"اقتصاد" ترصد تشتت العائلات السورية أمام حائط تأشيرة مصر المسدود

منذ أكثر من سبعة شهور لم يستطع عصام زيارة والديه العجوزين المقيمين في مصر، وبعد عدة محاولات فاشلة من جانبه، ومن جانب شقيقيه، قرر الثلاثة نقل والديهم إلى تركيا.

ومنذ سنوات، سبقت الثورة في سوريا، يعمل الأشقاء الثلاثة في إحدى دول الخليج بدخولٍ منخفضةٍ، وقد تركوا وراءهم والدين متقدمين في السن، في حارتهم القديمة بحمص، التي رفضوا مغادرتها. ومع اندلاع الثورة، ومن ثم تدهور الأوضاع الأمنية، قرر الأشقاء الثلاثة نقل والديهم إلى مصر، باعتبار أن تكاليف المعيشة هناك أرخص، ويستطيعون بذلك تأمين مستوى معيشي جيد لهما هناك، على أن يتناوب الأشقاء الثلاثة في زيارتهما كل فترة.

لكن، منذ الانقلاب على الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وقرار السلطات المصرية الجديدة فرض تأشيرة دخول وموافقة أمنية على زيارة السوريين للأراضي المصرية، وتشددها في منح الموافقات، عجز عصام وشقيقاه عن زيارة والديهم، وقد تقدموا عدة مرات بطلبات للحصول على تأشيرة دخول من سفارات مصر في الخارج، لكن لم تنجح كل محاولاتهم حتى الآن، فقرروا في نهاية المطاف نقل والديهم إلى تركيا، فدخول السوريين إليها أسهل، وتعاملات السلطات الرسمية معهم أيسر.

حال عصام لا تختلف كثيراً عن حال أم ماجد، لكن بالعكس، فالأخيرة، وهي مقيمة مع زوجها المتقدم في السن، بالسعودية، منذ سنوات، رغبت بالقدوم إلى مصر للإقامة مع ابنها الذي توفيت زوجته مؤخراً، ولديه طفلتان، لاقى صعوبات جمّة في العناية بهما، لكن كل محاولات أم ماجد لنيل تأشيرة الدخول من القنصلية المصرية بجدة، باءت بالفشل، كما عجز ابنها عن الحصول على فيزا للسعودية، وهكذا تقطعت بهم السبل. ويفكر ماجد جدياً بالانتقال إلى تركيا، ليعيش مع والديه هناك، لكنه يخشى من تكاليف المعيشة العالية مقارنةً بمصر، حيث يعيش في حي شعبي بالإسكندرية، ويصرف مبلغاً يحتاج إلى أضعافه في تركيا للحياة بصورة كريمة.

حسام بدوره، وهو شاب سوري يعمل في المجال العقاري بألمانيا منذ سنوات، تقدم بطلب للحصول على تأشيرة زيارة لمصر، لحضور مؤتمر اقتصادي يعنيه، لكن طلبه رُفض.

وفي إحدى ضواحي دمشق، بقيت نجوى وحيدة مع طفلتها ووالدها المتقدم في السن، بعد أن حصلت أمها فقط على تأشيرة دخول لمصر، للالتحاق بشقيقها الوحيد المقيم هناك. بينما رٌفض طلبها وطلب أبيها، بعد أن عقدوا جميعاً آمالهم على الالتحاق بالشقيق، والخلاص من كابوس الإيجارات الخيالية بدمشق وريفها، الذي يعيشونه يومياً منذ خسارة منزلهم في حرستا بريف العاصمة.

قصصٌ كثيرةٌ يمكن سردها عن تشتت العائلات السورية بسبب تشدد السلطات المصرية منذ الصيف الماضي في منح تأشيرات دخول للسوريين، بعد أن كان دخول السوريين إلى مصر لا يتطلب تأشيرة أصلاً.

وتُقدّر بعض الجهات غير الرسمية أعداد السوريين في مصر بقرابة مليون نسمة، بينما تسجّل السلطات المصرية لديها 150 ألف سوري فقط، مع الإشارة إلى أن حركة هجرة عكسية للسوريين من مصر إلى تركيا، سُجلت بكثافة كبيرة نهاية الصيف الماضي.

ترك تعليق

التعليق