن الحكومة الإيرانية قد اضطرت إلى استيراد كميات كبيرة من الخارج من أجل تلبية الطلب المتزايد. 
والمعلومات المتاحة تؤكد أن الإيرانيين سعوا منذ حوالي أربعة أشهر إلى استيراد الفروج والبيض من سوريا نتيجة عدم كفاية الإنتاج المحلي لديهم لحج استهلاكهم، والغريب العجيب أن تتحول إيران فجأة من مستورد إلى مصدر للمادة. 

هذا التحول رأى فيه بعض المحللين الاقتصاديين الذين لا يزالون يأملون بصلاح هذا النظام إخلالاً بقطاع الدواجن مطالبين بالكف عن تدمير هذا القطاع تحت حجج واهية، ورأى بعضهم أن تربية الدواجن أشبه بالصناعة لها مدخلات ومخرجات، فضلاً عن دورها الاجتماعي المتمثل بإعالة مئات آلاف المربين والحلقات الأخرى المتعلقة بخدمات القطاع.

كيف دبت الرحمة فجأة في ضمير الحكومة !
المحلل الاقتصادي "مروان أبو خالد" اعتبر أن تربية الدواجن في سوريا نالت حصتها من سياسات حكومة تجار الأزمات، حيث بلغت خسارة المؤسسة العامة للدواجن نتيجة الحرب في البلاد ما يقارب 2.5 مليار ليرة سورية، وسجل قطاع الدواجن انكماشاً تدريجياً مع بلوغ إنتاجه للعام 2012 حوالي 2 مليار بيضة، مقارنة مع حوالي 3.8 مليارات بيضة العام 2011.

وتراجعت صادرات سوريا من بيض المائدة بشكل حاد خلال العام 2012، وبلغت أدنى مستوى لها في شهر كانون الأول حيث كادت تتوقف نهائياً. 

ومقارنة مع ما كانت عليه العام 2011 انخفضت صادرات بيض المائدة العام 2012 بحوالي 161%، وترافق ذلك مع ارتفاع أسعار منتجات الدواجن إلى أرقام قياسية مع وصول سعر كيلو الفروج إلى 350 ليرة وسعر كيلو الشرحات إلى 650 ليرة، وكيلو كبد الدجاج إلى 450 ليرة، وكيلو الأجنحة إلى 350 ليرة. 

يأتي ذلك نظراً لارتفاع تكاليف الإنتاج والتسويق على المنتجين بسبب انعدام الأمن، وارتفاع أجور وتكاليف النقل من 500 ليرة للطن الواحد من العلف إلى ثلاثة آلاف ليرة للطن، أي بحدود 400%، فضلاً عن لجوء المربين لشراء المحروقات من السوق السوداء بأسعار مرتفعة جداً، المعطوف بدوره على الارتفاع الهائل في أسعار الأعلاف نتيجة لتقلبات سعر الصرف وتوقف البنك المركزي عن دعم استيراد الأعلاف.

ولم تجد حكومة  النظام من حل لمواجهة الانهيار المتزايد في قطاع الدواجن سوى باستيراد الدجاج المجمد الإيراني. 
وبرّرت ذلك على لسان مسؤوليها موحية بأن هدفها الوحيد من وراء ذلك القرار هو توفير لحم الفروج بسعر منخفض للمواطن السوري، وتأمين حاجاته الغذائية. غير أن المواطن لا يعلم كيف دبّت الرحمة فجأة في ضمير حكومة أسهمت بممارساتها وقراراتها، لا بتدمير قطاع الدواجن فحسب، بل بتهديد الأمن الغذائي لمجمل السلة الغذائية للمواطن السوري.

وتساءل معلق يدعى "سواح" عن جدوى فتح استيراد الفروج الذي سيليه فتح لاستيراد مواد أخرى وهكذا ندخل مرة جديدة معركة "تدمير الوطن السوري" بأيدي أهله، وأضاف مستفسراً: هل سأل مسؤول الاقتصاد كم أسرة سوف تقعد في الشارع وهل ستكون مستعدة للخروج بأول مظاهرة من جديد، هل، وهل. لنكن مع التاجر في استيراد المادة الأولية لا مع استيراد المنتج ولا ننسى أننا ندفع الدم الآن مقابل الفشل في سياسة الاقتصاد التي قد نسي أهله مهمتهم الإنمائية وأخذوا في النوح والبكاء والانهماك في تقدير الأضرار بدلا من الإسراع إلى شحذ الهمة واستعادة المبادرة والعودة بأسرع ما يمكن إلى الإنتاج ومقاومة الغزو!!!

ترك تعليق

التعليق