تكهنات بتطور الخلاف القطري الخليجي وتأثيره على الاقتصاد والاستثمار

بدأت التكهنات حول إمكانية تطور النزاع الدبلوماسي بين قطر وجيرانها الخليجيين وبلوغه حد تعطيل استثمارات بمليارات الدولارات في المنطقة ويبطئ مساعي لتحسين كفاءة اقتصاداتها من خلال إصلاحات في قطاعي التجارة والنقل.

وذلك بعد إعلان السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر قائلة إن الدوحة لم تحترم اتفاقا وقعته دول مجلس التعاون الخليجي في 23 نوفمبر تشرين الثاني يقضي بألا تدعم "كل من يعمل على تهديد أمن واستقرار دول المجلس من منظمات أو أفراد سواء عن طريق العمل الأمني المباشر أو عن طريق محاولة التأثير السياسي وعدم دعم الإعلام المعادي."

وقال جون سفاكياناكيس كبير خبراء الاستثمار في ماسك -وهي شركة استثمار مقرها الرياض- إن النزاع الدبلوماسي لن يؤثر على الفور على أنشطة قطاع الأعمال في منطقة الخليج لكن سيكون هناك تأثير في الأشهر والسنوات المقبلة إذا لم تنحسر التوترات.

وأضاف أن النتيجة المحتملة في حال انعزال قطر عن المنطقة ستكون "استثمارات أقل وتحويلات رأسمالية أقل وعدد أقل من المشاريع المشتركة والمزيد من الأشياء السلبية لقطر."

أكبر البكر الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية القطرية المملوكة للدولة قال للصحفيين في برلين "الدول في منطقتنا لا تخلط السياسة بنشاط الأعمال."

لكن الاقتصاد يميل إلى أن يتأثر بالسياسة في الشرق الأوسط فيما يرجع جزئيا إلى أن الكثير من الشركات الكبرى تسيطر عليها الدولة، ولأن الحكومات الخليجية أصبحت تعمد إلى استخدام ثروتها النفطية كأداة دبلوماسية.

وحدث هذا مع مصر في الأعوام القليلة الماضية عندما تجنبت الشركات السعودية والإماراتية الاستثمار هناك أثناء حكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي، لكن البلدين قدما مساعدات بمليارات الدولارات للقاهرة منذ الإطاحة بمرسي العام الماضي واستؤنف تدفق الاستثمارات.

وباعتبارها أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال فإن قطر بلغت مبلغا من الغنى يجعلها لا تحتاج التجارة والاستثمار من باقي الدول الخليجية لرخائها الاقتصادي مادامت قادرة على مواصلة بيع الغاز إلى الأسواق الدولية.

وسجلت ميزانية الحكومة القطرية فائضا بلغ 27.3 مليار دولار أو 14.2% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية حتى مارس/آذار الماضي. ويعني ذلك أنها يمكنها استيراد الغذاء والتكنولوجيا والعمالة التي تحتاجها من جنوب آسيا وأوروبا ومناطق أخرى.
وأشار فاروق سوسة كبير الخبراء الاقتصاديين بسيتي جروب في الشرق الأوسط إلى أنه بسبب أن الدول الخليجية تركز على صادرات الطاقة فإن لها روابط اقتصادية قليلة نسبيا فيما بينها. وقال إن التجارة خارج مجال الطاقة بين قطر والدول الثلاث الأخرى بلغت حوالي 1% من مجمل التجارة القطرية.

لكن ستكون هناك بعض العواقب المالية إذا استمرت التوترات الدبلوماسية لفترة طويلة، إذ إن مواطني الدول العربية الخليجية مستثمرون نشطون في أسواق الأسهم في كل من الدول الأخرى وقد تبدأ تدفقات الأموال هذه بالتراجع.

ويقدر محللون أن مواطني مجلس التعاون الخليجي غير القطريين ربما أنهم يمتلكون 5% إلى 10% من الأسهم في البورصة القطرية التي تبلغ القيمة السوقية للأسهم المسجلة فيها حوالي 175 مليار دولار. وهبط المؤشر الرئيسي للاسهم القطرية 2.1 بالمئة اليوم الأربعاء مع ظهور أنباء النزاع الدبلوماسي.

وأشار ناصر سعيدي رئيس شركة ناصر سعيدي وشركاه للاستشارات في دبي إلى أن قطر مستثمر كبير في السوق العقاري المزدهر بدولة الإمارات والذي قد يخسر مصدرا للأموال إذا طال أجل النزاع.

أخيرا.. هناك مبادرات اقتصادية أخرى كانت تبدو مرجحة بشكل أكبر لكنها أصبحت الآن تبدو أقل ترجيحا. ففي 2003 دشن مجلس التعاون الخليجي منطقة للتجارة الحرة برسوم خارجية موحدة، وأزال هذا الي حد بعيد حواجز تجارية ظاهرية داخل التجمع الخليجي لكن ممارسة وظائفها كاملة عطلته اختلافات حول كيفية تقاسم إيرادات الجمارك.

وتحاول سلطة للاتحاد الجمركي أنشأها مجلس التعاون الخليجي حل المشاكل لكنها ربما تجد الآن أن ذلك أكثر صعوبة. كما أن تبني مقترح لاستحداث ضريبة للمبيعات في مختلف دول المجلس -وهو إصلاح رئيسي لتقليل اعتماد الحكومات على الإيرادات النفطية- يبدو بعيدا.


 

ترك تعليق

التعليق