انتخابات النظام السوري الرئاسية: عندما تُجبَر الأم على انتخاب قاتل ابنها

أجرى النظام السوري الانتخابات الرئاسية في البلاد الثلاثاء الماضي، رغم ما تعانيه من أزمة كبيرة منذ أكثر من 3 سنوات، خلفت مقتل نحو 150 ألف سوري، وسط انتقادات لتنظيمها في ظل ظروف صعبة على السوريين أجمع داخل سوريا وخارجها.

ولم تخلُ الانتخابات من مشاهد كشفت عن طريقة تنظيمها المفتعل من قبل النظام، سواء بالتصويت عبر الهويات فقط دون حضور أصحابها، أم من خلال النتائج التي أظهرت خللا في أرقامها، فضلا عن قصص كثيرة ونكات رافقت هذه العملية.

محمد صلاح الدين، الناشط الإعلامي في ريف دمشق؛ قال:"إن المنتخبين في دمشق شاركوا بالانتخابات مكرهين وفي قلوبهم غصة"، كاشفاً أن "امرأة انتخبت قاتل ابنها (يقصد بشار الأسد)، في نفس يوم الانتخابات الذي قتل فيه نتيجة للقصف بالغوطة الشرقية".

وفي تصريحات للأناضول أوضح صلاح الدين أن "الأم المكلومة بمقتل ابنها، هي نازحة في دمشق من الغوطة الشرقية، واضطرت للمشاركة بالانتخابات خوفاً من عقاب النظام، إن لم يكن الحبر السري على إصبعها في دمشق، الأمر الذي يعكس حجم الألم الذي رافق هذه الانتخابات".

ومضى صلاح الدين مضيفاً "كانت ردة الفعل على نتائج الانتخابات متباينة ومختلفة باختلاف الأحياء، فالمناطق المحاصرة متل الغوطة الشرقية لم تكن تأبه للانتخابات ولم تجر فيها بسبب عدم وجود سلطة للنظام، فيما المناطق الخاضعة لسيطرة الاسد، فغالبية المنتخبين ذهبوا مكرهين على وقع التهديدات الامنية خصوصاً مع وجود علامة على إصبع الناخبين بالحبر السري".

وحول إفراط المؤيدين للنظام بالتعبير عن فرحهم، أكد أن "التشبيح باتت صفة ملازمة للمؤيد سواء حمل سلاح ام لا، والتعبير عن فرحهم بنجاح سفاح أجبر الناس على انتخابه، يدل على أنهم يمتلكون جينات الإجرام، فيما نظام الأسد يعتبر أنه كلما فرحت أكثر فأنت وطني أكثر، ولذلك تسابقوا في التعبير عن فرحهم".

ولفت إلى أن نكات عديدة رافقت الانتخابات والكشف عن النتائج، منها "أن البعض قال بأن الذي قدمه الأسد للشعب ليس بالقليل، لذلك لا بد من رد الجميل فهو لم يبخل بالكيمياوي عليهم، فهل يبخل الشعب عليه بصوت انتخابي"، مضيفا أنه في "سياق الكيمياوي تداول البعض فرح الحواجز بإطلاق النار"، فقال البعض: "لو يرشون الكيمياوي فستكون الفرحة أكبر"، على حد وصفه.

وكشفت نتائج الانتخابات في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام عن خلل واضح في نسبة عدد الأصوات التي حصل عليها بشار الأسد بنسبة 88.7 % من إجمالي الأصوات الصحيحة، حيث حصل الأسد بحسب النتائج والنسب التي ذكرها رئيس مجلس الشعب محمد جهاد اللحام، أمس الأربعاء، على نسبة تتجاوز 92% من "الأصوات الصحيحة" و88.7% من إجمالي عدد الأصوات الصحيحة والباطلة.

