رغم نقص التمويل والخوف من القصف.. التعليم البديل هاجس المناطق المحررة

حُرم مئات آلاف الأطفال في سوريا من فرص التعليم، خلال السنوات الثلاث الماضية، وهذا ما دفع الناشطين إلى إيجاد التعليم البديل، لا سيما في المناطق المحررة، في ظل معاناةٍ مستمرة من شح التمويل والفقر المضقع الذي تعاني منه العائلات في تلك المناطق.

حرستا المنكوبة وبوصفها واحدة من المناطق المحررة، تعمل اليوم على إنتاج منظومتها التعليمية الخاصة، وهدفها ضم ما يقارب 1100 طالب في مدارسها من عمر 6 سنوات ولغاية 15 سنة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، بعد عودة 10 آلاف نسمة من أصل 400 ألف نسمة استمروا في النزوح خلال أكثر من عامين.

وبالإمكانيات المتواضعة المتوفرة تم افتتاح مدرستين، تشهدان إقبالاً جزئياً من أهالي المنطقة، والأسباب وراء ذلك عديدة حسب ما يخبرنا أحد الناشطين فضل عدم ذكر اسمه، مؤكداً أن العائلات لا تجد من يعيلها، لذلك ربما تفضل عمل الأطفال على إرسالهم إلى المدارس، لا سيما وأن المدرسة غير قادرة على تغطية كامل تكاليف القرطاسية، إنما جزء بسيط منها والباقي على كاهل الأهالي، إلى جانب الظروف النفسية التي تعاني منها العائلات والأطفال العائدون من نزوحٍ متعدد، جعلت التعليم أحد الكماليات المؤجلة بالنسبة للأهالي.

أما حول الكادر التدريسي فهو من أبناء المنطقة المتطوعين برواتب رمزية، وبالنسبة للمنهج التدريسي فهو ذاته منهاج الدولة مع حذف كل ما يمجد حزب البعث.

مصدر مقرب من المجلس المحلي في مدينة حرستا فضل عدم ذكر اسمه يؤكد على أن إعادة التلاميذ بالمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية إلى مقاعد الدراسة ضرورة لابد منها لا سيما بعد فترات الانقطاع الطويلة التي عاشها الطلاب بسبب النزوح والتهجير، حيث لا يوجد مدارس حكومية، وهناك مشكلة في تأمين عمل مدفوع الأجر للمعلمين والمعلمات في المناطق الخارجة عن نفوذ النظام والحفاظ على هذه الكوادر ضمن مشاريع للمنطقة، ولذلك تم افتتاح عدة مدارس في مدينة حرستا بجهد ذاتي وامكانيات شحيحة جداً وبالحد الأدنى من الخدمات المطلوبة.

وفي أحد أبعاد هذا المشروع حسب وجهة نظر المجلس المحلي الذي يتولى إدارة المدينة بالتعاون مع نشطاء وقوى مدنية وعسكرية، فإن دعم مشاريع ومؤسسات المجتمع المدني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام أمر مهم يفضي إلى بناء نموذج مصغر عن سوريا التي نطمح إليها.

ومع أن المتابعة النفسية والاجتماعية للأطفال الملتحقين بالمشروع هدف قائم بحد ذاته، إلا أن مدرستي حرستا التي تم فتحهما مؤخراً، وبسبب نقص الإمكانيات لا يوجد برامج للدعم النفسي رغم أهمية هذا الأمر، لكن من ضمن ما سيتم العمل عليه في المرحلة القادمة هو نشر دراسة وتقييم للوضع النفسي والاجتماعي للأطفال الملتحقين.

ورغم أهمية استعادة العمل في المنظومة التعليمية في المناطق المحررة، إلا أن سلسلة طويلة من المعوقات تقف دون التوسع في مثل هذه المشاريع الخدمية، كتأمين تمويل مادي لتوفير المتطلبات اللازمة، ودفع الأجور للكادر التعليمي والإداري والموظفين، حيث تصل الكلفة الإجمالية للمدرستين ما يقارب 95 ألف دولار للعمل في ستة أشهر.

إلى جانب مخاطر إعادة تعرض المنطقة للقصف من قبل جيش النظام، وتأمين وصول الأطفال للمدرسة في حال التعرض للخطورة.

وهذا ما يدفع المجلس المحلي في المدنية والناشطين إلى البحث عن مصادر تمويل، تساعدهم على إنجاح المشروع، لكن حجم التمويل المتوفر لا يغطي إلا جزءاً يسيراً من الحاجة.

ترك تعليق

التعليق