أرقام قياسية وتمويل مستمر بالعجز..الأسد يصدر أعلى موازنة في تاريخ سوريا بـ1390 مليار ليرة

أصدر رأس النظام بشار الأسد القانون رقم 25 للعام 2013 القاضي بتحديد اعتمادات الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2014 بمبلغ إجمالي قدره ألف وثلاثمئة وتسعون مليار ليرة سورية، لتكون الأعلى في تاريخ البلاد، وسط تراجعٍ هائلٍ في حجم الموارد وخسائر اقتصادية فاقت 200 مليار دولار.

ودأب النظام منذ العام الأول للثورة على اعتماد موازناتٍ تكسر أرقاماً قياسية عن سابقاتها، ففي العام 2012 اعتمد موازنة تصل إلى 1326.550 مليار ليرة سورية بنسبة زيادة تعادل 59 % عن موازنة العام 2011 والتي لم تتجاوز 835 مليار ليرة، أما موازنة العام 2013 فقد أتت أيضاً لتكسر الرقم القياسي السابق حيث بلغت 1383 مليار ليرة بزيادة قدرها 4% عن موازنة العام 2012، وبعملية تناسبٍ طردية كلما تضاعفت خسائر الاقتصاد يرفع النظام موازنته لتحقق موازنة العام 2014 رقماً قياسياً جديداً في الماراتون الاقتصادي حيث بلغت 1390 مليار ليرة، بالتوازي مع أرقامٍ دولية دولية تتحدث عن خسائر للاقتصاد السوري بلغت 200 مليار دولار.

بلغت اعتمادات العمليات الجارية في مشروع الموازنة 1010 مليارات ليرة سورية مقابل 1108 مليارات ليرة في موازنة عام 2013، بينما بلغت نفقات الدعم 615 مليار ليرة بزيادة قدرها 103 مليارات ليرة عن الاعتمادات المخصصة لهذا الدعم في موازنة العام الماضي، في حين بلغ حجم الاعتمادات الاستثمارية 380 مليار ليرة مقابل 275 مليار ليرة في موازنة العام 2013 .

الوجهات الأساسية للموازنة سبق وحددها وزير المالية في حكومة النظام اسماعيل اسماعيل الذي أكد على أن الهدف الأول هو دعم الدفاع والأمن والثاني في إعادة الإعمار، والتوجه الثالث في تحفيز العمليات الاستثمارية والإنتاجية وتشجيع المستثمرين.

من المركزي
وبتصريحاتٍ تنفصل عن الواقع يوضح وزير مالية النظام أن العام القادم سيشهد نشاطاً إنتاجيا واستثمارياً واقتصادياً، بما يحقق تحسنا بالمستوى المعيشي للمواطنين.
وبالعودة إلى القانون الذي أصدره رأس النظام فقد حدد في مادته رقم 28 مصادر تمويل الموازنة عبر "التمويل بالعجز" حيث جاء فيها: "استثناء من أحكام المرسوم التشريعي رقم /60/ لعام /2007/..

يقوم مصرف سوريا المركزي بمنح وزارة المالية/صندوق الدين العام قروضاً وسلفاً لتسديد العجز التمويني وعجز الموازنة العامة للدولة لعام/2014/".
ومنذ الموازنة الأولى التي أعقبت اندلاع الثورة كان السؤال الحاضر دائماً حول مصادر تمويل هذه الموازنات، فالتهرب الضريبي قبل الثورة كان يقدر رسمياً بـ 400 مليار ليرة، ويتوقع خلال الأعوام الثلاثة الماضية تراجع موارد الخزينة من الضرائب بسبب شلل العجلة الاقتصادية، وارتفاع وتيرة التهرب الضريبي بفعل ارتفاع منسوب الفساد.

وإذا كان النفط أحد موارد الخزينة الأساسية فهو اليوم خرج من الحسابات بشكلٍ شبه كامل بعد خروج العديد من الآبار النفطية عن سيطرة النظام، واستمرار العقوبات الدولية على هذا القطاع.

للدعم العسكري
والواقع الإنتاجي ليس أفضل حالاً حتى قبل اندلاع الثورة، بعد دعم قطاعات الإنتاج غير الحقيقي على حساب القطاع الإنتاجي الحقيقي منذ بداية الخطة الخمسية العاشرة، فصناعة القطاع العام تقع بين الخاسر والمخسر، والواقع الزراعي تضاءلت حصته من الناتج المحلي إلى ما دون 16 % قبل اندلاع الثورة، وخلال الأعوام الفائت خسرت البلاد القطاع السياحي وكذلك تحويلات المغتربين، ما يعني أن موارد مصرف سوريا المركزي المعني وفق القانون بتمويل الموازنة، لا يملك موارد حقيقية لتحقيق هذا التمويل إذاً من أين ستمول كل هذه المليارات؟.

قبل الإجابة عن هذا التساؤل لا بد من الإشارة إلى تراجع قيم الدعم التي يحاول النظام تضخيم أرقامها فأهم ما كان يقع على كاهل الدولة من دعم هو دعم المحروقات، وهو اليوم يتراجع بعد رفع أسعار حوامل الطاقة بشكلٍ متتالٍ، ومن المتوقع أن تشهد ارتفاعاتٍ جديدة لتقارب أسعارها أسعار دول الجوار حسب تصريحات المعنيين في النظام، ومعظم النفقات الجارية تتمثل في كتلة الرواتب والأجور، والنفقات الاستثمارية كانت حبراً على ورق حتى من قبل اندلاع الثورة، حيث لا يتم إنجاز إلا نسبة الـ 70 % منها في أفضل الحالات، كل ما سبق يؤكد أن الموازنات الاستثنائية بأرقامها تأتي لتغطية النفقات العسكرية والأمنية التي يحتاجها النظام.

طباعة عملة
لكن يبقى السؤال من أين سيتم تمويل هذه المليارات؟، والإجابة يمكن ملاحظتها من خلال واقع التضخم الذي تشهده الأسواق السورية، أي أن النظام السوري ومنذ العام الأول للثورة، بدأ بطباعة العملة وزيادة السيولة في الأسواق دون وجود ما يدعمها اقتصادياً أو نقدياً، وهو ما لم يخفِه منذ الموازنة القياسية الأولى التي أتت في العام 2012 وزير المالية السابق في حكومة النظام محمد الجليلاتي، مؤكداً حينها أن طباعة العملة أحد الحلول المطروحة، وهو ما يؤكده امتناع الدول الحليفة عن إقراض النظام، إلا ضمن ما يسمى بالصفقات العسكرية والمقايضة.

ترك تعليق

التعليق