تجار الحرب... أثرياء جدد يطعنون محاصري الغوطة بخنجر الابتزاز

عندما يكون إخراج مواطن مدني من بلدة المليحة المحاصرة والتي تتعرض للقصف اليوم يكلفه "150" ألف ليرة وحده، وعندما ترى سلعاً في محال تجارية حاول البائع جاهداً شطب علامات المنظمات الإغاثية العالمية أو الأونروا عنها... يصبح من الطبيعي جداً أن يقول مواطن دمشقي "هنالك طبقة من الأثرياء ستطفو قريباً إلى السطح لم نكن نعلم عنها شيئاً"!

هم "تجار الحرب" الأكثر إصراراً على استمرار حصار المناطق المنكوبة، تجار لهم علاقاتهم بكافة الأطراف خاصة المسلحة منها وبالدرجة الأولى النظام، هم بناة أسواق "السنة" وهم الذين جعلوا من سوق "الحرامية" مثالاً يحتذى في الكثير من المدن والبلدات السورية، بتعاملهم الواضح والفج مع أي طرف يحقق لهم الكسب المادي على حساب دماء السوريين المنكوبين.

والضحية المواطن دائماً..
"تجار حرب" هكذا وصف أحد مواطني مدينة دمشق كل من يحقق مكاسب مالية اليوم، فالمواطنون الذين يصمدون حسب قوله في العاصمة وريفها رغم كل "الضغوط المادية والنفسية" هناك من يستفيد من صمودهم في مشاريعه التجارية ودعم خزينته.. "إنهم ليسوا تجار حرب فقط إنما هم تجار دم عرفوا جيداُ من أين تؤكل الكتف فباعوا ضمائرهم لمن يدفع لهم أكثر".

مروان أحد سكان بلدة المليحة سابقاً يتساءل "كيف لهذه الحرب أن تنتهي في وقت يطلب عنصر الأمن لإخراج شخص من منطقة المليحة المحاصرة في الغوطة الشرقية ما يقارب 150 ألف ليرة". وبالتالي فإن إخراج أسرته بالكامل يتطلب منه اليوم أن يدفع لهذا العنصر نحو 600 ألف ليرة.
.. هذا الابتزاز بات "مهنة رجالات النظام" حسب مروان بعد أن "ركزوا مهامهم على سرقة السوريين بكافة الطرق فهم لا يوفرون أي طريقة في سبيل ذلك سواء خطف أو قتل أو ابتزاز، حتى إنهم أيضاً من يختلقون الأزمات خاصة تلك التي تتعلق بالخبز المحروقات، كي يستطيعوا بيعها للمواطنين بأرقام مضاعفة".

أما جيوب المواطنين فهي تخضع لعملية تنظيف مختلفة قليلاً، حيث إن عمال النظافة هنا هم "اللجان الشعبية" من سكان المناطق الذين ينشؤون الحواجز ويقومون بسرقة العابرين بسيارتهم أو راجلين وبحجة التفتيش يسرقون ما يحلو لهم.. وإن كانت "أكياس خضار" فهي لاتسلم منهم أيضاً.

في حين أن المعونات الغذائية المجانية التي تصل من المنظمات الدولية لإغاثة الأسر النازحة في الداخل السوري فإن النظام ورجالاته لايوفرونها أيضاً.

(م. د) وهو من سكان دمشق يبين أن تلك المعونات من (حليب وزيت ومعلبات) حيث طبع عليها اسم الأونوروا وكلمة (مجانية)، يتم بيعها دون خجل أو حياء في المحال التجارية، وبأسعار مرتفعة، مشيراً إلى أن ثمن كيس حليب (900غ) يصل إلى 1200 ليرة.

وهنا يتابع (م. د) إن هذا الاستغلال للقمة المواطن المنكوب والمهجر في هذه الحرب بات أمراً مقززاً لدرجة أن الكثير من العائلات قاطعت شراء تلك المنتجات وحتى المحال التي تقوم بيعها.

*فصائل معارضة ونشطاء شركاء
لم تعد خافية عن الأذهان تلك التصرفات التي يقوم بها بعض الفصائل المعارضة في بعض المناطق، وربما اقتحام مستودعات بعض تلك الفصائل في ريف دمشق مؤخراً لهو دليل واضح على ذلك، حيث تم اكتشاف منتجات غذائية منتهية الصلاحية في وقت يموت سكان الغوطة الشرقية من الجوع يومياً، أما ما هو أكثر دلالة على استغلال بعض تلك الفصائل للحرب القائمة، إنما هو ارتفاع الأسعار في المناطق الخاضعة لسيطرتهم والتي لا بد أنهم يتحكمون بأية عمليه تجارية فيها.

ولعل الفساد يمتد اليوم إلى بعض النشطاء الذين ركبوا موجة الثورة في المناطق التي يسيطر عليها النظام كما يشير مصدر من الهلال السوري حيث يحاولون الاستفادة بدورهم من هذا الوضع وتحصيل ما يمكن تحصيله من أموال انطلاقاً من مقولة (ما حدا أحسن من حدا)، وبالتالي تحولوا بدورهم كما يتابع المصدر إلى تجار دم أيضاً، على اعتبار أن بيع السلل الغذائية المجانية للعائلات النازحة بات مصدر كسب لبعض النشاط في وقت يقوم بعضهم الآخر ممن يتعاملون مع منظمات دولية بحجة مساعدة الشعب المنكوب بتقديم "لوائح و بيانات بأسماء وهمية لعائلات محتاجة".

وهنا أوضح المصدر أنّ اولئك النشطاء يستفيدون بعدم قدرة المنظمات التي يتعاملون معها بتقصي نزاهتهم في ظل ظروف الفوضى الراهنة.

ترك تعليق

التعليق