هل تحول اللاجئون السوريون إلى "بعبع" يثير رعب الجزائريين؟!

فهد الحموي لاجىء سوري في الجزائر العاصمة أمضى شهرين وهو يبحث عن منزل يستأجره وفي كل مرة عندما يوشك على الاتفاق مع صاحب المنزل على قيمة الأجار ومدته يسأله صاحب المنزل عن جنسيته وحينما يعلم أنه سوري يعتذر عن تأجيره، وكأن السوري تحول بالنسبة للجزائريين إلى "بعبع" يثير الخوف والرعب في قلوبهم.

قصة الحموي هي واحدة من مئات القصص التي يعايشها اللاجئون السوريون في الجزائر منذ بداية اللجوء إليها، إن كان في صعوبات استئجار المنازل أو في العمل لتوفير مردود مادي يعينهم على الحياة في ظل ظروف اللجوء.

أسباب تعنّت أصحاب المنازل المعدّة للآجار تجاه السوريين يشرحها فهد الحموي لـ"اقتصاد" مؤكدا أن أصحاب هذه البيوت يتذرعون بأسباب واهية لا أساس لها من الواقع، ليمتنعوا عن تأجيرنا المنازل ومنها الادعاء بأن اللاجئين السوريين كلهم إما من الجيش الحر أو من أتباع النظام أو إرهابيين من القاعدة.

ويستدرك الحموي قائلاً: عادة ما يتم توثيق آجار المنازل في الجزائر لدى "المحضر القضائي" بعد إبراز وثيقة الإقامة والبطاقة الشخصية، ولكن أصحاب العقارات من المواطنين الجزائريين لا يعترفون بذلك ويرفضون التأجير بمجرد أن يعرفوا أن جنسيتك سورية ويتعاملون معنا وكأننا "بعبع" أو كائنات قادمة من الفضاء الخارجي، لا بل إن الكثير منهم يخترعون من عقولهم قوانين وقرارات تمنع كما يدّعون تأجير السوريين ويلصقونها بالدولة الجزائرية.

عمل بالخفاء !
ويتهم الحموي الحكومة الجزائرية بأنها مارست بعض الأفعال التي أخافت فيها الجزائريين من اللاجئين السوريين، غير أن هذا لا يعني أن السوريين في الجزائر كلهم ملائكة ومثاليين فهناك نصابون ومحتالون يسببون بعض المشاكل -بحسب الحموي- وكذلك بعض الغجر الذين أساؤوا لسمعة السوريين في الجزائر، فصار الشعب هنا يخاف من الكل جيدين وسيئين على حد سواء. ويتمنى الحموي من الحكومة الجزائرية تسيير أمور السوريين ومعاملتهم بإنسانية، خاصة وأن السوريين لا تنطبق عليهم صفة اللجوء كما في الأردن أو لبنان أو تركيا وهي دول مجاورة لسوريا، وهم ليسوا شحاذين وإنما دخلوا بجوازات سفر نظامية، وإذا كان لدى الحكومة مشكلة دينية أو مذهبية أو سياسية امتنعت بموجبها عن إصدار إقامات للسوريين فلا مشكلة في ذلك، فهذا نظام دولة لا يتدخل به السوريون ومن حق الجزائريين الانتباه إلى أمن بلادهم علماً أن الجزائر أوقفت إقامات السوريين عام 2011 وقامت بسحبها ممن منحتهم إياها قبل ذلك، ودخل إلى الجزائر بعد هذا التاريخ حوالي عشرة آلاف لاجئ سوري لم يعطوا إقامات. ويكشف الحموي أن تعقيد الحكومة الجزائرية لأوضاع السوريين وعدم تسيير أمورهم في السكن والعمل ساهم في دفعهم لافتعال المشاكل من نصب ومشاجرات وغيرها.

ويردف اللاجىء الحموي قائلاً إن بعض الشعب الجزائري يميل إلى الراحة ولا يحب العمل ويفتقد إلى الصناعة أو التجارة والمهن الحرفية، لذلك من مصلحتهم أن يستغلوا إمكانيات السوريين وخبرتهم في الصناعة والحرف، ورغم أن الشعب يطالب باستمرار أن يستفيد من خبرات السوريين والكثير من الجزائريين يشغّلون سوريين خفية، لا بل يدفعون رشاوى من أجل السكوت على وضعهم المخالف في مهن كثيرة كالمطاعم وباعة الشاورما والخياطين، ولكن الحكومة متصلبة في رأيها ولا تفتح مجالات للسوريين أن يعملوا، ومما يعقد الأمر أكثر صغار الموظفين الذين يبتدعون قوانين من أنفسهم وأول كلمة يقولونها "أنتم السوريون لا يحق لكم كذا وكذا"، وعندما تطالبهم بمستند قانوني يصرخون في وجهك وقد يشتمونك ويطلبون منك الخروج من المكتب لأنهم لا يعرفون القانون ويتصرفون من تلقاء أنفسهم.

أهلا وسهلا بكم ولكن في الشارع !
يسرد الحموي قصة حقيقية حصلت معه في أحد فروع الشرطة الجزائرية قائلاً : منذ أسابيع فقدت أوراق ميكانيك سيارتي فذهبت إلى فرع الشرطة وقلت لضابط الشرطة أريد أن أحرر ضبطاً لديكم لأني فقدت أوراق السيارة الخاصة بي، فقال لي من أين أنت يبدو كلامك غريباً فقلت له "أنا سوري"، وما إن نطقت هذه الجملة حتى رد عليّ على الفور: مستحيل أن نجري لك ضبطاً للأوراق المفقودة وقال لي بالحرف الواحد: "ما بنحسن نعملك شي" بحسب الأوامر العليا، "وكأنني ذكرت له أنني جئت من تل أبيب".

ويستهجن الحموي عبارة ترحيب ضمن لافتة تقول "أهلا وسهلا بك في بلدك الجزائر"، ولكن في الشارع، بالنسبة للاجئين السوريين "كما يبدو".

ويضيف "فهد الحموي" متحسراً على المقارنة: ربما وضع السوريون الأمير عبد القادر الجزائري مع مليونين من الجزائريين منذ عشرات السنين في الشارع ولا يعرف أحفاد عبد القادرالجزائري اليوم أن السوريين أسكنوه في قصر من أجمل قصور الشام وأسكنوا أحفاده والجالية الجزائرية آنذاك في بيوت دمشقية عريقة مزينة بالفسيفساء والرخام والبحرات الدمشقية البديعة وكانت له مكانة مميزة ومعروفة بيننا، وإلى الآن يتوارث أحفاده هذه الأملاك ويتصرفون بها تصرف المالك من بيع وشراء، وإذا كانت الدول العربية كلها تتقصد إهانة السوريين اليوم في محنتهم وشتاتهم، فالجزائريون وحدهم يجب أن لا يفعلوا ذلك لأنهم مدينون لنا، فأجدادهم كانوا ضيوفاً مكرّمين لدينا وعلى أحفادهم أن يوفوا الدين.
على الأقل استضافهم السوريون منذ عشرات السنين ولم يرسلوا رجالهم لذبحنا كما فعل من استضفناهم بعد عام 2003 من العراق و 2006 من لبنان!!!

ترك تعليق

التعليق