التاجر والدولار "المجنون"...تسريبات المركزي اليومية حول "الخطط السريّة"

أحياناً يكون من الصعب أن تفهم كيف يعمل مصرف سوريا المركزي، فهو يؤكد سعيه الدائم، وتدخله الحثيث، للحد من ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء بدمشق، بما يحمله الأخير من تداعيات سلبية على أسعار السلع والبضائع، وبالتالي على سوية حياة السوريين، المُتدهورة أصلاً....لكنه في الوقت نفسه، يرفع أسعار صرف الدولار في نشراته الرسمية، سواء منها تلك اليومية التي تجاوز فيها سعر صرف الدولار مساء أمس 147 ليرة. أو في تلك الخاصة بتمويل المستوردات، التي تجاوز فيها سعر صرف الدولار 162 ليرة، وذلك بالتزامن مع جنون الدولار "الحُرّ" في السوق السوداء، الذي وصل مساء أمس إلى 176 ليرة.

ومما يزيد من الريبة حول أداء المركزي السوري، هو خططه "السريّة" التي دائماً ما يتم تسريبها بصورة مباشرة إلى مواقع موالية، لكنها غير رسمية، مما يعني أحد أمرين: إما أن هذه الخطط "السريّة" مجرد أداة دعائية للتأكيد بأن المركزي يتدخل بالفعل لخفض سعر الدولار، أو أن المركزي مُخترق، لكنه لا يقوم بأي عمل ضد الاختراق الحاصل في "عُقر داره"، ومن جانب وسائل إعلام من المُفترض أنها داعمة للنظام الحاكم له.

هذا ما ينطبق على ما سربه موقع "سيرياستيبس" أخيراً من أن المركزي اتفق "بشكل سرّي" مع شركتي صرافة، لم يتم تسميتهما، على بيع "3 مليون دولار أمريكي" بصورة يومية، بغاية تمويل المستوردات، ودعم الليرة في مواجهة جنون الدولار.

"سيرياستيبس" الذي كشف عن خطة المركزي "السريّة"، هو ذاته الذي نشر تعليقاتٍ لسوريين يشتكون من أداء المركزي، ويقول أحدهم: "مجرد تحديد سعر صرف 162 للدولار لتمويل المستوردات يعني رغبة المركزي برفع سعر دولار السوق السوداء إلى ما يزيد عن 170، والسؤال لمصلحة من يعمل المركزي والسيد الحاكم سؤال برسم قيادة حزب البعث".

ومما يزيد من غرابة المشهد برمته، هو أن الموقع المذكور ذاته تحدث عن تصريحات لـ "مصدر مصرفي" لم تتم تسميته، أيضاً، أكد بأن القيمة الإجمالية للحوالات الشخصية الواردة إلى سوريا تجاوزت السبعة ملايين دولار يومياً....مما يعني بأن الليرة تحصل على دعمٍ يومي مجاني، قدره 7 مليون دولار أمريكي، مما يجب أن يؤدي، في الأحوال الطبيعية، إلى تراجع سعر صرف الدولار، وليس زيادته، الأمر الذي يزيد الشكوك حول حقيقة المسؤول عن جنون الدولار في السوق السورية.

في هذا السياق، لن نعلّق أكثر، فقط نُذكر بما سبق أن قاله الخبير المالي السوري، إلياس نجمة، عن أن المركزي، على ما يبدو، يحاول الإثراء على حساب جيبة المواطن السوري. وأن على الدولة السورية ألا تلعب دور التاجر على حساب المواطن.

فهل يُتاجر المركزي بالدولار؟....وهل تسريباته شبه اليومية عن ملايين الدولارات التي يصرفها في السوق السورية عبر شركات صرافة "مُختارة"، هي مجرد ذرٍ للرماد في عيون السوريين، كي لا يروا "عورة" مصرفهم المركزي؟!

يبقى السؤال مُعلقاً، وتبقى الأحداث التي تؤكد الإجابة عليه بالإيجاب، تتالى، ويبقى السوريون ضحايا سياسات التجارة بهم وبثرواتهم من أجل كرسي الحكم، و"الزبانية" العاملين على التسبيح بحمد الجالس عليه.

ترك تعليق

التعليق