غدا جرعة إنعاش لليرة كي يبقى "الأسد" على قيد الحكم

يؤْثر مصرف سوريا المركزي مخالفة علوم الاقتصاد ومنطقه، فجلسة تدخّليّة لضخ كتل دولارية تلو جلسة، وكأن التضخم الذي أكل الليرة السورية، مرده عدم التناسب في المعروض النقدي في السوق السورية ليس إلا، فغدا الثلاثاء، شركات الصيرفة والشركاء وتجار الأزمات في دمشق على موعد تمام الواحدة ظهراً، ليبيع "أبو المصارف" دولارات، لم يحدد كتلتها هذه المرة، ليحافظ على استقرار سعر صرف الليرة بحسب ما ادعى مجلس النقد والتسليف.

"المركزي" اشترط أن يتم الحضور حصرا من قبل مدير مؤسسة الصرافة أو رئيس أو أحد أعضاء مجلس الإدارة، "بالنسبة لشركات الصرافة" أو أحد مالكي المؤسسة الرئيسين، في الوقت نفسه الذي أصدرت فيه وزارة المال السورية قوائم بمصادرة ممتلكات بعض رجال الأعمال الذين يمتلكون شركات صرافة بتهمة المضاربة بالدولار، وأوقفت "الجهات المختصة" أي عملية بيع بأصول شركات الصرافة تجنبا لتهريب السيولة النقدية لهذه الشركات إلى الخارج.

ليست المرة الأولى، وعلى الأرجح لن تكون الأخيرة، ففي 28 تشرين الثاني الفائت، عقد المصرف المركزي جلسة ورمى بدولارات في السوق، وها هي الليرة تعود لمستوى سعر الصرف، مقابل العملات الرئيسية، كما كانت قبل الجلسة السابقة.

ثمة محددات بدهية، وراء سعر صرف أي عملة، وليست الليرة السورية "نيئة" كما يقول العامة.

من تلك المحددات، حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي في المصرف المركزي، ومعلوم أن النظام بدد الـ 18 مليار دولار بشكل كامل وذهب للاستدانة أيضاً، دورة عجلة الإنتاج وضخ سلع ومنتجات في السوق، وأيضاً جل المنشآت الصناعية والخدمية متوقفة أو مهدمة، وتأتي السياحة وما ترفد فيه الخزينة من قطع، وهي الأخرى متجمدة بالمطلق والتجارة الخارجية وهي بأدنى حدودها لجهة التصدير -بعض الخامات كالفوسفات والغاز والمواد الأولية- في حين الاستيراد على أشده وهو عامل سلبي في هذا المجال.

هذا إن لم نأتِ على العامل الأهم، وهو العامل النفسي وثقة المتعاملين بهذه العملة، والذي نعتقده معدوماً..إلا من رجم ربي.

قد يسأل قارئ، لماذا يضخ المركزي الدولارت إذا، وكيف صمدت الليرة على مستوى (150 ليرة للدولار الواحد) منذ أشهر؟!

نعتقد أن الهدف من التدخل، رغم أنه يتنافى ومنطق السوق والاقتصاد الاجتماعي الذي أعلنته سوريا عام 2005 خلال المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث، بهدفين اثنين:

الأول بقاء الليرة على قيد التداول وأخص في واقع التآمر مع شركات الصيرفة وإقصاء -سجنا أو إغلاقاً- كل من لا ينصاع لإملاءات المركزي، وتصدير إحساس لسوريي الداخل، والمؤيدين منهم للأسد خاصة أن الاقتصاد كما العسكرة والسياسة، بخير.

الأمر الثاني يتعلق بنظام بشار الأسد ذاته، والذي يسعى باستمرار ليسوّق للعالم أنه يضبط الأداء الاقتصادي كما السايسي والعسكري.

ولكن، هل يمكن استمرار الليرة على قيد الحياة، أم ترى الانهيار آت ولو بعد حين؟.

نعتقد أن بقاء الليرة السورية صالحة للتداول متعلق بمدى تقديم حلفاء السياسة القروض أو الإقبال على الاستثمار كما فعلت روسيا لجهة النفط والنغاز وإيران لجهة المطاحن والمصافي...وهو ما يراه مراقبون، رهان ومقامرة سيأتي على الليرة دفعة واحدة بمجرد تبدلت الأسباب السياسية لطالما بدد الأسد كل عوامل استمرارها وقوة سعر صرفها.


 

ترك تعليق

التعليق