في ظل الدمار الممنهج .. الاقتصاد السوري "طريقك مسدود مسدود"

نبهت المنظمات الدولية من تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا، محذرة من أن استمرار الحرب في البلاد ستجعل من الصعب معها إصلاح ما تهدم.

"لست متأكداً من أنه سيكون هناك سوريا لنعيد بناءها بحلول عام 2015"، تصريح سبق وأتى على لسان كبير الاقتصاديين في اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، التابعة للأمم المتحدة عبدالله الدردري، وها نحن اليوم على مسافة لا تبعد أكثر من بضعة أشهر عن حلول العام 2015 ولا يبدو أن قائمة البلاد ستقوم خلال هذه الأشهر، فهل حقاً لن يبقى هناك سوريا؟

الدردري الذي سبق وشغل منصب النائب الاقتصادي في الحكومة السورية، وصاحب الانقلاب الاقتصادي الكبير بالتوجه نحو الليبرالية تحت مسمى "اقتصاد السوق الاجتماعي"، يبدو أكثر دراية من غيره بتفاصيل الخلل الهيكلي الذي يعاني منها الاقتصاد السوري منذ عقود والتي انكشفت دفعةً واحدة عند الدخول في معترك "الليبرالية".

أما اليوم ومع تدمير الآلة العسكرية للبشر والحجر والشجر، فليس هناك إلا أشهر معدودة وتنفذ المدة الممنوحة لبقاء سوريا من قبل كبير اقتصاديي الإسكوا، والاقتصاد السوري يخسر في كل دقيقة عشرة ملايين ليرة سورية.

وبالعودة إلى كلام الدردري يبرز التساؤل كيف سيكون حال البلد في العام 2015؟، خبير اقتصادي فضل عدم الكشف عن اسمه، اعتبر أن ما تمر به سوريا اليوم لم يمر مثله في التاريخ، من حيث هول الكارثة الإنسانية وبالتالي الاقتصادية، لذلك لا يمكن استباط الحلول من تاريخ نزاعات الدول التي ربما مرت بدمارٍ للبنية التحتية والبشرية، لكن ليس بهذا الحجم، نحن نتحدث عن نصف السوريين ممن باتوا تحت خط الفقر، وعن اقتصادٍ استنزف بالكامل، ودولٍ اقتسمت حصتها، فمن يدافع عن النظام ينتظر الحصول على المقابل، لذلك من الصعب الإجابة عن تساؤل ما سيكون الحال عليه في العام 2015.

ويضيف الخبير الاقتصادي إذا كنا نتحدث اليوم وبعد ثلاث سنوات أن البلاد خسرت 100 مليار دولار، ومن المعروف أن السنوات الأولى لأي صراع يكون فيها نوع من الصمود والمقاومة، لكن مع اتساع الفترة الزمنية ستتفتت عوامل الصمود، لا سيما أن الزمن الذي يمر لا يعني فقط توقف العجلة الاقتصادية، إنما أيضاً استمرار التدمير.

ويضرب الخبير الاقتصادي مثالاً عن العمليات العسكرية التي يشنها النظام بين الحين والآخر على مختلف المحافظات السورية، ولعل أعنفها خلال الفترة الماضية كان على حلب التي كانت تعتبر العاصمة الاقتصادية للبلاد، وبعدها بدأ حملته على الغوطة التي تعتبر مخزن الإنتاج الزراعي بالنسبة لدمشق، وأياً يكن المنتصر في النهاية لكن النتيجة الحتمية هو أن لا اقتصاد يعول عليه.

وينوه الخبير الاقتصادي إلى أن النظام يستخدم سياسة الأرض المحروقة، على مساحات واسعة من البلاد، وفي محافظات ومناطق استراتيجية، حتى قلب العاصمة دمشق لم يسلم منها في بعض الأحياء، وهذه السياسة تفضي بالنتيجة إلى خسارة مقومات النهوض من جديد.

وفعلياً لا يوجد أي مشروع اقتصادي يمكن البناء عليه في المرحلة المقبلة، ففي العام الأول للثورة كان هناك من يتحدث عن بعض المشاريع الاقتصادية التي طرحتها بعض القوى المعارضة، كمشروع اليوم التالي، أو مشروع شبيه بمشروع مارشال لإعادة الإعمار، لكن حتى هذه المشاريع وفي ظل استمرار الدمار الممنهج لم تعد ناجعة، فالاقتصاد السوري في نفق مسدود وهذه حقيقة حسب ما يقول الخبير الاقتصادي.


 

ترك تعليق

التعليق