عمالة سورية في السوق السوداء الأردنية

نعرف أن في بعض بلدان العالم أسواقاً سوداء للعملات الصعبة، أو للمخدرات، أو للسلع المهربة، أو أية سلع أو خدمات غير كافية لتلبية الطلب، أو مسعرة إدارياً بسعر غير واقعي مما يؤدي إلى اختفائها من السوق الرسمي والتعامل بها في السوق السوداء بسعر مرتفع للمضطرين أو للقادرين على الدفع.

الآن نتعرف على سوق سوداء جديدة للعمالة، يمكن تسميتها سوقاً غير رسمية من قبيل المجاملة، وهي الساحة التي تتحرك ضمنها العمالة السورية في الأردن هذه الأيام.

خبراء صندوق النقد الدولي لاحظوا ظاهرة غريبة وهي أن تدفق آلاف العمال السوريين إلى الأردن لم يؤثر على إحصائية العمالة الأردنية ونسبة البطالة في السوق الرسمية، وهي ظاهرة لم يصعب عليهم تفسيرها.

العمال السوريون لا ينافسون زملاءهم الأردنيين على وظائف القطاع العام، كما أن القطاع الخاص يخشى من التورط في توظيفهم خلافاً للقانون وما يعنيه ذلك من التعرض للمخالفات والغرامات.

العمالة السورية تنافس العمالة الأردنية في السوق غير الرسمي الذي لا يخضع للإحصاءات أو القوانين والأنظمة لأنه غير موجود رسمياً، ومن أمثلة ذلك بيع الخضار والفواكه على جوانب الطرق، وغسيل السيارات، وحراسة البيوت، وتوزيع الصحف، وأعمال الصيانة في المنازل، ورعاية الحدائق المنزلية. وأمثال هذه المهام البسيطة. ويعمل بعضهم كمساعد حلاق مع أنه قد يكون أمهر من معلمه، كما يعمل بعضهم الآخر في الصناعات اليدوية والمنزلية.

بالنظر لأن العمال السوريين يقبلون أي أجر، فإن الطلب عليهم وعلى منتجاتهم من السلع والخدمات متوفر. ومما يسمح بتوسع هذا النشاط أن أحداً لا يرغب أو لا يستطيع أن يشكو أو يتذمر.

العمالة التي تظهر في الإحصاءات الأردنية هي العمالة الرسمية التي تعمل في القطاعين العام والخاص، ولم تكد تتأثر بما يجري، وما زالت نسبة البطالة التي تعلنها دائرة الإحصاءات العامة مستقرة حول 5ر12%.

قد لا يكون هذا الوضع خطيراً من الناحية الاقتصادية، بل قد يخدم بعض الجهات، ولكن الخطورة تنشأ من زيادة جاذبية البلد للعمالة السورية ذلك أن توفر فرص العمل وسهولة اكتساب الدخل قد تغري بالمزيد من اللجوء تمامأً كما أغرى جواز السفر الأردني المؤقت والبطاقات الخضراء والصفراء أعدادأً كبيرة بمغادرة الضفة والقطاع.

ترك تعليق

التعليق