سوريا مُصغّرة في الأردن: اللاجئون حملوا معهم عاداتهم وتقاليدهم ومسمياتهم أيضاً

منذ بدء الثورة السورية وبخاصة مع بداية عام 2012 والأردن يستقبل وما يزال مئات الآلاف من اللاجئين السوريين.. وبالإضافة للقاطنين بمخيمي الزعتري والأزرق، فالغاليبة العظمى منهم تتركز في العاصمة عمان مع نسبة أقل في بقية المحافظات الأردنية وبخاصة الشمالية منها حيث الأقرب إلى سوريا. ويفضل الحوارنة السكن في المفرق وإربد وعجلون وجرش التي تعتبر على مرمى حجر من درعا مهد الثورة السورية.

وعلى الرغم من التهجير والغربة التي فرضها النظام الأسدي على ملايين السوريين .. إلا أن هذا الشعب العظيم المتجذر بالأصالة والعراقة والحضارة ..لم ينسَ وطنه بمدنه وقراه، بل حتى بأدق تفاصيله اليومية والحياتية من عادات وتقاليد، فهذا الشعب يعشق الحياة كعشقه للشهادة في سبيل نيل حريته التي دفع حتى الآن ثمنا باهظا في سبيل تحقيقها.

ويمكن لأي شخص يتجول في شوارع عمان وغيرها من مدن الأردن أن يرى أسماء تجارية يشاهدها لأول مرة في هذا البلد الذي يكنّ أهله احتراما كبيرا للصناعة السورية ومنتوجاتها الكثيرة نظرا لجودتها وأسعارها الرخيصة.

وثمة الكثير من أسماء لافتات المحال التجارية المنتشرة هنا وهناك ذات المسميات المعروفة في سوريا..حتى يخال المرء نفسه أنه يمر في أحد أسواق حمص أو دمشق أو حلب أو حتى الرقة .. فتقرأ لافتة على باب أحد محلات بيع مواد البناء كتب عليها صاحبها اسم "الجسر المعلق'' في إشارة إلى دير الزور والبعض أطلق اسم ''الجزيرة'' على لافتة محل البقالة الذي يستثمره، في إشارة إلى محافظة الحسكة المعروفة باسم الجزيرة السورية. وهذا من حلب أطلق على منجرته أو محددته اسم الشهباء، وذاك كتب على باب محله الذي يبيع فيه الملبوسات أو أدوات الزينة أو الحلويات أو المكتبة أو ورشة تصنيع الألمنيوم اسم ''ابن الوليد" أو ''باب السباع" أو ''الخالدية" أو ''بابا عمرو" أو ''العدية" أو ''إيميسا" أو ''الميماس'' أو ''ديك الجن'' وكلها مسمبات حمصية صرفة، شدهم إلى ذلك الحنين إلى مدينتهم فأطلقوا أسماء أحيائها وشخصياتها المشهورة ومسمياتها التاريخية على محالهم التجارية.

أما على مستوى الأكلات والحلويات السورية، فغالبا تجد نفس الأسماء التجارية التي كنت تراها في مدن سورية التي تعيش ويلات حرب مدمرة يشنها النظام الأسدي على شعبه منذ 3 سنوات ونيف.. ويمكن لمن يزور أسواق عمان مثلا أن يلحظ، ومنذ أكثر من عام، انتشارا كبيرا لتلك المسميات، فتقرأ محلات لبيع الأجبان وعندما تقرأ اسم النواعير تعرف مباشرة أن صاحب المحل من حماة، وتقرأ أيضا اسم بردى على لافتة أحد الصاغة أو اللحامين فتعرف أنه دمشقي..والطريف في الأمر أن مقهى شعبيا في منطقة وسط البلد، في وسط مدينة عمان أطلق عليه مؤخرا اسم ''قهوة الحماصنة'' لكثرة ما يرتاده يوميا من الحمصيين الذين كانوا أول من وصلوا لاجئين إلى الأردن بعد تعرض ييوتهم وأحيائهم وقبل غيرهم من أشقائهم السوريين لقصف ممنهج وعنيف من قوات الأسد.

أما على مستوى الأسماء التجارية المشهورة في سوريا فتشدك أسماء كثيرة نقلت نشاطها الصناعي والتجاري إلى الأردن بعد أن دمر جيش النظام محلاتها أو بسبب شعورها بعدم الأمان...فمثلا تجد بعض الأسماء المشهورة في دمشق بتصنيع وبيع المثلجات الشامية ''البوظة'' افتتحت فرعا لها في عمان ونقرأ على واجهة أحد المحلات اسم ''ملك حلاوة الجبن'' في إشارة إلى اسم أحد أشهر مصنعي حلاوة الجبن الحمصية بأشكالها المتنوعة.. وهذا يعرض منتوجاته الفاخرة من الحلاوة الحمصية الشهيرة بأنواعها المتنوعة.. كالحلاوة الخبزية والسمسمية والبشمينة وغيرها وذاك يبيع شراب عرق السوس والتمر الهندي.. ونرى الآخر يبيع المعجنات والمناقيش بنفس الأسماء التي كان يطلقها على محله المعروف جيدا عند زبائنه السوريين.. ولا ننسى بائعي الشعيبيات والفطائر التي اشتهر بها صانعو الحلويات السورية.

أما على مستوى التقاليد والعادات الاجتماعية السورية فقد حملها السوريون معهم أيضا إلى المكان الذي لجأوا إليه قسرا.. كما أنه وعلى الرغم من إمكانياتهم المحدودة نتيجة ظروفهم الصعبة .. إلا أنه لم تغب عن موائد العائلات السورية الأكلات التي لطالما اشتهرت بتحضيرها المرأة السورية حتى أضحى المطبخ السوري ومنذ زمن طويل واحدا من أشهر المطابخ على مستوى العالم.

.. وأخيرا وليس آخرا فسوريا مصغرة .. بكل عادات أهلها وتقاليدهم تجدها هنا.. فالسوري بطبعه إنسان ''شغيل" يقدس العمل، ولأنه كذلك فلا يمكن بإذن الله لأي ظالم أن يقهر هذا الشعب العظيم.

ترك تعليق

التعليق