ماذا تعني خسارة المالكي لمعبر الوليد بالنسبة لنظام الأسد؟

يُعتبر معبر التنف السوري المقابل لمعبر الوليد العراقي، آخر المعابر التي بقيت تحت سيطرة نظام الأسد مع العراق. وكان، حتى الأمس، طريق التواصل اللوجستي والتجاري الرئيس بين الحليفين في "الهلال الشيعي"، حكومة بغداد، ونظام الأسد بدمشق.

لكن مع فقدان حكومة نوري المالكي ببغداد لمعبر الوليد العراقي، تنقطع آخر جسور التواصل البري بين طرفي "الهلال الشيعي" في سوريا والعراق. ويخسر نظام الأسد المعبر البري الوحيد الذي كان يحصل من خلاله على الدعم المادي والبشري والتجاري، من الحليف العراقي، بدفع إيراني، حتى الأمس فقط.

فمادياً وبشرياً، شهد معبر الوليد العراقي، ومقابله السوري، معبر التنف، مرور الآلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية العراقية إلى سوريا. ورغم أن قدومها جواً، مُتاح، إلا أن التواصل اللوجستي البري، يبقى أقل كلفةً، وأكثر مرونةً وسرعةً.

من جانب آخر، خسر نظام الأسد، مع فقدانه التواصل البري مع حكومة بغداد، أحد متنفساته التجارية، حيث كان يصدر جزءاً كبيراً من المنتوجات الزراعية والصناعية السورية للعراق.

وكان المسؤولون الاقتصاديون في حكومة الأسد يراهنون بشدة، في الآونة الأخيرة تحديداً، على التبادل التجاري مع العراق. خاصةً أن السوق العراقية أظهرت تقبلاً ملحوظاً للمنتوجات السورية، الزراعية منها والصناعية.

وتعدّ العراق، من أهم الشركاء التجاريين لنظام الأسد، فحسب إحصاءات ما قبل الثورة، عام 2011، كانت العراق تحوز على 18.2% من صادرات سوريا. وقد تعززت هذه الشراكة التجارية بعد الثورة، والعقوبات والتضييق الاقتصادي، الأوروبي والخليجي، الذي طال نظام الأسد. فكان جاره العراقي، بحكومته الخاضعة للهيمنة الإيرانية، متنفسه الأمثل.

وقد تجلى دور هذا المتنفس بأجلى صوره، في القرار الذي اتخذته السلطات العراقية خلال العام الماضي، والذي قضى بالسماح للشاحنات السورية بالمرور، ترانزيت، عبر أراضيها، إلى الأردن، انطلاقاً من معبر التنف السوري، مروراً بمعبر الوليد العراقي، ومن ثم عبر الأراضي العراقية، باتجاه معبر طريبيل العراقي المقابل لمعبر الكرامة الأردني. مع الإشارة إلى أن معبر طريبيل أيضاً بات تحت سيطرة المسلحين الثائرين على المالكي.

أي، وبسبب تعذر التجارة وحركة الشاحنات بين سوريا والأردن، عبر المعابر الرسمية بين البلدين، نظراً لسقوط معظم هذه المعابر تحت سيطرة الفصائل المسلحة الثائرة على الأسد، كانت خطوة العراق، بالسماح للشاحنات السورية بالمرور عبر أراضيه باتجاه الأردن، كي يحافظ نظام الأسد على تجارته المهمة مع الأردن، إلى جانب الحفاظ على تجارته المتبقية مع دول الخليج العربي، والتي تمر عبر الأراضي الأردنية. وتشير الأرقام إلى أن حصة الأردن من الصادرات السورية خلال العام 2011 بلغت 2.8%، كما يعد الأردن معبراً لتجارة الترانزيت السورية باتجاه دول الخليج العربي.

 ورغم تراجع نسب التجارة السورية مع الأردن ودول الخليج بسبب العقوبات، والأوضاع الأمنية على الحدود السورية – الأردنية، إلا أن ذلك لا ينفي أن التجارة السورية المتبقية مع الأردن، على مبدأ "بحصة تسند جرة"، ما تزال تحتفظ بأهميتها في ميزان التبادل التجاري السوري مع الدول العربية.

إذاً، مع سقوط معبر الوليد العراقي في قبضة الثائرين على المالكي، فإن نظام الأسد خسر التواصل البري اللوجستي والتجاري تماماً مع شريكه العراقي في "الهلال الشيعي" الخاضع للهيمنة الإيرانية. والأهم من ذلك، أن هذا "الهلال"، تعرض لقطعٍ لوجستي نوعي في قلبه، يجعل من حقيقة امتداد النفوذ الإيراني من طهران حتى بيروت، تتعرض للنقض في وسطها، عند محافظة الأنبار العراقية، التي قد تشكل، في المستقبل القريب، حاجزاً يمنع التواصل بين الشطر الشرقي من "الهلال الشيعي"، إيران والعراق، وبين الشطر الغربي منه، سوريا ولبنان.

ترك تعليق

التعليق