ألمانيا تراجع سياسة الطاقة بسبب أزمة القرم

سلطت الأزمة الأوكرانية، وما حملته من توترات بين روسيا والدول الغربية، الضوء على تبعية ألمانيا الكبيرة للغاز الروسي، دافعة برلين إلى إعادة النظر كلياً في سياستها المتعلقة بالطاقة. وتجد ألمانيا نفسها بين الحاجة إلى التركيز على الموارد المتجددة أو البحث عن موارد طاقة أخرى. ومن بين أهدافها اليوم تأمين 80% من حاجتها من الطاقة بالاعتماد على مصادر متجددة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، بحلول عام 2050، خصوصاً أنها ملتزمة بوقف الاعتماد تدريجاً على الطاقة النووية وصولاً إلى التخلي عنها بالكامل خلال العقد المقبل. ومن المفترض أن يملأ الغاز الفراغ الذي ستخلفه الطاقة النووية في حاجات ألمانيا، بانتظار اكتمال قدرتها على اعتماد الموارد المتجددة أو البديلة.

وتستورد ألمانيا، أكبر الاقتصادات الأوروبية، من روسيا، 35% من حاجاتها من الغاز، وقد تكون مضطرة لإعادة النظر في سياستها الطاقوية نتيجة الأزمة الأوكرانية وما أسفر عنها من عقوبات متبادلة بين روسيا والغرب. ويصر بعضهم، مثل «حزب الخضر»، على التوجه نحو الطاقة البديلة، فيما يؤكد آخرون ضرورة إيجاد موارد أخرى من الغاز.

وأكدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل الأسبوع الماضي، أن الأزمة الأوكرانية قد تقود إلى «نظرة جديدة إلى سياسة الطاقة بالكامل»، ما اعتبره بعضهم دعوة خفية إلى إعادة النظر في خطط ألمانيا وأهدافها للطاقة البديلة، التي أعلنتها مركل قبل ثلاث سنوات، في حين أشار آخرون إلى أن هذه التصريحات التي جاءت بحضور وزير الخارجية الكندي ستيفن هاربر، توحي ببداية تحول نحو الغاز الصخري. وفي مؤتمر صحافي مشترك، قال هاربر إن كندا مستعدة لتصدير الغاز الطبيعي.

وفي هذا الصدد، قال الوزير الألماني السابق المحافظ بيتر رامساور: «إذا كانت المستشارة تسعى إلى الاستيراد من أميركا الشمالية، فذلك يعني موافقة واضحة على استغلال غاز الشيست (الصخري)». وأشار إلى أن ذلك يطرح سؤالاً آخر: «لماذا لا نستخرج مواردنا المحلية؟». ولذلك، فإن الأمر ليس سهلاً، إذ إن هذا التوجه قد يشكل معضلة لبلد توجد فيه معارضة شعبية وسياسية واسعة لتقنية التصديع الهيدرولي المستخدمة لاستخراج غاز الشيست. ويبقى على البرلمان الموافقة على اعتماد تلك التقنية، التي يتذرع المروجون لها بحجة ارتفاع كلفة موارد الطاقة في أوروبا. وعزا هؤلاء ارتفاع أسعار الطاقة إلى عدم السماح باستخدام تقنية التصديع، ولذلك يأملون في أن يساهم الجدال حول اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي، في إعادة طرح تلك القضية. ولكن وزير الاقتصاد والطاقة الألماني سيغمار غابرييل ووزيرة البيئة باربرا هندريكس، وهما اشتراكيان ديموقراطيان، أكدا أن الباب مغلق تماماً أمام هذا الطرح. وقالت هندريكس: «لن نلجأ إلى التصديع في أي حال من الأحوال»، فيما أشار غابرييل إلى أن «لا بديل معقولاً للغاز الروسي».

وتسعى برلين إلى تعديل نظام الدعم للطاقة النظيفة، والتي تشكل حجر الزاوية في سياسة ألمانيا الجديدة للطاقة. وينتظر أن توافق الحكومة في 9 الجاري على مشروع قرار حول الطاقة، يشكل أحد الأهداف الأساس لمركل في ولايتها الثالثة، ولكن مشروع القرار يتعرض لانتقادات واسعة من قبل الولايات المعنية بخفض الدعم. وقال الناطق باسم مركل ستيفن سيبرت: «لا يمكننا توقع تخطي كل الخلافات في وجهات النظر»، داعياً إلى خفض كبير لدعم الموارد المتجددة، بهدف تقليص فواتير الكهرباء على السكان.

ترك تعليق

التعليق