أما في وسط البلاد، فأكد الناشط الإعلامي "خضير خشفة" من ريف حمص، أن "الجميع في الداخل يعلم نتيجة هذه الانتخابات قبل الإعلان عنها، فهي مسرحية لكسب الرأي العالمي"، مشيراً إلى أن"بعض المدنين أصابهم اليأس بعد 3 سنوات من الثورة، فيما لم يكترث المقاتلون بأمر الانتخابات، وحرروا منطقة جديدة، وقتلوا ما يقرب من 50 مقاتلاً للنظام وأسروا آخرين.

واعتبر خشفة في تصريحات للأناضول عبر سكايب أن "من طبيعة المناطق الموالية للنظام المبالغة في التعبير منذ سنوات، وتعبيرهم هذا ما هو إلا بتوجيه من الشبيحة والفرق الإعلامية التابعة للنظام، لأنهم يعلمون من سيفوز بانتخابات أشبه أن تكون ملكية، والكل يعلم بأن إجراءها شكلي".

وختم خشفة تعليقه بالقول "من المعروف عن أهل حمص تعبيرهم عن أي موقف بالنكتة أو بمسرحية ساخرة، فمنهم من قام بوضع صندوق للانتخابات، ووضع كل مواطن حذاءه في الصندوق كتصويت لبشار الأسد، وهذا ما جرى في منطقة الوعر الهادئة نسبياً؛ قياساً إلى باقي مناطق حمص الخاضعة للمعارضة".

وتعد الانتخابات التي أجراها النظام في مناطق سيطرته؛ أول انتخابات تنظم منذ عهد الأسد الأب (حافظ) الذي استلم الحكم عام 1971 نتيجة انقلاب عسكري، ولم تشهد فترة حكمه التي امتدت 29 عاماً أي انتخابات، وإنما اقتصر الأمر على استفتاءات صورية، وكذلك الأمر بالنسبة لابنه بشار، الذي أورثه الحكم بعد وفاته عام 2000، وجدد ولايته باستفتاء أجراه عام 2007.

وفي حلب شمال البلاد، اعتبر الناشط الإعلامي "ياسين أبو رائد"؛ أن "الانتخابات كشفت عن تباين طبيعة الأشخاص ما بين شبيح ومعارض، فالمشبح حاول خلق نوع من المرح المصطنع من تمثيلية الانتخابات، ولكن المعارضين هرجوا وجعلوا منها نكتة".

وفي تصريحات للأناضول، ذهب أبو رائد إلى أن "إفراط أنصار النظام بالتعبير عن فرحتهم بالنتائج مساء أمس الأربعاء، هو شيء معد له مسبقاً، وما أطلق في الأحياء الموالية فهو من تنظيم النظام، من خلال توزيعه رصاصاً (خطاط)، يطلق عند إذاعة النتائج المضحكة، وهو ما حدث بالفعل أمس".

وأشار إلى أن "المواطنين في المناطق المعارضة تداولوا نكات عن المرشحين المنافسين لبشار الأسد، وهما (ماهر حجار، وحسان النوري)، ومنها أن أحدهما يظهر مع مذيع سوري مشهور (علاء الدين الأيوبي) في برنامج شهير هو (الشرطة في خدمة الشعب)، فيسأل المذيع المرشح حجار (انت ندمان يا ابني)، فيرد عليه المرشح (والله ندمان يا سيدي)، في معرض تجرؤه على منافسة الأسد".

وتابع أبو رائد سرد نكتة أخرى بالقول إن "أحد معجبي المرشح ماهر حجار وضع صورة له مكتوب عليها (انتخبو الحجار رئيساً لسوريا)، فيأتي الأخير ليزيل الصورة ويضرب المعجب موبخاً إياه بالقول (فشرت أن أكون رئيساً.. هي للأسد) "، على حد تعبيره.

ومنذ مارس/آذار 2013 تشهد سوريا احتجاجات شعبية تحولت إلى صراع مسلح بين قوات النظام والمعارضة أودت بحياة أكثر من 150 ألف شخص، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره لندن، وشرد حوالي تسعة ملايين آخرين، وفقا للأمم المتحدة، من أصل تعداد سوريا البالغ حوالي 22.5 مليون نسمة.

ترك تعليق

التعليق