معاناة كبار السن من اللاجئين السوريين أمام طوابير الجمعيات الخيرية في الأردن!

أم عامر لاجئة مسنة في السبعين من عمرها هربت منذ أشهر مع ابنها المصاب الذي يستخدم كرسياً متحركاً، سنواتها السبعون لم تشفع لها أن تعيش بكرامة لذا اضطُرت للوقوف على أبواب الجمعيات الخيرية عسى أن تحصّل ما يمكّنها من العيش، وفي كل مرة كانت تقف في طابور هذه الجمعيات ساعات طويلة ليقال لها عودي الشهر القادم فتعود إلى منزلها خالية الوفاض. أم عامر نموذج لمئات السوريين من كبار السن ممن اضطرتهم ظروف الحرب اللجوء إلى الأردن واضطرتهم ظروف الحياة الصعبة فيها للوقوف ساعات طويلة في طوابير على أبواب الجمعيات الخيرية في محافظة المفرق (شمال الأردن)، على أمل الحصول على طرد غذائي أومساعدة مادية أو كسوة تقيهم برودة الشتاء القارصة، وإذا كان عامة الناس من اللاجئين السوريين يعانون من الوقوف في طوابير الجمعيات، فكيف بالعجائز وكبار السن ممن تركت أحداث سوريا الأليمة أخاديدها المؤثرة على وجوههم، والكثير منهم امتُحن باستشهاد عزيز عليه أو فقدانه أو إصابته. الأمر الذي لا تأخذه الجمعيات الخيرية وجهات الإغاثة بعين الاعتبار، فتعاملهم معاملة الرجال والشبان الأصحاء ويتم تفضيل النساء على الرجال عموماً، كما يرى أبو فيصل الهلال وهو مسن آخر مضيفاً أن أغلب الجمعيات في الأردن تتعامل مع النساء بصورة خاصة، أما كبار السن فتعاملهم مثل الشباب، بل هم أدنى اعتباراً منهم.

أبو فيصل الذي بلغ من العمر 75 عاماً جاء إلى الأردن بتاريخ 20/ 4/ 2012 ولم يحصل على أي طرد غذائي، قال: ”كل الذين جاؤوا بعدي أو معي حصلوا على بطانيات وغازات وغيرها من المواد الضرورية أما أنا فلم أحصل على شيء” ، ويشير أبو فيصل إلى أن بعض القيّمين على هذه الجمعيات يتعاملون مع كبار السن بعصبية ومزاجية ولا يحترمون سنوات عمرهم.

  • الصحة النفسية ليست ترفاً !

معاناة كبار السن من اللاجئين السوريين في الأردن لا تقتصر على حرمانهم من الطرود الغذائية بل يواجه هؤلاء صعوبات في الحصول على الخدمات الصحيّة الثانوية، كتأمين الأدوية والفحوص الطبيّة، وتوفير كلفة الاستشفاء، ونقصاً في معدات التنقّل، والحاجة إلى إرشادات غذائيّة ومستلزمات التدفئة ودعم اجتماعي ونفسيّ. فمن المعروف أن الحروب تفتح عند بعض كبار السنّ جروح الماضي والتجارب السيئة التي اختبروها في السابق، ولذلك هم بحاجة إلى رعاية صحية ونفسية خاصة التي هي جزء من الصحة العامة وليست ترفاً أو أمراً ثانوياً، إذ تؤثّر الصحة النفسيّة في الصحة الجسديّة وإنتاجية الفرد خصوصاً عند كبار السنّ. ويشرح الدكتور أحمد عامر في المشفى الإماراتي الأردني في محافظة المفرق لـ"اقتصاد" أن كبار السنّ يشكّلون فئات ضعيفة في الحروب عادة بسبب أمراضهم الصحيّة المزمنة، وقلّة الدعم الاجتماعي والموارد الماليّة، وخسارتهم لبيوتهم، وغربتهم عن مجتمعهم، وصعوباتهم في التنقّل والحركة وضعف سبل التواصل معهم. ولكن هذا لا يمنع من القول إن هذه الفئة الاجتماعية تقوم بدور إيجابيّ بسبب خبرتها في الحياة أو حتى في الحروب (ومنهم من عاش حروباً سابقة)، وقدرتهم على الاهتمام بالأحفاد، والاحترام الذي يفرضونه على الأفراد الذين يتعاملون معهم.

  • الأولوية للمسنين

الدكتور صلاح قاظان مدير برامج إغاثة اللاجئين السوريين في جمعية المركز الإسلامي بالمفرق أكد لـ " اقتصاد " أن هناك ثلاث فئات من اللاجئين السوريين يرعاها المركز الإسلامي رعاية خاصة وهي الأرامل وزوجات الشهداء والجرحى والمصابين ثم كبار السن وهم فئة غير قادرة على العمل، وبالتالي هم بحاجة إلى معونة دائمة، لذلك نعطيها الأولوية مع الفئات الأخرى ويضيف الدكتور قاظان أن الاهتمام بشريحة كبار السن ضرورة إنسانية وأخلاقية حثّت عليها كل الأديان والشرائع الإنسانية، فكيف إذ كان المسن لاجئاً يبحث عن ملاذ كوضع اللاجئين السوريين.

ترك تعليق

التعليق